في ضوء التدخلات السعودية في الشأن العراقي
شجب حكومي و الردّ في التعجيل بتشكيل حكومة شراكة وطنية
|
عادل كزار / كربلاء المقدسة
يبدو ان العراق لن يتخلص في القريب العاجل من التطفّل الاعلامي والسياسي الصادر من أطراف دولية وأقليمية، بعد أن ذاق الأمرين من التدخلات العسكرية والمخابراتية التي خلقت أجواء الرعب ونشرت الموت والدمار في كل مكان، وتسببت في تصدّعات كبيرة في النسيج الاجتماعي العراقي، حتى قيل (سنّة) و (شيعة)، وهذا تحديداً ما كانت تريده الأطراف الاقليمية.
وآخر صيحة في هذا الميدان وهي لن تكون الأخيرة، جاءت من السعودية مرة أخرى وعلى لسان شخصٌ حاول دون جدوى إخفاء حقيقة دوره التاريخي في (صناعة الموت) في افغانستان وايران ثم في العراق، ألا وهو تركي الفيصل الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية السعودية خلال عقدي الثمانينات والتسعينات. واليوم يرتدي الزي الدبلوماسي، ويتوقع للعراقيين حرباً أهلية دامية بسبب ما وصفه بـ(تشبث رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي بالسلطة).
من حق كل عراقي واعٍ وغيور أن يتساءل عن مدى حرص المسؤول السعودي وأقرانه، بل وبقية الاطراف الاقليمية، على المسيرة السياسية والاجتماعية التي يمضي فيها العراقيون قدماً وهم محمّلون بالجراح والآلام على أمل أن يصلوا الاستقرار والامان والحرية؟
(الهدى) فضّلت إجراء حوارات مع عدد من المسؤولين في محافظة كربلاء المقدسة لاستجلاء آرائهم حول هذا التدخل السعودي السافر في الشأن الداخلي للعراق، بدايةً كانت لنا وقفة مع الدكتور حبيب حمزة الطرفي النائب الجديد في البرلمان عن الإئتلاف الوطني العراقي فقال: يعد تصريح المسؤول السعودي تركي الفيصل تدخلاً سافراً في الشأن العراقي وإن العملية السياسية التي يشهدها العراق ماضية بالطريق الصحيح، لكن الطرفي أقرّ في الوقت نفسه بوجود تأخير في السقف الزمني لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة، واستدرك بان هذا لا يسوّغ تدخّل القاصي والداني في العملية السياسية، فتدخل المسؤول السعودي مرفوض جملة وتفصيلاً والعملية السياسية لها آليات قد تكون معقدة نتيجة تعقيد التركيبة الاجتماعية والأيام القليلة المقبلة ستشهد انفراجاً في المشهد السياسي وتشكيل حكومة شراكة وطنية وهذا ما يطمح اليه الشعب العراقي.
أما عضو كتلة الأحرار في مجلس النواب عن كربلاء المقدسة المحامي حسين شدهان العبودي فقد أكد إن تصريحات كهذه غير مسؤولة وهي لا يمكن احتسابها على شخص وإنما على الحكومات التي ينتمي اليها سواء كانت عربية أم اجنبية وإن التصريحات التي أدلى بها تركي الفيصل تُعد محسوبة على الحكومة السعودية وجاءت في ضوء الحراك السياسي الدائر بالعراق، وكل طرف اقليمي يحرص على مصالحه فيحاول التأثير على المشهد العراقي، واضاف العبودي؛ إن كتلة الاحرار سبق وإن أكدت بأن التدخلات الاقليمية والدولية بالشأن العراقي إذا كانت سلبية فهي مرفوضة جملة وتفصيلاً.
من جانب آخر اضاف عضو كتلة الأحرار في مجلس النواب: إذا كان تدخل الدول الاقليمية بهدف حل أزمة العراق فنحن نرحب بذلك، ولكن مثل هذه التصريحات تسهم في ارجاع العراق الى (الحرب الطائفية) كما يدعي هو، إلا أن الحقيقة لا توجد حرب أهلية في العراق مطلقاً ولكن الكثير من الجهات تمتلك مليشيات وتعمل على ادخال العراق في حرب أهلية وإن الشعب العراقي واعي ومدرك لحجم المؤامرة التي تُحاك ضده وما تزال، وإن التدخلات المستمرة من قبل الدول المجاورة للعراق تعمل على زج العراق في أزمة وجعل العراق بلد غير مستقر أمنياً.
وحول تصريحات المسؤول السعودي حول شخصية رئيس الوزراء المنتهية ولايته وزعيم قائمة دول القانون، والذي وصفه بانه (محتكر للسلطة)، أكد العبودي بأن حب التسلط موجود عند كل انسان وان الكثير من الشخصيات تحب السلطة والنفوذ وإن الكرسي له جاذبية تجعل من البعض محب للتسلّط. وفي هذا السياق أوضح العبودي بأن موقف التيار الصدري من رئيس الوزراء السابق معروف وتحدث به أكثر من شخص وإن موقفنا من الحكومة المقبلة واضح أيضاً ونطمح الى تشكيل حكومة شراكة وطنية والجلوس الى الطاولة المستديرة التي دعا اليها الائتلاف الوطني العراقي من أجل حل ازمة تشكيل الحكومة العراقية المقبلة وأن التيار الصدري لا يقف حجر عثرة في تشكيل الحكومة المقبلة وأكد بأن التيار الصدري الوحيد الذي بادر وما زال يبادر من أجل الاسراع في تشكل الحكومة والدليل أن الائتلاف الوطني هو من يجلس ويحاكي جميع الاطراف السياسية الفائزة بالانتخابات ولكن التيار الصدري أخذ دوره ويريد استحقاقه الحقيقي وإن تعطيل الحكومة ليس بيد التيار الصدري وإنما بتمسك الشخصيات بالمناصب والكراسي وهي من تريد التسلّط وهي بذلك تعد نفسها القائد الأوحد وهذا شيء لا يمكن أن يحصل في العراق مطلقاً.
وخلال تجوالنا في مجلس محافظة عرجّنا عضو مجلس المحافظة عن ائتلاف دولة القانون عقيل الخزعلي الذي وصف التصريح السعودي الأخير بأنه ينبعث من السياق القديم الجديد الذي يبتغي وضع العصي في عجلة العملية السياسية المتقدمة في العراق، وأضاف الخزعلي: إن تصريحات كهذه يمكن أن تُدرج ضمن حالات الخوف والحذر من نجاح التجربة الديمقراطية في العراق، والذي بدأ يحرج الكثير من الدول الاقليمية وخصوصاً التي تعارض الديمقراطية، وان هذه الاساليب تتبع كي لا ينتقل النجاح الداخلي الذي شهده العراق الى الدول المجاورة، وأضاف الخزعلي أيضاً: بأن هذه التصريحات تهدف لنقل الأزمات الداخلية التي تشهدها بعض دول الجوار وعلى لسان السياسيين، في حين خلق الشعب العراقي ملحمة افرزت قادة وكيانات وتيارات ولم تكن هذه الدول مراهنة عليها، بل كانت تتوقع عزلها عن الشعب العراقي، وهذا ما فندته نتائج الانتخابات، لذا لا يمكن ان يفسر التهديد بنشوب حرب اهلية الا بمثل هذا الاطار، والتهديد بهذه الحرب المشؤومة لا يكون من دون أن تكون هناك خطوات او مناخ مساعد لتلك الحرب.
|
|