الدين بين السلطان والإنسان
|
*رشيد محمد مهدي
من الأفكار التي تداولها بعض الباحثين في التقريب وحوار المذاهب مقولة (التفكير المقاصدي)، حيث أن التفكير المقاصدي يتكئ على محكمات القرآن الكريم الذي هو أحد جوامع الأمة، كما أنه يستوعب الاختلافات الفقهية حيث تتحدد الغايات المحكمة للدين فلا تكون تهافتا فيه أو تفرقا عنه.
وأحد أهم مشاكل المسلمين والتي شاركوا بها أصحاب الأديان السابقة هو ما اصطلاح عليه بـ(القشرية)، أي الطلاق بين الأحكام في ظاهرها وبين غاياتها، حتى ليصار أن تكون في خندق محاربة أهداف الدين أحيانا. ونجد من الأمثلة الصارخة المتفق عليها ظاهرة الخوارج. وفي الحقيقة المثال الحي المتجدد هو الدين المفصّل بلباس الطواغيت. حيث يحرفون الدين ويفرغونه من قيمه وأهدافه، ويحافظون على الشكل كشرعية ظاهرة، ويحرفون المضمون فيحاربون به الأنبياء ووارثي الأنبياء.
والسؤال المحوري هو عن غاية الدين الأساسية.. أهي الرحمة للناس جميعا أم خدمة السلطان؟ سؤال ليس بالساذج مطلقا. وهل نحتاج لإيضاح..
تاريخنا لم يخلُ يوما من امتهان للإنسان وتمجيد السلطان، استثن إن شئت أربعين عاما في الصدر الأول. واختلافنا مع القوم حول الحسين، كيف يُفهم! وهو امتهان أيضا لحرمة الرسول (ص). ويفاضلون بين المدنية المادية وبين قيم الدين الراعية لكرامة الإنسان، فيزيد ومعاوية والرشيد كانت لهم منجزات مادية يغتفر معها كل ظلم، تماما كما يُغفر للفراعنة استهانتهم بالإنسان إذ شيدوا الإهرامات!
السؤال الآخر: هل يمكن لنا مع اختلاف بين الرؤيتين (خدمة السلطان ـ الرحمة للناس) أن نجد منطقة وسطى تكون مجمعا للفرقة!
إن سؤالاً كهذا يخرج عن إطار المذهبية إلى فضاء قيم الدين وأهدافه، فهو سؤال جامع للمؤمنين بالإنسان، وفارق لهم عن المستأكلين بالسلطان.
وإن سؤالاً كهذا يجعل قضية الحسين (ع) هي الكلمة السواء. فمن آمن بالحسين نحن معه، ومن آمن بالسلطان فنحن منه بُراء. ولسنا على عداء شخصي مع يزيد ومعاوية تماما كفرعون، إلا أن القيم فيصل بين الحق والباطل.
و سؤال كهذا يكشف السر عن لغز التاريخ؛ سر محاربة السلطان على طول التاريخ للحسين (ع)، ولشيعة الحسين (ع)، وهكذا نفهم الناعقين المستبيحين للحرمات، وليطمئنوا فلن نكون معهم سواء.
|
|