الأعلى فساداً ..
|
احمد عبد الرحمن
معروف لعموم الناس على اختلاف مستوياتهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم، ان افضل بيئة لظهور وتفشي واستشراء مظاهر الفساد الاداري والمالي، ولاضطراب الوضع الامني، ولنشوء الثقافة الاجتماعية المنحرفة، هو غياب الدولة، بمعناها الواضح والمحدد، المتمثل بالسلطة العادلة بمؤسساتها ومفاصلها المتنوعة.
ولايمكن اليوم لاي كان ان ينفي وجود فراغ حكومي في العراق منذ عدة شهور، سببته الازمة السياسية المرتبطة بتشكيل الحكومة، ولايمكن لاحد ان يدعي او يزعم ان الوضع السياسي الراهن لم ينعكس سلبا على الاوضاع الامنية والحياتية والاقتصادية في البلاد، ويعمق مظاهر وظواهر سلبية كان من الممكن وضع حد لها، والحؤول دون توسعها واستشرائها واستفحالها.
والتقرير الذي اصدرته مؤخرا الهيئة العامة للنزاهة عن معدلات تعاطي الرشوة في الوزارات وبعض المؤسسات الحكومية خلال شهر ايلول الماضي اشر الى -واثبت- تلك العلاقة الترابطية بين الوضع السياسي والاوضاع الاخرى.
وقد يقول قائل وماذا يعني صدور تقرير من هيئة النزاهة او غيرها بشأن عمليات الفساد الحكومي، اذ ليس في الامر من غرابة، لاسيما وانه معلوم للكثيرين ان معظم مؤسسات ودوائر الدولة غارقة من اخمص قدمها الى قمة رأسها في شتى مظاهر وحالات الفساد.
مثل هذا القول صحيح، ولكن ما هو صحيح ايضا ومفترض ان يكون هو ان معدلات الفساد في حالة وجود السلطة الحازمة والجادة والحريصة على مصالح البلاد والعباد، تنخفض وتتقلص تباعا لا ان تتزايد وترتفع.
وفي التقرير المذكور اشارة واضحة الى ان اكثر الوزارات تعاطيا للرشوة خلال ايلول الماضي هي البلديات والتجارة والعدل، والوزارتين الاولى والثانية ذات طابع خدمي يرتبط بالواقع الحياتي والمعيشي للمواطنين، والثالثة ترتبط بالواقع الامني، وهي في النهاية بعضها يكمل البعض الاخر.
وهذا يعني انه الى جانب الواقع السياسي المتأزم، يشهد الواقع الحياتي والامني هو الاخر اشكاليات تلقي بظلالها الثقيلة على المواطن العادي.
واذا كانت الارقام والمعطيات الرسمية بهذا الشكل فلانحتاج بعد ذلك الى البحث والتقصي كثيرا عن اسباب تدني وسوء نظام البطاقة التموينية، ولانحتاج الى البحث والتقصي عن اسباب ارتفاع معدلات الارهاب، ومانحتاجه هو حلول ومعالجات حقيقية وجذرية بعيدا عن الشعارات الرنانة والتسويقات الاعلامية الزائفة التي مل العراقيون منها.
|
|