400,00 طن من المزابل سنويا تزود مايقارب 30,000 بيت بالكهرباء !!
|
ابو هاني الشمري
هذا ليس تقريرا ولا موضوعاً للفكاهه. انه نوع من العمل الذي دأبت اكثر الدول التي نسميها عندنا متطورة باستخدام المزابل لانتاج الطاقة. اما كيف؟ فهذا هو بيت القصيد.
المزابل في كل تلك الدول ثروة لايستهان بها. . الا في العراق فأنها نقمة لاتضاهيها نقمة. وهذه النقمة مافتأت تجلب لنا الآهات (والذبان) والروائح الكريهة صيفا وكذلك الامراض وسد المجاري شتاء اذا كانت هناك مجاري!!. هندسة البيئة اصبحت واحدة من كبريات التخصصات التي تعني بهذا الامر اضافة الى الامور البيئية الاخرى والتي اعني بها تلوث الهواء ومعالجة المجاري وتحسين الحالة العامة لمناخ الكرة الارضية والذي اصبح الهم الشاغل للكثير من دول العالم عدا عراقنا (الجميل).
نرجع الى موضوع النفايات بعد ان سمعنا ان امانة بغداد. . قد شغّلت مشروع تدوير النفايات وكبسه، فمعلوم ان التقدير الاجمالي لمقدار النفايات التي تطرحها مدينة بغداد لوحدها يصل الى اكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون طن سنويا(بمعدل عشرة الاف طن يوميا) كما صرح بذلك محافظ بغداد الدكتور صلاح عبد الرزاق حينما استضافه مجلس المحافظة لمناقشة الواقع الخدمي فيها في نهاية آب من هذا العام. وبدون الخوض في تفاصيل عملية انتاج الطاقة الكهربائية من كهذه مصانع لحرق النفايات التي يمكن للباحثين التزود بها من مواقعها المخصصة(ولامانع لدي من تزويد الباحثين بنسخة الكترونية باللغة الانكليزية بهذا الخصوص) فأن مقدار الناتج السنوي للنفايات في بغداد وحدها يمكن من خلاله انتاج طاقة كهربائية تكفي لتزويد مايقارب الـ 115 الف بيت من بيوت بغداد اولاً، وتخليص البيئة منها ثانياً، وتقليل الحاجة الى عملية الطمر الصحي الى ادنى مستوى ثالثا.
هذه الكهرباء نحصل عليها فقط من محارق نفايات بغداد(المفترضة) اذا ماتم تحويلها الى طاقة! هكذا نوع من المحارق موجود في كثير من دول العالم ففي دول الاتحاد الاوربي مثلا : توجد في فرنسا لوحدها 210 محرقة والمملكة المتحدة 6 وهولندا 62 محرقة(وهي اكثر الدول استخداما لها) والبرتغال ثلاث محارق ذات قابلية استيعاب 390 الف طن سنويا. ان عمليات الطمر الصحي للنفايات كما يحلو لامانة بغداد ووزارة البيئة ان تسميه ليس صحيا ولا علاقة له بالصحة لامن قريب ولا من بعيد لان هناك عمليات هندسية وانشائية كبيرة تسبق رمي تلك النفايات في مناطق الطمر منها بل واهمها هو تغليف منطقة الطمر الصحي بعازل من مادة مطاطية من البولي ايثيلين المانعة لتسرب المياه الناتجة من النفايات بسبب الامطار او الموجودة اصلا داخل النفايات بعد الطمر الى المياه الجوفية وتلويثها وهو مالم يتم العمل به في اي مكان من العراق لاسابقا ولا يومنا هذا. . وكيف يتم العمل مشاريع صحية كهذه، ودوائرنا ذات العلاقة مسؤولة امام الله والناس عن تلوث مياه نهري دجلة وديالى حيث يتم تحويل مياه المجاري اليهما ولامن سائل يسأل عن هذا الفعل والذي يتم تبريره بعدم انجاز وحدات تصفية المجاري وصغر قابلية الوحدات القديمة وهو عذر اقبح من فعل لمرور اكثر من سبع سنوات ولم تنته اعمال التوسعة المزعومة. فلو تمت عملية هندسة دفن النفايات بشكلها الصحيح لتم استخراج الغاز منها بعد طمرها وبكميات تصل الى 102 متر مكعب لكل طن من النفايات المدفونه وهذا امر آخر تقوم به الكثير من دول اوربا وامريكا لاستخلاص الغاز وذلك بوضع مصانع مخصصة لتنقيته وتجميعه حيث يتم انتاج كميات لابأس بها من الغاز ولسنوات قد تطول الى اكثر من خمس سنوات!! بعد غلق موقع الطمر والانتقال الى مكان آخر. فمن المعلوم ان النفايات بعد طمرها تولد غاز الميثان وغيره من الغازات القابلة للاشتعال اضافة الى ثاني اوكسيد الكاربون وبخار الماء ولهذا فأن تلك المصانع تقوم بتنقية الغاز الذي يتم تجميعه (بواسطة انابيب يتم ادخالها داخل النفايات بواسطة الحفر ومن ثم ربطها مع بعضها) وتخليصه من الشوائب كبخار الماء وثاني اوكسيد الكاربون.
انا على علم تام بأن مشاريع كهذه لاوجود لها عندنا بل ولاحتى وجودها كحبر على ورق والسبب هوان العراق البلد الوحيد الذي يحرق ملايين الامتار المكعبة من الغاز المصاحب لانتاج النفط وليس النفايات فقط !، بلا استفادة من تلك الثروة الهائلة(الغاز) التي يتحسر عليها غيرنا(وهو ماتقوم به حكومات الدول المنتجة للنفط) ونحن نحرقها بلا استحياء بينما مئات الالاف من ابناء الشعب يعيشون تحت خط الفقر وتحت خط الانسانية المفترضة!!. هذا الامر متروك لشبابنا الجديد الواعي والمثقف والمسلح بالعلم والذي سينهض حتما بواقع البيئة المتهالكة في كل مفاصلها في العراق حتى ولو بعد حين.
|
|