مناسبات

عقائق وليس عقيقة في مولده الشريف

والعقيقة واحدة، للذكر ذكر، وللأنثى أنثى، وأما عقيقة الامام الحسن العسكري لولده الامام محمد َّبن الحسن المهدي، عجل الله ـ تعالى ـ فرجه الشريف، فلم تكن واحدة بل مئات.

 فعن الحسن بن المنذر عن حمزة بن أبي الفتح قال: كان يوماً جالساً فقال لي: “البشارة ولد البارحة مولود لابي محمد عليه السلام، وأمر بكتمانه، وأمر أن يعق عنه ثلاثمائة شاة(1)، فقلت: وما اسمه؟ فقال: يسمى محمد.

 و تصل بركات هذه العقيقة العظيمة وتتأكد بوصول ِخرفان منها إلى الاصحاب، مع رسائل تؤكد أنها عقيقة ولده ويسميه  لهم لتقر عيونهم بالوريث الشرعي للامامة، فيتحدث إبراهيم صاحب الامام العسكري، عليه السلام، فيقول: وجه إلي مولاي ابو محمد باربعة اكباش وكتب الي: “بسم  الله الرحمن الرحيم، هذه عن ابني محمد المهدي، و كْل هنيئا وأطعم من وجدت من شيعتنا” 

وعن محمد بن إبراهيم الكوفي: “أن أبا محمد الحسن العسكري بعث إلى بعض من سَّماه لي  شاة مذبوحة وقال: هذه من عقيقة ابني محمد”.

🔶 احتفال الامام العسكري، عليه السلام، بولده الإمام المهدي، عجل الله ـ تعالى ـ فرجه، ليس احتفالا عادياً كما يفعل البشر والناس عادة بل هو احتفاء بالمولود الرسالي

 ولم يكتف الامام العسكري، عليه السلام، بكل هذه العقائق بل أ ارد أن يوصل الخبر والبركة الى كل اتباعه وشيعته ومحبيه، ولهذا كلف أحد أصحابه الثقاة بتوزيع كمية كبيرة من الخبز واللحم على شخصيات بني هاشم ووجهاء الفئة المؤمنة وبطريقة غير مثيرة، وذلك للاستبشار بمولد الامام المنتظر.

 فقد ورد عن أبي جعفر العمري قال: لما ولد السيد (إشارة إلى الإمام المهدي) قال أبو محمد العسكري: “ابعثوا إلى أبي عمرو فبعث إليه فصار إلى الامام، فقال له الإمام العسكري، عليه السلام :”اشتر عشرة آلاف رطل خبز، وعشرة آلاف رطل لحم وفرقة حسبة على بني هاشم وعق عنه بكذا وكذا شاة“(2)

 هكذا احتفل الإمام الحسن العسكري، عليه السلام، بولده المبارك الذي انتظرته الدنيا قرونا متطاولة من أبيه آدم، عليه السلام، وحتى ولد في مدينة العسكر، وتحت الحصار والسجن العباسي، ليكون للعالمين أملاً بمستقبل العدل والقسط، والحكومة الربانية التي انتظرها الانسان منذ فجر الانسانية، وستتحقق تلك الامنية في دولة عالمية، ونظام كوني يقوم على شرع الله ويطبق بالحق والعدل بين البشر حيث تنتفي الحاجة، والفقر، والتخلف، وينتشر الخير في البلاد والعباد.

فاحتفال الامام العسكري، عليه السلام، بولده الإمام المهدي، عجل الله ـ تعالى ـ فرجه، ليس احتفالا عادياً كما يفعل البشر والناس عادة بل هو احتفاء بالمولود الرسالي، واحتفالاً بالامتداد الديني له الذي يحفظ الدين الاسلامي الحنيف، ويكون أمل الدنيا بالقسط والعدل حين تمتلئ بالظلم والجور، ويكون المصلح الاعظم حين ينتشر ويعُّم الفساد ويحكم المفسدون هذه الدنيا ويضيقونها  على أهل  الصلاح والإصلاح فيكون هو الامل بصلاح الدين والدنيا.


1- كتاب الإمام المهدي (عليه السلام) من المهد الى الظهور: ١٤٧ ـ ١٤٨.

2- المصدر نفسه: ١٤٥ ـ ١٥١

عن المؤلف

أ.د سادسة حلاوي حمود ــ جامعة واسط ــ قسم تاريخ الأندلس والمغرب

اترك تعليقا