إن النظرة الحديثة للتدريس تلغى ما كان سائدا عنه قديما، فلم تعد عملية نقل المعلومات هي المهمة الوحيدة للتدريس، ولكنه نشاط مخطط يهدف الى تحقيق نواتج تعليمية مرغوبة لدى المتعلمين، حيث يقوم المعلم بتخطيط وإدارة هذا النشاط، وبالتالي أصبح للمعلم والمتعلم أدوارا جديدة وفق النظرة الحديثة للتدريس.
فالمعلم لن يقتصر عمله على إلقاء المعلومات، والمتعلمين لن يقتصر دورهم على حفظ تلك المعلومات استعداد لتسميعها، ومن هنا تعد الأساليب التدريسية أحدى الركائز الأساسية لعملية التدريس، لأنه لا يعتبر مجرد وظيفة يقوم بها كل من سولت له نفسه لاختيارها بل هو عملية تصميم مشروع متعدد الجوانب له حدود ومرتكزات معلومة ترتبط مباشرة مع خصوصيات تلك الفئة التي تقوم بتدريبها.
ولهذا فأن فهم هذه الخصوصيات والعوامل المؤثرة في عملية التدريس تعتبر من بين القواعد الأساسية، التي يجب على العاملين في ميدان التدريس معرفتها وتفهم مختلف الفقرات التي تتخذ من اجلها القرارات لبناء أساليب التدريس، وبما ان التدريس يعتبر همزة الوصل ين المتعلم ومكونات المنهج، يمكن ان نقول أن أساليب التدريس تعتبر من أهم مكونات المنهج الأساسية، لأن الأهداف التعليمية والمحتوى الذي يختاره المختصون في المناهج لا يمكن تقويمها ألا بواسطة المعلم والأساليب التي يتبعها في تدريسه.
لأن أساس الترغيب والترهيب يقوم على الأسلوب الذي يقدم فيه المعلم طريقة تدريسه، ومن ذلك اختلفت الأساليب التدريسية من معلم الى آخر وبذلك تعددت أنواعها، فالوقوف على فهم أساليب التدريس بشكل تفصيلي وإلمام شامل هو بمثابة الرصيد النافع والحقيقي لعملية التدريس بالنسبة للمعلم أو من يقوم بعملية التدريس، ومما جاء في تعريف الأسلوب بصفة عامة يمثل طريقة التعبير عن الأفكار والقضايا والمشاعر، وهو مرتبط بطرقة التفكير وبالموضوع الذي نعالجه.
أما أسلوب التدريس فهناك من عرفه على انه الكيفية التي تنظم بها المعلومات والمواقف والخبرات التربوية التي تقدم للمتعلم وتعرض عليه ويعيشها لتتحقق لديه أهداف الدرس، وأيضا عرف على انه مجوعة الأنماط التدريسية الخاصة بالمعلم والمفضلة لديه وهو يختلف من معلم الى آخر وان استخدما طريقة تدريس واحدة وهو يرتبط ارتباطا مباشرا بخصائص المعلم الشخصية وقد يكون مباشرا أو غير مباشر، متسلطا أو ديمقراطيا، مادحا أو ناقدا.
وكذلك يمثل الإجراءات التي يتخذها المعلم في تنفيذ طريقة من طرق التدريس من اجل تحقيق الأهداف التعليمية مستعينا بوسيلة من الوسائل التعليمية المناسبة.
ومن مجموع التعاريف نجد ان أسلوب التدريس يختلف عن طريقة التدريس لأن طريقة التدريس مما جاء في تعريفها على أنها تعبيرا عن مجموعة الأنشطة والإجراءات التي يقوم بها المدرس والتي تبدو أثارها على ما يتعلمه التلاميذ، وهذا يعني ان الأسلوب هو الكيفية التي تقدم بها طريقة التدريس، وان الطريقة هي مجموعة من الأساليب والأسلوب مجموعة قواعد أو ضوابط وقرارات وان القاعدة والضابط هو ما يقوم به فاعل الفعل، أذاً عندما نتكلم عن الطريقة يجب ان نحدد الأسلوب أو الأساليب التي تتماشى مع هذه الطريقة بحيث تتمكن من بلوغ الأهداف المرجوة.
إن فهم الخصوصيات والعوامل المؤثرة في عملية التدريس تعتبر من بين القواعد الأساسية، التي يجب على العاملين في ميدان التدريس معرفتها وتفهم مختلف الفقرات التي تتخذ من اجلها القرارات لبناء أساليب التدريس
إن أساليب التدريس ليست محكمة الخطوات، كما أنها لا تسير وفقا لشروط أو معايير محددة، فأسلوب التدريس كما سبق ان بينا يرتبط بصورة أساسية بشخصية المعلم وسماته وخصائصه ومن هذا نجد لأسلوب التدريس أنواع مختلفة والتي سنقف على بيان كل نوع من هذه الأنواع :
- أساليب التدريس المباشرة: تمثل ذلك النوع من أساليب التدريس الذي يتكون من أراء وأفكار المعلم الذاتية (الخاصة)، وهو يقوم توجيه عمل المتعلم ونقد سلوكه، ويعد هذا الأسلوب من الأساليب التي تبرز استخدام المعلم للسلطة داخل الفصل الدراسي. ونجد ان المعلم في هذا الأسلوب يسعى الى تزويد المتعلمين بالخبرات والمهارات التعليمية التي يرى هو أنها مناسبة، كما يقوم بتقويم مستويات تحصيلهم وفقا لاختبارات محددة، ويبدو ان هذا الأسلوب يتلاءم مع (طريقة المحاضرة وطريقة المناقشة المقيدة والاستجواب والعصف الذهني).
- أسلوب التدريس غير المباشر: والذي يعرف بأنه الأسلوب الذي يتمثل في امتصاص آراء وأفكار المتعلمين مع تشجيع واضح من قبل المعلم لأرائهم في العملية التعليمية، وكذلك قبول مشاعرهم. في هذا الأسلوب المعلم يسعى الى التعرف على آراء ومشكلات المتعلمين، ويحاول تمثيلها، ثم يدعو المتعلمين الى المشاركة في دراسة هذه الآراء والمشكلات ووضع الحلول المناسبة لها ومن الطرق التي يستخدم معها هذا الأسلوب (طريقة حل المشكلات وطريقة الاكتشاف الموجه وطريقة المشروع والتعلم التعاوني).
- أسلوب التدريس القائم على المدح: أن أسلوب التدريس الذي يراعي المدح المعتدل يكون له تأثير موجب على التحصيل لدى المتعلمين، حيث وجدت ان كلمة صح، ممتاز شكرا لك ترتبط بنمو تحصيل المتعلمين.
كما أوضحت بعض الدراسات ان هناك تأثيرا لنقد المعلم على تحصيل المتعلمين فقد تبين أن الإفراط في النقد من قبل المعلم يؤدي لانخفاض في التحصيل لدى المتعلمين، وهذا الأسلوب يرتبط بإستراتيجية استخدام الثواب والعقاب.
- أسلوب القائم على التغذية الراجعة: والذي أكدت فيه بعض الدراسات على أن أسلوب التدريس القائم على التغذية الراجعة له تأثير على تحصيل المتعلمين، ومن مميزات هذا الأسلوب أن يوضح للمتعلم مستويات تقدمه ونموه التحصيلي بصورة متتابعة وذلك من خلال تحديده لجوانب القوة في ذلك التحصيل وبيان الكيفية التي تستطيع بها تنمية مستويات تحصيله، وهذا الأسلوب يعد أبرز الأساليب التي تتبع في طرق التعلم الذاتي والفردي.
- أساليب التدريس القائمة على تنوع وتكرار الأسئلة: أيضا أكدت بعض الدراسات العلاقة بين أسلوب التدريس القائم على نوع معين من الأسئلة وتحصيل المتعلمين، حيث تكرار أعطاء الأسئلة للمتعلمين يرتبط بنمو التحصيل لديهم، فقد توصلت إحدى هذه الدراسات الى ان تكرار الإجابة الصحيحة يرتبط ارتباطا موجبا بتحصيل التلميذ.
- أساليب التدريس القائمة على وضوح العرض أو التقديم: الذي يعني عرض المعلم لمادته العلمية بشكل واضح يمكن للمتعلمين من استيعابها.
- أسلوب التدريس القائمة على التنافس الفردي: اي بمعنى هناك تأثيرا لاستخدام المعلم للتنافس الفردي كليا للأداء النسبي بين المتعلمين وتحصيلهم الدراسي، ومن الطرق المناسبة لاستخدام هذا الأسلوب طرق التعلم الذاتي.
- أسلوب التدريس الحماسي للمعلم: أن حماس المعلم باعتباره أسلوب من أساليب التدريس يساعد على مستوى تحصيل المتعلمين، اذ أظهرت معظم الدراسات أن حماس المعلم يرتبط بتحصيل المتعلمين.
أكدت بعض الدراسات العلاقة بين أسلوب التدريس القائم على نوع معين من الأسئلة وتحصيل المتعلمين، حيث تكرار أعطاء الأسئلة للمتعلمين يرتبط بنمو التحصيل لديهم، فقد توصلت إحدى هذه الدراسات الى ان تكرار الإجابة الصحيحة يرتبط ارتباطا موجبا بتحصيل التلميذ
وأسلوب التدريس لاياتي اعتباطا بقدر مايكون لهذا الاسلوب من مواصفات تجعله ناجحا في عملية التدريس ومن هذه المواصفات هي يجب ان يترك للمعلم حرية اختيار الطريقة أو الأسلوب المناسب حسب رؤيته هو وتقديره للموقف وكذلك يكون الأسلوب متمشيا مع نتائج بحوث التربية، وعلم النفس الحديث والتي تؤكد على مشاركة المتعلمين في النشاط داخل الحجرة الصفية. وان الطريقة التي يتبعها المعلم متمشية مع أهداف التربية التي ارتضاها المجتمع، ومع أهداف المادة الدراسية التي يقوم المعلم بتدريسها وكذلك يضع بالاعتبار مستوى نمو المتعلمين ودرجة وعيهم، وأنواع الخبرات التعليمية التي مروا بها من قبل. وان يراعي للفروق الفردية بين المتعلمين، فأن المعلم اللماح يستطيع ان يستخدم أكثر من أسلوب في أداء الدرس الواحد، بحيث يتلاءم كل أسلوب مع مجموعة من المتعلمين مع مراعاة العنصر الزمني، وعدد المتعلمين الذين يضمهم الفصل الدراسي حيث أن التدريس لعدد محدود منهم قد يتيح للمعلم أن يستخدم أسلوب المناقشة والحوار دون عناء.
ومن هذا نفهم ان أسلوب التدريس يمثل ركنا مهما من أركان شخصية المعلم بل يمكن ان نقول انه يمثل الوسط الذي يحدد طبيعة المعلومات والكيفية التي يؤثر فيها بالمتعلم فهو حالة من الحالات التي تحدد انجذاب المتعلمين من تنافرهم الى المعلومات والمعارف التي يتلقونها ومن ذلك يكون أسلوب التدريس مفهوما ثقافيا مهما يشكل عرضه على المعلمين ضرورة ملحة كخطوة في تعديل وتطوير ودعم السلوك الصحيح الذي يشكل شخصية المعلم الناجح.
——————————————
المصادر:
- التميمي، عواد جاسم محمد، طرائق التدريس العامة (المألوف والمستحدث)، دار الحوراء، بغداد- العراق، 2010.
- شعلان، محمد و ناجي، فاطمة سامي، أساليب التدريس لطفل الروضة، دار الكتاب الحديث، ط1، القاهرة، 2010.
- قمبر، محمد، طرائق وأساليب التعليم، جامعة قطر، 1988.
- هندي، صالح ذياب و عليات، هشام عامر، دراسات في المناهج والأساليب العامة، ط7، دار الفكر العربي، 1999.
- مصطفى، عفاف عثمان عثمان، استراتيجيات التدريس الفعال، دار الوفاء للطباعة والنشر، ط1، الإسكندرية – مصر، 2014.