تربیة و تعلیم

لماذا الصورة في الكتاب المدرسي

لا يخفى ان في المراحل المبكرة من حياة  الطفل توضع البذور الأولى لشخصيته ويتكون الإطار العام لها ويكون لها أكبر الأثر في المراحل اللاحقة، ففي مرحلة الطفولة يتسم الخيال بالقوة والجنوح، إذ نجد أن نمو العقل في هذه المرحلة يكون سريعا ويأخذ بالازدياد لذا يرتفع مستوى الإدراك الحسي لديه ويصبح أكثر دقة.

 وبناء على ذلك حرصت الجهات المعنية على خلق الجو المناسب لكي يوظف ويصرف الطفل طاقاته الكامنة من خلال تهيئة و توفير وسائل الاتصال التعليمية خاصة الكتب المدرسية، لانه مهما تعددت وسائل نقل المعرفة العلمية والثقافية والإعلامية يبقى الكتاب يمثل الوسيلة الاتصالية المثلى والهامة في ذلك لاسيما طفل اليوم.

 إذ كنا نتطلع الى مستقبل أفضل على اعتبار ان الطفولة أمل المجتمعات في  صانعة المستقبل، لان الكتاب يسمح بتنمية قدراته العقلية والجسمية ونموها في الاتجاهات الايجابية المرغوب فيها.

 فمن خلال الكتب يمكن ان نساهم في تزويد المتعلمين ليس فقط بالمعلومات و المعارف وإنما في كيفية استخدام هذه المعلومات في توسيع أفاقهم ومداركهم وتكوين الاتجاهات السليمة لديهم.

📌 من خلال الكتب يمكن ان نساهم في تزويد المتعلمين ليس فقط بالمعلومات و المعارف وإنما في كيفية استخدام هذه المعلومات في توسيع أفاقهم ومداركهم وتكوين الاتجاهات السليمة لديهم

 ولما كان الكتاب المدرسي هو الأساس في العملية التعليمية الذي لا يمكن الاستغناء عنه خاصة في المراحل الأولى من تعليم الطفل، فإن العناية بمحتوياته يشكل الخطوة الاهم التي بواسطتها نجني الفوائد المرجوة، اذ تحتل الكتب المدرسية مكانة كبيرة في العملية التربوية وتكوين الطفل، لأنها تساعده على تطوير تفكيره واكتساب المعلومات والمعارف والخبرات من خلال مجموعة من النصوص المكتوبة التي يتضمنها الكتاب، وتلك الرسائل البصرية المصورة (أي الصور) المدعمة لها، فأي كتاب يكاد لا يخلو من الصور التي تشكل دعما حسيا لنص المحتوى من تثبيت عملية الادارك لدى المتعلم وكذلك ربطه بالواقع، وهو ما أكده الكثير بأن الصورة لغة عالمية وصورة واحدة أكثر قدرة في التعبير عن ألف كلمة.

 لهذا فإن استغلالها في عملية التعليم كوسيلة اتصالية داعمة للكلمة المجردة أمرا أصبح واقعا لا يحتاج الى نقاش من حيث قدرتها على التأثير المباشر على المتعلم، ونظرا لأهميتها حرصت الهيئات المسؤولة على وضعها في الكتب المدرسية لتحقيق عدة أغراض، سلطنا الضوء على أهميتها وفائدة وجودها، لاسيما كونها الداعم الرئيسي لنص المحتوى، وهذا يكشف عن أهمية وجودها وعلاقتها بذلك، لذا لابد من التعرف على الوظيفة التعبيرية للصورة في الكتب المدرسية كونها تمثل ركنا مهما من أركان وضع المعرفة وتوصيفها بشكل حسي، ويكون ذلك من خلال التوقف على بعض المواضع التي تظهر قيمتها في الكتاب المدرسي.

  • أولا:الصورة كوسيلة تعليمية

إذ نجد ان العلمية التعليمية منذ القرن العشرين بدأت تتطور لاسيما العلوم التربوية واللغوية، وهو ما دعا الى ضرورة بروز علم جديد يهتم بهذا التطور ويدعمه فظهر مفهوم الوسائل التعليمية الذي انبثق من تضافر علوم كثيرة؛ كعلم النفس، وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم الأخرى ذات العلاقة لخدمة هذه العملية والزيادة في فاعليتها، وأمكانية تحولها من عملية تنظيرية الى عملية تطبيقية باعتبارها محل استشهاد يمكن الانتقال بالمتعلم  في الدرس من المعلومات المجردة الى المحسوسة خاصة لدى المتعلم المبتدئ.

 فالوسائل التعليمية في مجال التعلم هي  مجموعة من المواد التي تعد إعداداً حسنا، لتستثمر في إيضاح المادة التعليمية وتثبيت آثارها في أذهان المتعلمين، بحيث تستخدم مع جميع الموضوعات الدراسية التي يتلقاها المتعلمون في مختلف المراحل الدراسية.

وأيضا مما جاء في تعريفها: “بأنها أدوات حسية تعتمد على مخاطبة حواس المتعلم، خاصة حاستي البصر والسمع، والوسائل التعليمية لا تستخدم فقط كوسائل إيضاح كما هو معروف عنها، أو كمساعده على شرح فحسب، بل نجدها أكثر من ذلك وأنها جزء لا يتجزأ من عملية التعليم، فمن شانها فضلا عن ذلك المساهمة في توضيح المفاهيم الغامضة وتشخيص الحقائق والكشف عنها من خلال الحيوية التي تضيفها الى المواد الدراسية بحيث تجعلها ذات قيمة عملية وأكثر فاعلية وأقرب الى التطبيق .

  • أنواع الوسائل التعليمية

الوسائل البصرية: تضم الأدوات والطرق التي تعتمد على حاسة البصر، مثل الصور، الشرائح الخرائط، الكرات الأرضية ، اللوحات، الرسوم البيانية، النماذج، العينات، الأفلام الثابتة والمتحركة، المعارض وما أشبه.

الوسائل السمعية: تضم جميع الأدوات والوسائل التي تعتمد على حاسة السمع، وتتمثل في الأتي: الاسطوانات، أشرطة التسجيل، الإذاعة، الهاتف النقال وغيرها.

الوسائل السمعية والبصرية: تضم جميع الأدوات والمواد التي تعتمد على حاستي السمع والبصر، وتشمل الآتي: الأفلام الثابتة والمتحركة، الشرائح المصحوبة بتسجيلات صوتية، التلفاز، الحاسوب.                                            

فالوسائل التعليمية تحدد وظيفتها ودورها وأهميتها طبيعة ونوع الحاسة التي تخاطبها، وطبيعة ونوع المعلومة التي يراد توصيلها الى المتعلم، وكلما كانت المعلومات والمعارف أكثر حسية كانت أسهل فهما وأكثر تأثيرا في تحقيق الهدف الذي وضعت من اجله.

  لذا نجد أن الخبرات الحسية المباشرة وضعت في قاعدة الهرم المعرفي والرموز اللفظية والصورية أعلى مخروط الخبرة الذي وضعه العالم (أدجار ديل)، وهذا معناه أن الصورة من الوسائل التعليمية المهمة والداعمة للمعلومات والمعارف المجردة، و قد تشكل معرفة مباشرة أو تدعم المعارف الأخرى بما يحقق الإدراك الذهني لدى المتلقي أو المتعلم.

📌 تؤدي الصورة الى فهم الموضوع التعليمي دون الحاجة الى لغة لفظية

 كما تأتي أهميتها وضرورة الاهتمام بها من كونها تخاطب حاسة البصر الذي تشكل معظم نسبة التعلم لدى المتلقي من خلالها، وهو ما قد ثبت أيضا من خلال الأبحاث ان التعلم يحدث في الدماغ الى أن يجمع بدوره المعلومات عن طريق الحواس لدى الإنسان، وهذه الحواس متفاوتة في مقدرتها على جمع المعلومات كالأتي:

حاسة البصر (30%).

حاسة السمع  (20%).

حاسة الذوق (10%).

حاسمة الشم (3,5%).

حاسة اللمس (1,5%).

وهناك بعض الدراسات ..التي أعطت لحاسة البصر (75%)، بينما أعطت لحاسة السمع 13%) فقط”.

وهذا معناه  أن عرض صورة لشيء ما تكون أكثر تجريدا من عرض الشي نفسه، أو نموذج عنه، حيث الصورة أكثر واقعية من الألفاظ المجردة التي تصف ذلك الشي، ويعود تفوق الصورة في التعبير والاتصال الى أن حساسية البصر أنشط الحواس في العمليات الذهنية، أن معظم التصورات الذهنية هي تصورات بصرية، لذلك يقول المثل الصيني: “رب صورة تعادل ألف كلمة”، لذلك لابد ان تحتل مكانة بارزة في الاتصال والتعليم.           

فالاهتمام بالصورة كوسيلة تعليمية تأتي قيمتها من كونها تقدم الحقائق بصورة حسية بصرية وتمنح المتلقي بعدًاً للمقاربة بين الأبعاد، والمسافات، والأشكال، والحجوم، كما أنها تعين وبشكل فعال على التفكير الاستنتاجي وبأنماط متعددة، كما أنها تثير انفعال المشاهد وإبداء الانطباع الجديد الناشئ ومقارنته مع الخبرة السابقة، فاستعمال الصورة كوسيلة تعليمية يمكن أن تتلخص أهميتها في النقاط التالية:

  • تجسيد المعاني والخبرات اللفظية الى مادية حيث يتسنى للمتعلم إدراكها بسهولة.
  • تؤدي الى فهم الموضوع التعليمي دون الحاجة الى لغة لفظية.
  • تجذب انتباه المتعلمين وتثر اهتمامهم.
  • تساعد المتعلمين على تفسير وتذكر المعلومات المكتوبة التي ترافقها.
  • تؤدي الى التشويق وشد انتباه المتعلمين.
  • تختصر الوقت لتوضيح الأفكار والمفاهيم التي تحتاج من المعلم شرحها لفظيا.
  • تقدم مدلولات حسية تغني عن كثرة الكلام وكتابة العديد من السطور.
  • اكتساب فكرة التمثيلية على اعتبار أن الصورة ليست حقيقية، وإنما تمثيل لها.
  • تنمي مهارة الملاحظة وتزيد في تركيزها، مما يسمح بانجاز عمليات عقلية أخرى كعملية التحليل والتركيب والتقويم
  • تعود المتعلمين على ربط علاقات  مع رموز الصورة ودلالتها.
  • تؤدي الى استيعاب المفاهيم والأفكار العلميةWang, 2012) )
  • لها قيم تحفيزية على التعلم عكس العلامات اللفظية.
  • شروط استخدام الصور كوسائل تعليمية تعلّميه

عند استخدام الصورة كوسيلة تعليمية يجب أن تخضع لشروط واجب توفرها لتكون صالحة للاستخدام منها:

  • الجاذبية لأثاره الاهتمام مع ترابط عناصرها.
  • فكرتها واضحة، وخالية من الحشو والتعقيد وتكون صادقة عن الشي المصور.
  • صحة المعلومات ودقتها.
  • تشمل تفاصيل عن الشي المصور المطلوب دراسته.
  • جودة الإخراج، وتباين درجات الألوان فيها أذا كانت ملونة.
  • مهارات قراءة الصورة:

يتطلب قراءة الصورة مهارات يجب ان يتعلمها المتعلم؛ كمهارات قراءة الكلمة المكتوبة بحيث يتعلم كيف يصف المشاعر التي تظهر على تعبيرات الوجه في الصورة، ويوضح ما يربط بين مكونات الصورة من علاقات، ويصدر أحكامه عليها، وأيضا يتعلم كيف يفرق بين النقاط البعيدة والقريبة في الصورة،، وبين الموضوعات الرئيسية والفرعية التي تعرضها الصورة، معتمداً بذلك على معرفة عناصرها من لون، وحجم، ومسافة، وحركة، ودرجة حرارة وبرودة الألوان التي تتضمنها، وهذا يأتي من معرفة المتعلم لثلاثة مستويات لقراءتها وهم كالأتي:

الأول: وفيه يتعرف المتعلم الى محتويات الصورة ويذكر أسماء كل من هذه المحتويات.

الثاني: يحدد بعض التفاصيل الموجودة في الصورة ويصف ما يراه.

الثالث: يستخلص الأحكام حول الأشياء أو الأشخاص المتوافرة في الصورة، فيربط بين الماضي والحار والمستقبل، بالإضافة الى تفسير ما يشاهده في ضوء خبراته التعليمية.           

ومن هذا نفهم الصورة تمثل وسيلة تعليمية مهمة تحقق الإدراك والفهم شأنها في ذلك شأن الكلمة المكتوبة معتمدة على قدرتها التعبيرية في إيصال المعاني والأفكار والأحاسيس، ويتوقف ذلك على فهمها ومدى مناسبتها للمستوى الذهني للمتعلمين وعلى مدى قدرتهم في قراءتها، فضلا عندما يجب ان تحققه من  وحدة تكاملية مع المحتوى المقدم بواسطتها كونها تمثل وسيلة تعتمد على حاسة البصر الذي يشكل النسبة الأعلى كمدخل للتعلم.

  • المصادر:
  1. جابر، و.( 2002)، تدريس اللغة العربية، ط1، عمان – الأردن، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
  2. شحاته، ح.( 2000) تعليم اللغة العربية، ط4، القاهرة – مصر، دار المصرية اللبنانية.
  3. قطيط،غ.( 2015) تقنيات التعلم والتعليم الحديثة، ط1، عمان- الأردن، دار الثقافة للنشر والتوزيع.
  4. الحيلة، م.( 1998) تكنولوجيا التعليم بين النظرية والتنظير، ط4، عمان- الأردن، دار المسيرة للنشر والتوزيع.
  5. الشنطي ،ع.( 2011) التوافق بين ثقافتي الصورة والكلمة كمعيار الجودة،(رسالة ماجستير)، غزة ، جامعة الأزهر.
  6. سليمان، ن.( 2003) تصميم وإنتاج الوسائل التعليمية، ط2، عمان- الأردن ، دار صفاء للنشر والتوزيع.

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

اترك تعليقا