تربیة و تعلیم

المنهج التربوي للطفل ..السيدة الزهراء إنموذجا

تعد مهمة التربية من الوظائف الحساسة التي يتحملها الوالدين تجاه ابنائهم وخصوصا المرأة، إذ أنها تضطلع بهمام تربية الاطفال بشكل كبير، ولما كانت تربية الابناء ذات أهمية كبيرة، لم يهمل الإسلام هذا الجانب، حيث أن تربية الاطفال وتنشئتهم لا يعود بالنفع والفلاح عليهم وعلى اسرهم وحسب، بل تمتد آثار التربية الصالحة الى المجتمع، لأن العائلة هي النواة الاساسية للمجتمع.

السيدة الزهراء عليها السلام، مثلت النموذج الاسمى في تربية الطفل، حيث أنها كانت ربيبة الوحي الالهي، وبنت خاتم الأنبياء، صلى الله عليه وآله، ولم تغفل عن تأثير التربية، ابتداءً من تغذيته من لبن أمه، الى السلوك والافعال، والاقوال، ولذا قدمت الزهراء، صورة حيّة ومتحركة عن التربية التي يريدها الاسلام، وتكون هذه التربية منهجا يحتذى به عند الاجيال اللاحقة.

إن هناك فرقاً بين الأمرين؛ أن نحطم كرامة الطفل وشخصيته منذ الصغر، أو نربية على الكرامة والاحترام

بيت الزهراء، عليها السلام، كان مدرسة تربية متكاملة للطفل المسلم، فالمديرة هي فاطمة، والمعاون، هو أمير المؤمنين، عليه السلام، الرجل الثاني في الاسلام، وبإشراف مباشر من الرسول الأكرم، صلى الله عليه وآله، وكانت المنهج المقرر في هذه المدرسة هو الوحي المنزل من رب العالمين، وكان خريجو هذه المدرسة هم خير قدوة للبشرية جمعا.

منهج المدرسة الفاطمية

اعتمدت السيدة الزهراء، عليها السلام، منهجا خاص في تربية الاطفال وهي كالتالي:

أولا: بث الحب والمودة

 الحب والحنان من الحاجات الضرورية في تربية الطفل، وكانت السيدة الزهراء، عليها السلام، تطبق هذا المنهج بدقة عالية، روي عن جابر أنه قال: “لما حملت فاطمة بالحسن فولدت، وقد كان النبي، صلى الله عليه وآله، أمرهم أن يلفوه في خرقة بيضاء، فلفوه في صفراء، فجاء النبي فأخذه وقلبه، وأدخل لسانه في فيه، فجعل الحسن يمصه، ثم قال لهم رسول الله، صلى الله عليه وآله: ألم اتقدم اليكم ان لا تلفوه في خرقة صفراء، فدعا رسول الله، بخرقة بيضاء فلفه فيها ورمى بالصفراء. ولما ولد الحسين، جاء النبي، ففعل كما فعل بالحسن، عليهما السلام”. (بحار الانوارج43، ص240).

ومما يؤسف له أن بعض العوائل اليوم، تحرم اطفالها من الحب والحنان لاسباب كثيرة، منها الانشغال بالوظيفة، او قضى الوقت الكثير تصفحا في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يؤثر على شخصية الطفل، فتراه خجولا، ومنعزلا، وحين يكبر يحاول تعويض ذلك النقص بارتكاب الجرائم في المجتمع، الذي حرمه من الحب والحنان والعطف الرقيق.

تلعب تنمية شخصي الطفل دورا أساسيا ومحورياً في بناء شخصيته، ولذا يجب أن ينشأ الطفل على الثقة بالنفس والاحترام، وعلو الهمة

كان رسول الله، صلى الله عليه وآله، ذات يوم يقبّل الحسن والحسين، عليهما السلام، فقال الاقرع بن حابس: إن لي عشرة، ما قبلت واحدا منهم قط. فغضب رسول الله، حتى التمع لونه، وقال للرجل: إن كان الله قد نزع الرحمة من قبلك فما اصنع بك من لا يرحم صغيرنا ولا يعزز كبيرنا فليس منا”.(بحار الانوار؛ ج43؛ 383).

فالقبلات الصادقة والمحبة العميقة الصافية، تزرع في الطفل بذور الخير والعادات الطيبة، وتفتح أمامه آفاق النشاط الاجتماعي، والتعاون وخدمة الناس، وتمنحه السعادة، وتخرجه من الإعتزال والهروب من الواقع.

ثانيا: تنمية الشخصية:

تلعب تنمية شخصي الطفل دورا أساسيا ومحورياً في بناء شخصيته، ولذا يجب أن ينشأ الطفل على الثقة بالنفس والاحترام، وعلو الهمة، ويشعر بشخصيته وكينونته، “فأنت يا أيتها الأم الصالحة إذا أردتِ أن يصبح ابنك صالحا وسيداً لقومه فما عليك إلا أن تكرمي مثواه، دون أن تعالجي أموره بالضرب والقوة وكيل الإهانات له، أما إذا أردتِ أن يكون ذليلاً ومستضعفاً تلاحقه المشاكل وتحاصره الازمات، فلكِ أن تحطمي كرامته وتهيني شخصيته ثم تنظري ماذا سيحدث ويكون!

 إن هناك فرقاً بين الأمرين؛ أن نحطم كرامة الطفل وشخصيته منذ الصغر، أو نربية على الكرامة والاحترام”.(المرجع المدرسي؛ معالم التربية الإسلامية).

ثالثا: الايمان والتقوى:

لقن الرسول الأكرم، صلى الله عليه وآله، التعاليم الدينية في بيت الزهراء، عليها السلام، منذ اللحظات الأولى للطفولة والرضاعة، فعندما ولد الإمام الحسن، عليه السلام، أذّن في أُذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، وكذا فعل رسول الله، عندما ولد الإمام الحسين، عليه السلام.

ومن الأهمية أن تلتفت العوائل المؤمنة الى هذا الجانب المهم، فهو الذي يصوغ شخصية الطفل على المبادئ والفضائل، فإذا تربى الطفل في أجواء ايمانية، فإن من شأن ذلك أن ينمي التقوى في روحه، وكتب الادعية والمناسبات الدينية لم تدع وقتا أو زمانا معينا إلا وخصصت له ادعية ومناجاة، فمن الجيد أن تخصص العائلة وقتا لتلاوة القرآن الكريم، وقراءة دعاء التوسل ـ مثلا ـ، وحديث الكساء وما شابه.

عن المؤلف

إيمان عبد الأمير

اترك تعليقا