عن أبي ذر، في وصية رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم: “يا أبا ذر، اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك”. ( أمالي الطوسي ٢: ١٣٩).
ها قد انتهى العام الدراسي، بعد جهد ومثابرة واجتهاد من قبل الطلبة وذويهم والطواقم التدريسية، وحصد المجدون ثمار تعبهم بنجاحهم، لتبدأ العطلة الصيفية المرتقبة من الجميع، فهي محطة الاستراحة المؤقتة من عناء الدراسة.
وهذا يعني انه سيكون هناك وقت فراغ كبير، يحتاج ان يملئ حسب احتياج الفرد، بمعنى ان يستثمره بشكل ايجابي، لأنه إذا لم يكن كذلك سينقلب عليه فيكون شرا.
- كيف نجعل العطلة الصيفية مصدر تطوير لابنائنا؟
انا كأم حالي حال الكثير من المربين دائما في حالة قلق على أبنائي وتزداد هذه الحالة في العطلة الصيفية، رغم توقف دوامة الروتين اليومي المدرسي، وربما تتسائلون لماذا هذا القلق؟
إنه تساؤل في محله، فأنا حين اشاهد ابنتي تعاني من الكسل بسبب قلة نشاطها الحركي، اقلق كونه سيؤدي بها الى السمنة وامراضها، اقلق حين لا تفارق شاشة الهاتف وجهها ما سيسبب لها تشتيت للذهن وعدم التركيز، اقلق حين تخبرني انها تشعر بالضجر والملل، فهي لا تفعل شيء عكس ما كانت عليه أيام الدراسة حين كان جدولها مزدحم بالواجبات المدرسية وبالكاد تلتقط انفاس الراحة.
📌الابناء إذا لم يُقيدوا بمهمات توكل إليهم من قبل الأهل سوف يفعلون ما يشاءون، فينقلب عليهم شرا، من خلال انجرافهم في هوايات واعمال مؤذية لهم وللمحيطين بهم
وهنا علمت ان ابنتي تعاني من وقت فراغ قاتل لبهجة الحياة التي من المفترض ان تعيشه خلال فترة العطلة الصيفية، ماجعلني افكر في كيفية اخراجها منه؟
وبصورة غيرمباشرة سألتها: هل لديها اهتمام معين هذه الفترة حول أي شيء؟ لتفاجئني انها تود قراءة كتب وروايات حددت اسماءها مسبقا!
و عرفت ايضا اني لا افسح المجال امامها بشكل مناسب لتتعلم بعض مهارات الطبخ بداعي الحرص والخوف عليها، فأنا احرمها من تلك المتعة التي يجب ان تتعلمها عاجلا ام اجلا، فكان الحل بسيطا جدا واثمر بسرعة بأن جعلتها تشعر بالنشاط والحيوية من جديد، وذلك بالسماح لها بعمل بعض الاعمال المنزلية حتى وان اخفقت فيها، ووفرت لها الكتب التي ارادتها، وبهذه الطريقة استطعت ان اجعلها تستثمر وقتها بشيء مفيد، طور من امكانياتها وجعلها تتعرف على قدراتها المكنونة.
فالابناء إذا لم يُقيدوا بمهمات توكل إليهم من قبل الأهل سوف يفعلون ما يشاءون، فينقلب عليهم شرا، من خلال انجرافهم في هوايات واعمال مؤذية لهم وللمحيطين بهم، خصوصا إن كانوا من النوع الذي يقضي اوقاته خارج المنزل، لذا من واجب الأهل أن يضعوا جدول نشاطات يملأون به الوقت وأيضا لا يحرمون ابناءهم من هواياتهم المفضلة.
- خطوات ناجحة لاستثمار العطلة الصيفية
1- اعادة شحن الطاقة الايمانية عن طريق قراءة القرآن الكريم وكل ما يتعلق بالامور الدينية، وبذلك يطور الطالب ثقافته ويثري خزينه الفكري بمعلومات جديدة.
2- تنمية القدرات والمواهب كالرسم والاعمال الفنية اليدوية وغيرها، من خلال توفير المستلزمات اللازمة لذلك.
3- محاولة تعلم لغة جديدة، فهي ستزيد من الرصيد المعرفي وتجعله متميزاً بين اقارنه وربما تفيده مستقبلا في عمله.
4- تخصيص وقت للمطالعة في مختلف المواضيع فالثقافة العامة مطلوبة.
5- التحفيز على تقديم المساعدة في البيت من خلال تكليفه ببعض المهام، فيتعلم الاعتماد على النفس والتعاون.
6- تطوير المهارات الدراسية، فإذا كانت الكتابة أو القراءة غير ممتازة، يمكن تدريبه من جديد على الكتابة بدون أخطاء إملائية أو على تقنيات القراءة السريعة.
7- التطوع في الاعمال الخيرية والتي تسهم في صقل الخبرات الإنسانية.
8- التشجيع على اتباع عادات صحية؛ مثل ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة، والنوم بشكل منتظم، وتعلم بعض الفنون القتالية للدفاع عن النفس.
ان التخطيط الجيد والذكي للعطلة الصيفية لا يعني بالضرورة إلغاء الترفيه والمتعة، بل تضمين ذلك في البرنامج بصورة علمية صحيحة، يؤدي إلى تجديد الطاقات والاستمتاع بالوقت والاسترخاء الذي يساعد على تهيئة الطالب لجولة دراسية جديدة من الجد والاجتهاد، والتأكيد دائما أن الأوقات الضائعة تكون في حالة عدم التخطيط وباللهو، أو في التواصل غير المدروس على مواقع التواصل الاجتماعي، والإدمان على الألعاب، والشاشات والتطبيقات المختلفة.
📌ان التخطيط الجيد والذكي للعطلة الصيفية لا يعني بالضرورة إلغاء الترفيه والمتعة، بل تضمين ذلك في البرنامج بصورة علمية صحيحة
وبذلك تكون العطلة الصيفية محطة تأهيل متجددة للطلبة لا يمكن الاستغناء عنها اواهمالها بأي صورة من الصور.