قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

الصوم سبيل الفلاح
*سيد حسن المثنى
قد منّ الله على الخلق بنعمة الصوم و جعله وقاية من الأمراض، الجسدية منها و النفسية، فكما أن الجسم يصح ويمرض ويتسامى ويتسافل كذلك النفس البشرية تصح و تمرض وتسعد وتشقى.
وكما أن الجسم يحتاج الى وقاية من الأمراض كذلك النفس البشرية بحاجة الى وقاية قبل الاصابة. والصوم كما هو حصانة للبدن، هو ايضاً حصانة للنفس، وما ورد على لسان النبي وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام عن أهمية الصوم يؤكد على ذلك: (صوموا تصحوا).
وقد أثبتت الدراسات في العلم الحديث أهمية الصوم لسلامة الجسم من الأمراض، كالأمراض الهضمية والتنفسية والعصبية وغيرها، وما يهمنا في هذا المقال، تأثير الصوم في النفس البشرية. فلاشك أن الصوم يهذب النفس وينقيها من الشوائب والهوى، فكلما كانت النفس مبتعدة عن الشهوات واللذات الدنيوية تكون في مأمن من مرضها و شقائها، وأصل الصوم العبادة وأصل العبادة الطاعة، والصوم يلبي تلك الطاعة اذ في الصوم مقاومة وعصيان للانحراف، والصوم يخالف الهوى والهوى عبادة لغير الله والصوم يلبي هدف العبادة وهو التقوى ألم يقل سبحانه وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (سورة البقرة /183).
والصوم ميزان الكرامة ألم تكن الطاعة كرامة عند الله و الناس؟! والصوم شرط في قبول الأعمال لأن التقوى شرط في قبولها.. ألم يقل جل جلاله: "إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ" (سورة المائدة /27).
والصوم شرط التقوى وبالصوم تنزل علينا بركات السماء ورضا الرحمن ناهيك عن بركات الأرض بما يفتح الله علينا من الرزق وبالصوم يكفر الله عن سيئاتنا ويجازينا بالثواب والحسنات. وبالصوم يدخل الانسان في دوام رحمة الله. و بالصوم يعرف ايمان الفرد.
فالصوم اذاً؛ دواءٌ لنفوسنا و تزكيةٌ لأبداننا فهو رحلة الى الافاق مصحوبة بالطاعة والذكر. فالأعمال الواردة فيه من أذكار وأدعية تمكننا من السير والسلوك في تزكية النفس التي هي سبيل الفلاح والفلاح هو البقاء بلا فناء والفوز بالخلاص من عذاب الله والبقاء على دوام رحمته لأن الفلاح هدف التقوى؛ قال تعالى: "فَاتَّقُواْ اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (سورة المائدة /100).
*استاذ في حوزة الامام القائم (عجل الله فرجه)