التخلص من الاحتلال حدث مشهود* لابد من اعادة النظر بالدستور والقوانين بما ينسجم وقيم ديننا ووحدة وطننا
المرجع المُدرّسي: على الحكماء اليوم أن يسارعوا لتطويق الخلافات وعدم السماح بإرجاع البلاد للمربع الاول
|
كربلاء المقدسة/ الهدى:
قال سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المُدرّسي (دام ظله)، أن " هذه الايام تعتبر اياما مشهودة في تاريخ العراق الحديث" واننا يجب ان نقف طويلا امام حدث رحيل الاحتلال " لأن الاحتلال هو "اقبح ظاهرة يتعرض لها شعب من الشعوب وبلد من البلاد، وتبقى اثاره عادة لفترة طويلة جدا قد تتجاوز العقود وتصل الى القرون.." واوضح سماحته خلال محاضرته الاسبوعية بمدينة كربلاء المقدسة التي القاها على جموع من الوفود والمواطنين أن تخلص العراق من الدكتاتورية، وبعدها من الاحتلال ، إنما " جاء اولا بارادة الله تعالى ثم أن الشعب كله كان مساهما في هذا الحدث، ولا استثني احدا ولا طائفة ولا قومية ولا مجموعة.." ومن هذا المنطلق عرج سماحته الى مارمت به البلاد من ظروف ، وما وصلت اليه اليوم قائلا: ".. اذكروا تلك الايام ، ايام الاحتلال، اذكروا ايام المقبور ولاتنسوها، كيف كان يحصي حتى الانفاس، واشكروا نعم الله تعالى الذي يقول لنا: (واذ تأذن ربكم لأن شكرتم لازيدنكم)، فيما وبالمقابل يقول : (ولئن كفرتم ان عذابي لشديد). واضاف: " واليوم وبقدر تعلق الموضوع بنا في العراق، فأن السؤال :ماهو وجه الشكر عند الشعب العراقي في هذه المرحلة؟" موضحا إنه على عدة اوجه وامور ومن بينها: اولا: " تكريس تلك القيم التي ساهمت باذن الله في تحررهم.. قيمة الشجاعة والتضحية وقيمة التعاون والوحدة ، أن نحافظ على قيمة العطاء، و الامل، وأن نحافظ على اهم القيم التي نملكها وهو الدين... ". ثانيا: " يجب أن نفكر اليوم في ان نحول هذه النعمة الى منظومة من النعم وفاتحة خير لسلسلة اخرى من النعم ..، فحين تحرر بلدك وامتلكت حريتك واستقلالك ، كيف تترجم ذلك ، بأن تتخذ قرارك المستقل و ان تختار كيف تكون حياتك المستقبلية، فغدا لايجب أن تأتي و تقول مثلا انه فلان قانون لا اقبل به لانه فرض عليّ من غيري ..وانا من هنا اقول واكرر أن لابد الشعب العراقي أن يجدد النظر في كل الدستور والقوانين والانظمة واللوائح .. لانه وعلى الدوام ومنذ عقود طويلة ما من دستور وقانون وما من لائحة قررت في هذا البلد الا تحت ظل سلطة غير كاملة الاستقلال، دائما كانت هناك ضغوطات وتوجهات و مؤثرات.. وصولا الى هذا الدستور الجديد .. والأن الشعب العراقي له الحق ان يجدد النظر في ذلك، لا اقول كلها غلط، لكن في نفس الوقت لا نستطيع ان نؤكد على ان كلها قوانين سليمة، فالقانون الذي نريده لبلدنا نحن جميعا علينا ان نضعه لا أن يأتي احد لنا بقوانين وعلينا نحن تطبيقها!.. نحن من نلبس الثوب الذي نفصله نحن لا غيرنا ، و نخيطه لكي نستطيع أن نعدل ونغير فيه غدا اذا اكتشفنا فيه عيبا اونقصا ما.. نعم.. قانون الله فقط الذي جاء به رسولنا الاكرم محمد (ص) هذا القانون لا يتغير لانه لا يدخل كليا في بعض القضايا المتغيرة ، فهو عادة يتناول الثوابت..". واضاف " اذاً القانون سواء الدستور ،القانون الاساسي، او القوانين المرعية او الانظمة، كلها يجب ان يُجدد النظر فيها، واعرف ان هذا لا يتم بين عشية وضحاها انما هو بحاجة الى وقت، لكن علينا أن نضع القطار على السكة ... ثم العراق يا اخواني بلد مسلم بلد قدم ملايين الشهداء من اجل الدين من اجل القيم ،هذا البلد لاتقدر أن تسلخه عن تاريخه وقيمه و دينه ، لايمكن ذلك بالنسبة الى الشعب العراقي الذي حتى لو سكت لفترة ما و بسبب الظروف الصعبة، ولكنه ينتفض ولا يرضى بقانون لايراعي ولايحفظ دينه وقيمه.. فهو بكل اعماقه وارادته وتطلعاته يريد للاسلام الحنيف بقوانينه وقيمه الربانية السمحاء، أن يحكم، و علينا أن نضع ذلك بعين الاعتبار...". ثالثا: " العالم كله اليوم يلاحظ ويراقب الوضع في العراق، ترى ماذا يفعل أهل هذا البلد بعد الاحتلال وبعد هذا الزلزال، بعد كل ما مر به من مشاكل كبرى ومن ارهاب وغيره.. هل يتصارعون في ما بينهم بعد الاحتلال؟ او يشاركون بعضهم ، هل يرجعون الى اصولهم، هل يتعاونون، ام لا؟ من المعيب علينا مثلا اننا وعلى قضايا بسيطة نعود مجددا الى مايصفونه بالمربع الاول .. وقد قلت واكرر دائما : هذا العراق بحاجة الى امرين: الاول مشاركة فعالة للشعب، أن يكون اكثر فعالية في امور هذا البلد.. ، الثاني: العراق بحاجة الى كل الفئات وأن يتعاونوا مع بعضهم في سبيل بناء هذا الوطن، البناء ليس امرا سهلا وهو بحاجة لوقت طويل.. ونحن في هذا الجانب قد فاتنا القطار منذ زمان ليس بالهين.. هذا القطار الذي فاتنا علينا أن نلحق به ولا يمكننا ان نفعل ذلك الا بالجلوس و التفاهم والتعاون .. اين هم اهل الخير والاصلاح اين هم اهل الحكمة اين المصلحون..؟ الان واليوم وليس غدا على حكماء العراق ، العلماء ، الساسة المخلصين، رؤساء العشائر ، وغيرهم من نخب وقيادات البلد ، أن يدخلوا ويحاولوا لملمة هذه الاطراف المختلفة وتوجيههم باتجاه مستقبل واعد وعمل مشترك، من دون ان نرجع الى المربع الاول..."
|
|