تمثل الزيارة الاربعينية للإمام الحسين عليه السلام في العشرين من صفر سنويا، فرصة متجددة لبناء صورة إيجابية عن قضيتين مهتمين؛ القضية الاولى هي ثورة الامام عليه السلام وما قدمه في سبيل الله من دماء زكية طاهرة من أولاد و اخوة وأصحاب، وسبي للأطفال والنساء على يد اعتدى الدكتاتوريات الفاسدة ظلماً وجبروت ، وعلى اثر ذلك تشكل الخطاب الاعلامي الحسيني الصادق متمثلاً بالسيدة زينب الكبرى والامام زين العابدين عليهما السلام بعد معركة الطف الخالدة في مجالس الطغاة في الكوفة والشام ، لتستمر القضية الحسينية عبر الزمان والمكان مشعلاً للحرية وقدوة للأحرار وعمقاً تاريخيا لم تستطع الحكومات والطغاة من طمسه أو النيل منه .
أما القضية الثانية فتخص العراق دولة وشعب تشرفت أرضه باحتضان المراقد المقدسة للأهل البيت عليهم في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة وبغداد وسامراء والكوفة وباقي مدن العراق، وما حمله هذا الشرف من بركات متواصلة على مر الازمان في أن يكون العراق، وتحديداً كربلاء المقدسة، فهي محط أنظار الجميع لأكبر تجمع بشري، وما وصفه الاعلام الدولي بأنه أكبر حج إسلامي معاصر يفوق الحج الى بيت الله الحرام في مكة المكرمة .
لقد استقر الكرم الحسيني في ضمير محبي اهل البيت عليهم السلام لشعب معطاء ومضحي ومدافع عن الارض والعرض، في مواجه أعتدى هجمة ارهابية أرادت النيل من مقدساته وقطع طريق الزيارة الاربعينية وانهاء الشعائر الحسينية
لقد استقر الكرم الحسيني في ضمير محبي اهل البيت عليهم السلام لشعب معطاء ومضحي ومدافع عن الارض والعرض، في مواجه أعتدى هجمة ارهابية أرادت النيل من مقدساته وقطع طريق الزيارة الاربعينية وانهاء الشعائر الحسينية، إلا أنه هذه التحديات لم تزد المواليين إلا عزيمة وثبات على مواصلة العطاء والخدمة، فالآف المواكب منتشرة على امتداد الطرق تقدم أفضل الخدمات للزائرين من مأكل ومشرب ومنام وخدمات أخرى، تجاورها صور الشهداء الذين افنوا حياتهم في حب وخدمة الامام الحسين عليه السلام وزائريه وختموها بنيل الشهادة دفاعا عن الوطن والمقدسات ، يساندهم جهد أمني وصحي وخدمي استثنائي تسخر له كل إمكانات الدولة .
وفي العودة الى الوراء قليلاً نجد أن المواكب الحسينية لم يقتصر عملها فقط لخدمة زائري الامام الحسين عليه السلام فحسب، بل أمتد الى أبعد من ذلك فمع تفشي جائحة وباء (كورونا) وتمديد حظر التجوال في جميع المحافظات العراقية، بحسب توجيهات خلية الأزمة الصحية المركزية، ومع دعوة المرجعية الدينية العليا للتكافل الاجتماعي، بادر أصحاب الهيئات والمواكب الحسينية لتحويل الأموال التي خصصت لتقديم الطعام لزائري المراقد المقدسة خلال زيارة النصف من شعبان المباركة، لدعم الفقراء والمحتاجين وذوي الدخل المحدود، الذين تضرروا بفعل الإجراءات الوقائية، وهذا ليس بالغريب فنفس هذه المواكب اقامت مجالس العزاء وقدمت الخدمات للمجاهدين والقوات المسلحة والحشد الشعبي، في سواتر القتال ضد الدواعش بعد عام 2014، وامتدت هذه الخدمة لتشمل العوائل النازحة بفعل العمليات العسكرية ومعارك التحرير دون النظر للطائفة، او الدين أو القومية، إنما انطلاقاً من كون القضية الحسينية هي قضية الدفاع عن الحرية وحقوق الانسان ومواجهه الطغاة .
لابد من السعي الى زيادة التثقيف التربوي والاعلامي للمجتمع بأهمية التكاتف والتلاحم لمواجه المخاطر والتحديات التي تواجه العراق سياسيا وأمنياً واقتصاديا وحتى عقائدياً
ومع استمرار الزحف المليوني نحو قبلة الاحرار بالتوازي مع زيادة عدد المواكب الحسينية التي وصل عددها بحسب أخر تصريح لمسؤول في العتبة الحسينية المقدسة الى 32 الف موكب بزيادة 120 موكب عن العام السابق رغم تفشي جائحة كورونا .
في تقديري المتواضع يجب علينا كشعب ودولة أن نستثمر القضية الحسينية والزيارة الاربعينية ليس لوقت محدد بل يمتد الى مدار العام بالتأكيد على المقترحات الاتية :
1ـ زيادة الدعم للمؤسسات الصحية في مواجهه الوباء والاثار الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عنه .
2ـ السعي الى زيادة التثقيف التربوي والاعلامي للمجتمع بأهمية التكاتف والتلاحم لمواجه المخاطر والتحديات التي تواجه العراق سياسيا وأمنياً واقتصاديا وحتى عقائدياً.
3– أهمية أن تدعم الهيئات والمواكب الحسينية جهود بناء أو أعادة المدارس، وخاصة في المناطق الفقيرة والمحرومة من اجل القضاء على الامية، التي هي سلاح الاعداء لإضعاف العراق وتدميره شبابه.
إن الامام الحسين عليه السلام لم يخرج للحصول على سلطة أو تعيين أخوته أو أبنائه في مناصب عليا، وإنما خرج ليضع الإطار المناسب لإصلاح الأمة والحفاظ على دين جده وابيه عليهم الصلاة والسلام، وتعزيز مفهوم الحرية وحقوق الانسان في نفوس المؤمنين ورفض الظلم والطغيان بكل عناوينه وأشكاله، ولأجل هذا حري بنا أن نستثمر ولاية علي أبن طالب عليه السلام، وطريق الإمام الحسين عليه السلام أحسن استثمار في تهذيب النفس والتجاوز عن الصغائر والكبائر وبث روح التعاون والتصالح ومساعدة الفقير والمحتاج .