الحديث عن طريقة التدريس هو الحديث عن الوسيلة المهمة التي يمكن للمعلم ان يوصل من خلالها المعلومات والمعارف والمفاهيم وما يتضمنه المنهج من محتوى بحسب نوع المادة الدراسية المراد تدريسها الى المتعلمين، ومن ذلك تشكل طريقة التدريس عامل مهم من العوامل التي يمكن أن تؤثر بالمنهج من جهة وبنجاح المعلم من جهة أخرى.
وقبل الحديث عن ذلك التأثير وحتى نحيط بمفهوم طريقة التدريس وأهميتها بالنسبة للعملية التعليمية لابد ان نقف على بعض من التعريفات التي عرفت بها: “فهي كل فعالية يخطط لها المعلم ويقوم بتنفيذها بقصد تعليم المتعلم وأحداث تغيير في سلوكه باتجاه تحقيق أهداف سلوكية قابلة للملاحظة والقياس”.
وتعد طرائق التدريس بكونها جميع الإجراءات التي يقوم بها المعلم والمتعلم داخل الصف وخارجه بهدف اكتساب الخبرات المربية كما عرفت: بأنها الإجراءات التي يتبعها المدرس لمساعدة المتعلمين على تحقيق الأهداف وقد تكون هذه الإجراءات تخطيط مشروع أو أثارة مشكلة ما مناقشات أو توجيهات أسئلة أثرائية وغيرها من الإجراءات، أو هي الأداة أو الكيفية التي يستخدمها المدرس في أيصال محتوى المنهج للمتعلمين أثناء قيامه بالعملية التدريسية.
وبالنظر الى ذلك نجد ان طريقة التدريس ليست ثابتة بل أنها متنوعة ويرجع ذلك التنوع الى طبيعة المادة الدراسية والمرحلة العمرية التي يتصف بها المتعلمون وكذلك أمكانية المعلم باختيار ما يراه مناسبا منها فضلا عن البيئة التعليمية وما تتميز به، لذلك نجد أن لطرائق وفقا للمفهوم الحديث خصائص متعدد منها ملائمة طرائق التدريس لطبيعة مادة الدرس وأهدافه والقدرات العقلية للطلبة وحاجاتهم وميولهم وكذلك يتحدد كفاءة ونجاح أي طريقة تدريسية في ضوء فعالياتها بإحداث التعلم المطلوب لدى المتعلمين.
وهذا ان دل على شي أنما يدل على ان طريقة توصيل المعلومات لا يكون اعتباطا بل مبني على وفق العوامل التي تحدد نوع طريقة التدريس من غيرها وقد يكون تأثير هذه العوامل أجراء معين من إجراءات هذه الطريقة أو قد يكون تأثيرها بشكل أجمالي ومن ذلك نجد المهتمين بهذا المجال قد حددوا العوامل التي تؤثر في اختيار طريقة التدريس وبشكل أكثر تفصيلا يمكن ان ندرج ذلك وفق الأتي:
- أهداف الدرس: ان طريقة التدريس المستعملة هي الأداة الخاصة بالمدرس لبلوغ أهداف الدرس فإذا كان الهدف من تدريس الجغرافيا على سبيل المثال هو معرفة حقائق معينة عن مناخ قارة أوربا في الشتاء والصيف، فإن طريقته ستختلف عن معلم أخر يهدف من هذا الدرس مقارنة مناخ قارة أوربا بقارة أسيا أو الاستنتاج أو الخروج بتعميمات.
لذلك من الضروري تحديد الأهداف لكل درس في أطار الموضوع تحديدا واضحا ودقيقا، مما يساعد على تحديد طريقة التدريس وتحديد عناصرها بدقة وموضوعية وهذا يبين لنا أن المعلم الناجح لا يلتزم بطريقة تدريسية واحدة.
- 2- مستوى المتعلمين: أن الطريقة التدريسية قد تكون مناسبة للتدريس في المرحلة الابتدائية بينما لا تصلح تلك الطريقة للتدريس في المتوسطة والثانوية، فضلا عن ذلك فإن الطريقة التي تصلح في صف تدريسي معين قد لا تصلح في صف دراسي من نفس الصف الدراسي، فلكل طالب خبراته السابقة وقدراته المميزة ومستوى نضجه مما يفرض اختلاف طريقة التدريس في صف دراسي ما عن غيره من الصفوف الدراسية.
- تنظيم المنهج: أن أسلوب المنهج مسئولا عن الطرائق التدريسية التي يستعملها المدرس في أثناء التدريس، فإذا كان المنهج منظما على أساس المشكلات في تدريس مادة علمية فإن الطريقة المتبعة في التدريس يجب ان يستعمل طريقة حل المشكلات بخطواتها العلمية، أما أذا كان المنهج منظما على أساس مواد دراسية منفصلة فذلك يفرض على المدرس أن يعتمد في معظم تدريسه على الإلقاء وعدم مراعاة نشاط الطلبة وحاجاتهم وميولهم ومشكلاتهم.
- التقنيات والوسائل التربوية : كثيراً ما تؤدي قلة التقنيات والوسائل التربوية وتنوعها في المدرسة الى الحيلولة دون استعمال طريقة تدريسية معينة لذا فيجد المدرس نفسه مضطرا لأتباع طريقة تدريسية لا تتطلب تقنية أو وسيلة تربوية، وهذا يؤدي الى تعطيل جهود المدرس الناجح وفقدان الاهتمام بالعملية التعليمية.
فتأثير هذه العوامل على اختيار طريقة التدريس تفسر لنا مدى أهميتها بالنسبة للمنهج الذي يعتمد بدوره أيضا على العوامل ذاتها ومن ذلك يمكن ان نكشف عن تأثير طرائق التدريس بالنسبة الى المنهج من خلال بيان جودتها التي تتطلب:
أولا: ابتعادها عن الإلقاء والتلقين لأنهما يتعاملان مع ادنى مستوى من مستويات الإدراك العقلي.
ثانيا: أثارتهما أفكار الطلبة ودافعيتهم نحو التعلم وذلك التأسيس الى مشاركة فعالة بين أطراف العملية التعليمية التدريسية.
ثالثا: اهتمامها بالتفاعل الايجابي بين المدرس والطلبة وبين الطلبة والمنهج وبين أنفسهم بحيث يكون للطلبة المحور فيها.
رابعا: اهتمامها بتطبيق المعارف والمهارات والاستفادة منها في مواقف جديدة.
خامسا: تشجيعها التعلم الذاتي وتنمية الميل لدى الطلبة للاعتماد على أنفسهم في التعلم.
سادسا: حسن استثمارها للوقت وتوفير الجهد المبذول والكلفة.
سابعا: توظيفها التقنيات التربوية الحديثة واستثمارها في التعليم بطريقة تتسم بالجودة.
أما بالنسبة الى بيان تأثير طرائق التدريس على نجاح المعلم فيكون من خلال معرفة الدور والأهمية التي تحتلها طرائق التدريس في العلمية التعليمية لاسيما ونحن قلنا ان توصيل المعلومات الى الآخرين لا يكون إلا من خلال النظرة الشاملة والخاصة لكل متعلم فضلا عن طبيعة المادة الدراسية المقدمة وهو ما نادت به التوصيات الحديثة في التعليم الأخذ بالاعتبار الفروق الفردية بين المتعلمين.
فضلا عنصر التشويق أو التنوع الذي يمن عدم رتابة الموقف التعليمي ومن ذلك نجد أن تنوع طرائق التدريس كثير وجاءت مسمياتها بحسب طبيعة الإجراءات التي تقدمها والحديث عن هذه الطرائق بخصوصياتها يحتاج الى مساحة كافية والى بيان خاص ومستقل لكل طريقة ونتيجة.
هذا التنوع الذي فرضته النظرة الفكرية المتنامية هناك من قسمها الى طرائق تدريس تقليدية وطرائق تدريس حديثة فطريقة التدريس مهمة بالنسبة الى المعلم كونها تمثل وسيلة المنهج الذي يعد بدوره وسيلة التربية وسبيلها في تحقيق أهدافها.
وعلى الرغم مما لطرائق التدريس من أهمية إلا أنها مازالت في مدارسنا تحتاج الى العناية والتطبيق الفعلي في الصف الدراسي رغم التقدم الهائل في هذه الطرائق التدريسية وقد يرجع ذلك بصفة خاصة الى بعض العوامل كاعتقاد بعض المعلمين أن تدريس بعض المواد في نظرهم إلا بسرد المعلومات والحقائق سواء أكانت جغرافية أو تاريخية أو أدبية، من جانبهم والحفظ والتسميع من جانب الطلبة.
والبعض الآخر يعتقد أن المدرس أذا ألمَّ بالمادة ألماما كافيا فأنه لن يجد أي صعوبة في أساليب تدريسها، وهذا اعتقاد خاطئ، فالإلمام شيء والقدرة على تدريسها شيئا آخر.
ومن ذلك يجب بدورنا كمعلمين أن نهتم الاهتمام الكامل بمفهوم طرائق التدريس والاطلاع الشامل على كل الطرق التدريسية المختلفة ومعرفة أسسها التي انطلقت منها لنكون على دراية وعلم بكل خطوة نخطوها في سبيل تحقيق المنهج لنضمن عملية تعليمية منظمة ومقصودة وغير عشوائية.
المصادر:
- الكناني، ماجد نافع والكتاني، فراس علي، طرائق تدريس التربية الفنية، مؤسسة مصر مرتضى للكتاب العراقي، بيروت- لبنان، 2012.
- المسعودي، محمد حميد مهدي وآخرون، المناهج وطرائق التدريس في ميزان التدريس، دار الرضوان للنشر والتوزيع، ط1، عمان، 2015.