تغيير قانون الانتخابات قبل القضاء على المحاصصة
|
نزار حيدر
ترى ما هي الطرق والاليات الديمقراطية التي يمكن ان نضمن بها اجراء الانتخابات البرلمانية (المقبلة) بشكل افضل في ظل عدم وجود قوانين للاحزاب السياسية؟ وفي ظل هيمنة الكيانات السياسية المتنفذة والقابضة على السلطة؟.
لا يمكن ان نتصور ديمقراطية حقيقية وراسخة الا على قاعدة (صوت واحد لمواطن واحد) الامر الذي الغاه قانون الانتخابات الحالي، سواء النص الاصلي او المعدل منه، لانه كرس مبدا (نقل الاصوات) سيء الصيت والذي يهب اصوات الناخبين لمرشحين لم يدلوا لهم باصواتهم، كما هو الحال مع نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة، لانه يعتمد على قاعدة ما يسمونه بـ (القاسم الانتخابي) فلقد حجز مقعده تحت قبة البرلمان مرشح لم يحصل الا على بضعة مئات من اصوات الناخبين، فيما فقد مقعده مرشح آخر حصد ربما اكثر من عشرة الاف من الاصوات !؟.
يجب ان يتغير قانون الانتخابات الحالي فور بدا مجلس النواب جلساته الدستورية الرسمية، فلا يرحل، بتشديد الحاء وفتحها، الى ربع الساعة الاخيرة التي تسبق الانتخابات النيابية القادمة في العام (2014). اننا بحاجة الى قانون انتخابات يضمن نقطتين جوهريتين واساسيتين، الا وهما:
اولا: مبدا (صوت واحد لمواطن واحد) من خلال الاخذ بنظام عدد الاصوات التي يحصل عليها كل ناخب منفردا وليس باعتماد القاسم الانتخابي او ما اشبه، الامر الذي سيفسح المجال للمستقلين بالترشيح والمشاركة بعد ان يقضي على قاعدة (القوائم) واحتكار الاصوات ونقلها.
ثانيا: تقسيم العراق الى دوائر بعدد مقاعد مجلس النواب، فاذا بقي العدد (325) مقعدا فيجب ان يقسم العراق الى (325) دائرة انتخابية، طبعا تنقص منها كوتة الاقليات. ان في كل دول العالم الحر التي تعتمد النظام الديمقراطي، انما تجري فيها الانتخابات النيابية على هذا الاساس، ليضمن الناخب تحديد خياراته بشكل سليم، ومن اجل ان لا يتم التلاعب بصوته من قبل اية جهة متنفذة كانت. حتى في الدول التي تعتمد الانتخابات كادوات ومساحيق تجميلية، تعمل بهذا النظام، فكيف ولماذا لا يتم العمل به في العراق الجديد الذي يسعى فيه العراقيون الى بناء نظام ديمقراطي حقيقي يعتمد صندوق الاقتراع وارادة الناخب في تحديد مسارات العملية السياسية؟.
كذلك، ينبغي على مجلس النواب الجديد ان يصب كل اهتمامه على التغييرات او التعديلات الدستورية المنتظرة لنتخلص من العقد الشائكة التي عرقلت، ولا تزال، عمل مؤسسات الدولة العراقية الجديدة، ومن اجل ان نقفز على المشاكل التي تعلمنا مكامنها في بعض مواد الدستور، فكما هو واضح فان الدستور ليس قرآنا منزلا لا يمكن الاجتهاد فيه وتغييره، انما هي نصوص بشرية قابلة للتغيير والتبديل والتجديد، كما هو الحال في الكثير من دول العالم الحر، فلقد تعلمنا من السنوات الثمان الماضية اين هي مكامن الخلل في هذا الدستور، ولذلك فليس من الصحيح والمنطقي والعقلي ان نعرف ذلك ولا نبادر لتغييره.
ان آفة (الفيتو) بخصوص تعديل الدستور انتقلت من (قانون ادارة الدولة العراقية) الذي سمي وقتها بالمؤقت، الى الدستور الدائم، على الرغم من تحذيرات الكثير من العراقيين الحريصين على التجربة الديمقراطية، من خطورة مثل هذا النص الذي ورد وقتها بالبند (جيم) في القانون المذكور، على اعتبار ان هذا الـ (فيتو) يلغي مبدا الاكثرية والاقلية، ما يلغي فلسفة النظام الديمقراطي من اساسه، لان (الفيتو) يمنح الواحد حق نقض ما يقرره الملايين، ولو عدنا الى نص (ثلثي ثلاث محافظات او اكثر) والذي ورد كذلك في الدستور الحالي، وحسبناه رياضيا، لرأينا انه يعني ان (8%) فقط يمكنها ان تلغي ما يقرره (92%) من الشعب العراقي، اذا ما اراد اجراء اي تغيير دستوري مرتقب في اي استفتاء شعبي عام، ما يعني ان اي تغيير دستوري لا يمكن تصوره الا بالتوافق ليتم به الغاء الفيتو، وهذا امر صعب ومعقد ان لم يكن من المستحيل تحقيقه، فلو ان الاطراف يصعب عليها اليوم التوافق على تشكيل الحكومة فيستمر النقاش فيما بينها اكثر من (8) اشهر وكل عمر الحكومة (4) سنوات فقط، فكيف سيتوافقون على اي تغيير دستور، والذي لا يعلم الا الله مدى عمره؟.
صحيح ان هذا النص وسواه اراد منه المشرع طمأنة مختلف شرائح المجتمع العراقي على مستقبلها السياسي في البلاد، الا ان النص جاء على حساب الديمقراطية وعلى حساب الاغلبية، لانه تناسى المبادئ الحقيقية والاسس الجوهرية التي يقوم عليها اي نظام سياسي ديمقراطي في هذا العالم، وبذلك يكون المشرع قد أسهم في عرقلة نتائج صندوق الاقتراع، وتاليا تسبب في عرقلة مبدا الحاكمية للناخب وليس لارادات السياسيين، وهذا ما نراه اليوم جليا واضحا في ازمة تشكيل الحكومة الجديدة المرتقبة.
|
|