قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

التفكّر بخلق الله سبيل المعرفة الإلهية
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة إعداد / كريم الموسوي
الجهل والغفلة والكفر حجب ثلاث تمنع الانسان من الفلاح في دار الدنيا.
هذا ما اكد عليه سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي دام ظله خلال المحاضرات التي خصّها بالتدبّر في (سورة الروم)، حيث أكد على ضرورة مواجهة هذه الحجب الثلاثة حيث، شرع ببيان هذه الحجب الثلاثة وطرق محاربتها في دار الدنيا.
و في سياق حديثه قال سماحة المرجع المدرسي: قد فتح الله سبحانه وتعالى لنا ابواب معرفته، لكن واجبنا ان نقابل الجهل والغفلة، ونجهد بجميع جوانحنا من اجل ذلك.
و في اطار حديثه بين سماحته ان الغفلة حالة عامة في الدنيا، فكأن جميع الناس غافلون عن حقيقة الاخرة وقال: حينما تحدث القران عن الجهل قال "وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" وحينما تحدث عن الكفر قال: "وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ" ولكن حينما تحدث عن الغفلة قال: "وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ". فهناك كان الكلام بـ (كثيرا من الناس)، و(اكثر الناس).. اما حين التحدث عن الغفلة يقول: (و هم بالاخر هم)، وتكرار كلمة (هم)، تدل على عمومية الغفلة وشموليتها.
التفكّر طريق الخلاص
وحثّ سماحته على ضرورة التفكر في آيات الخلقة وفي النفس من اجل الخلاص من الحجب الثلاثة وقال: ربنا سبحانه وتعالى يقول: "أو لم يتفكروا في انفسهم" فيمكن من هذه الاية ان نستفيد عدة معاني:
أولاً: من اهم الطرق للخلاص من الحجب الثلاثة هي التفكر، ولكن التفكر في ماذا؟ ربنا سبحانه وتعالى يقول: "مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى" فالتفكير يكون في امرين: ان الخلق حق وأن فيه اجل مسمى، وسنتحدث عن هذا الموضوع في الليالي القادمة.
ثانياً: حينما يقول ربنا سبحانه وتعالى "أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ" فعبارة (في انفسهم) تدل على معنى دقيق، فبخلاف بعض المفسرين الذين قالوا انها تعنى ان جزء من التفكير يجب ان يكون في النفس وفي ايات الخلقة، لكن حسب بعض المفسرين وحسب رأيي فإن كلمة (في انفسهم) هنا تدل على التفكير الفردي، أي ليجلس الفرد مع نفسه ويفكر. واذا كان المعنى كذلك فان الحكم الالهي والسنة الالهية المستنبطة من هذه الاية هي ان الانسان يجب ان يحصل على هذه الامور بنفسه، لا ان يقلد الاخرين بها. فالايمان بالله ومعرفة ان "مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى" لا يكون الا عبر الوجدان الشخصي وعبر التفكر والتأمل.
فمن واجباتنا ان نتفكر بالخلق، ونجد انه (حق) ومن معاني ذلك انه لم تخلق ولو ذرة منه من دون هدف، فمن معاني الحق ان الدنيا قائمة وموجودة، وليس كما يتصورها البعض عبارة عن اوهام، ثم ان لها خالقا ومدبرا نظمها وانشأها وفق سنن وانظمة الهية دقيقة، فكل شيء في هذا الخلق من اصغر ذرة واصغر خلية في الجسم الى اكبر كوكب ومجرة في الفضاء الرحيب- لا يكون الا لهدف ولسبب ويؤدي دورا معينا، فإذا كان كذلك – وهو كذلك - فلابد ان يكون الخلق باجمعه اُنشئ لهدف وهذا الهدف (حق) وليس لهوا او لعبا (أفحسبتم انما خلقناكم عبثا).
وقال سماحته: أنّ الائمة عليهم السلام وصلوا من خلال التفكر في ايات الله الى تذكر الاخرة، وكيف ان النبي (ص) كان يقوم كل ليلة فينظر الى السماوات ويتلو الاية المباركة "و يتفكرون في خلق السموات والارض، ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار" فكيف وصل النبي (ص) والائمة ويصل المؤمنون الى حقيقة النار؟ الجواب: من خلال التفكر في خلق السماوات والارض. و مثال الامام زين العابدين عليه السلام حيث استذكر عصر عاشوراء اغلال يوم القيامة وبكى على اثر ذلك.