يوصف بأنه مليء بـ (الألغام).. وتعديله مقيد بـ(فيتو) 3 محافظات
بنود ورات الدستور.. سجالات ودعوات (التعطيل) بعد الخرق و (التعطيل)
|
الهدى/ رجاء عبد الرحمن
تزايدت في الاونة الاخيرة حدة الجدل والتصريحات من قبل ساسة وكتل ونواب ، حول المطالبة بالعمل على تعديل العديد من بنود وفقرات الدستور، فيما تشدد بعض الكتل على لسان زعمائها وقياديين فيها على ضرورة الالتزام بالدستور في حل النزاعات السياسية واتخاذ القرارات والاجراءات بشأن قضايا وملفات لاتزال الخلافات تدور بشأنها.، ويشير بعض النواب والساسة ومراقبون للمشهد السياسي الى أن الكثير من بنود وفقرات الدستور لم تطبق ، وتم سابقا ولايزال يتم تجاوزها وخرقها، او عدم تفعيلها والاحتكام اليها، وأن التوافقات والصفقات السياسية بين الكتل في الغالب ماتكون قفزا وتجاوزا للدستور. وفيما يستبعد بعضهم أن يتمكن مجلس النواب الحالي من تعديل الدستور ، يدعو اخرون الى وضع سقف زمني لعملية التعديل ، ومع ذلك يشير بعض النواب الى أن فكرة التعديل ستأخذ وقتا طويلا جدا لإنها ستثير الكثير من الخلافات والسجالات.
ويرى النائب عن كتلة حزب الفضيلة الاسلامي، السيد حسين المرعبي ضرورة السعي لتعديل الدستور لأنه بحسب رأيه وضع «في ظروف و مرحلة كان العراق يعاني فيها من ظروف سياسية وأمنية صعبة، وفي ظل خلافات قائمة بين الكتل السياسية المشاركة في دفة الحكم حينها»، مشيراً إلى أن «الدستور لم يكتب من قبل متخصصين في هذا المجال، ولم يتم إشراك ذوي الاختصاص في كتابته، لذلك جاء ضعيفا». من جانبه يؤكد نائب رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب على ضرورة تغيير بعض فقرات الدستور، مشيراً إلى أنه «مليء بالألغام»، بحسب تعبيره. وقال النائب أمير الكناني في تصريح نشر ، نهاية الاسبوع، أن «الدستور يمكن تعديل بعض فقراته بما يتناسب والمرحلة الراهنة في العراق، لان هناك بعض الفقرات القانونية غير واضحة المعالم، ويمكن للبعض تأويلها وتفسيرها بحسب مصالحه الشخصية، بعيداً عن الصالح العام»، وبين الكناني، أن «العديد من الأزمات التي مرت بها العملية السياسية، جاءت نتيجة بعض الألغام التي وضعت في الدستور، والتي جعلت الكتل السياسية والمجلس التشريعي يلجأ إلى المحكمة الاتحادية، لحسم العديد من القضايا».
وكان استفتاء على الدستور أُجري في عام 2005 ، كما تضمن الدستور ذاته فقرة تطالب بتعديله بعد أربعة أشهر من تاريخ الاستفتاء، و ذلك وفق المادة 142 ، التي ُشرعت بالأساس لتلافي عدم اتفاق القوى المشاركة في مجلس النواب على نصوص بعض مواد الدستور قبل إقراره، وبما أن الوقت ، آنذاك قد استنفذ مداه في مجال المناقشة دون اتفاق ، وخشية الرجوع إلى نقطة البداية ، شرعت هذه المادة. كما تنص المادة 126 من الدستور أن لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين، أو لخُمس (1/5) اعضاء مجلس النواب، اقتراح تعديل الدستور.
من جانبه يدعو رئيس المجلس الأعلى الإسلامي السيد عمار الحكيم الى رفع شعار «حماية الدستور» كونه «العقد الاجتماعي الذي يحمي الدولة والمواطنين» ولكنه بالمقابل طالب في خطاب له الاربعاء الماضي ، بـ « تشريع القوانين التي يحتاجها الدستور» مبينا ان هناك «اكثر من خمسين مادة بحاجة الى تشريع القوانين الخاصة به مما جعل الدستور معطلا من ناحية ومفعلا في ناحية أخرى». مبديا امتعاضه من الرجوع الى قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل وقرارات النظام البائد بسبب غياب القوانين والتشريعات الواجب توفرها لتفسير مواد الدستور. ويقول القيادي في المجلس الأعلى الشيخ همام حمودي اننا « كتبنا الدستور في مرحلة الحلم بدستور دائم .. والآن نعتقد ان كثيرا من مواده بحاجة الى تعديل وهذا ما اعتادت عليه الدول الديمقراطية في العالم ولكن أضعافه بطريقة النسف الكامل او التشكيك به هو إضعاف لأهم مرجعية يمكن ان يتفق عليها العراقيون و نرجع لها في حالة الخلاف بالإضافة الى المحكمة الدستورية». أما كردستانيا، ففي حديث له حول العلاقات مع الحكومة الاتحادية، كان رئيس الاقليم مسعود برزاني قال خلال اجتماع مع رؤساء الوحدات الادارية في محافظة السليمانية، في الثالث والعشرين من ايلول الماضي « نحن ملتزمون بتنفيذ الدستور العراقي ولن نسمح بتغيير فقراته» ومسّ ماوصفها بـ» مكتسبات شعب كوردستان».وفيما يستبعد القيادي في التحالف الكردستاني النائب محمود عثمان أن يتمكن مجلس النواب الحالي من إجراء التعديلات بسبب الخلافات السياسية ومطالب كل كتلة، فأن النائبة عن الائتلاف الكردي أشواق الجاف تؤكد أنه يؤيد إجراء تعديلات ولكن شرط أن لا تمس ابداً المادة 140 المتعلقة بما تسمى المناطق المتنازع عليها. معتبرة هذه المادة «خطا أحمرا لا يمكن الاقتراب منها وليس تغييرها» على حد وصفها. وعلى الرغم من تأييد الكثير من القوى النيابية لمبدأ تعديل الدستور غير البعض يرى ان الوضع السياسي الذي يمر به العراق لايسمح بذلك، حيث يقول رئيس كتلة احرار النيابية النائب بهاء الاعرجي «نحن نوافق على اجراء تعديلات محورية لبعض نصوص الدستور لكننا نرى ان الوضع السياسي الحالي غير مهيأ لتنفيذ تلك التعديلات على الارض على اعتبار ان تعديل الدستور يقترن بالتوافق السياسي اولا وبالاستفتاء الشعبي ثانيا والامران غير متاحين في الوفت الحالي».ويضيف أن «القوى السياسية تعيش حالة من التباعد والجو السياسي ملبد بالغيوم اضافة الى عدم وجود قدرة فنية وادارية لاجراء الاستفتاء الشعبي من قبل مفوضية الانتخابات.
ورغم تشكيل لجنة للتعديلات خلال الدورة البرلمانية السابقة لم يتم التعديل بسبب عدم التوصل إلى اتفاق بشأن العديد من البنود الخلافية ومن بينها تلك المتعلقة بالمادة 140 أو صلاحيات الحكومة المركزية وصلاحيات الإقليم والمركز وبنود أخرى كانت ولاتزال تثير الجدل.كما بدأ يثار مؤخرا جدل حول تحديد فترة رئاسة الوزراء بدورتين، فقط( على غرار رئاسة الجمهورية التي ينص عليها الدستور). و حيث يؤكد اعضاء في اللجنة القانونية البرلمانية أن الدستور لم يتضمن مادة بهذا الخصوص، الامر الذي يستند اليه كل من الداعين لسن قانون يحدد الفترة بولايتين فقط، واولئك الرافضين لهذه الفكرة. ويؤكد عضو ائتلاف دولة القانون، النائب خالد الأسدي، إمكانية تعديل الدستور بالقدر الذي تم عليه في وقت سابق على مسودة التعديلات التي جرى تحديد الفقرات المراد تعديلها مرجعا سبب تعطل إجراء التعديل الدستوري إلى توقف لجنة التعديلات في الدورة البرلمانية السابقة التي اصطدمت بعدد من الفقرات المختلف عليها من قبل الكتل السياسية ، ويقول أنه «بالرغم من انجاز الكثير من هذه التعديلات على المسودة وتبقي 6 فقرات فقط فأن البعض ينتظر إكمالها حتى يتم التعديل بدفعة واحدة». من جهتها تقول النائبة عن ائتلاف دولة القانون، سميرة الموسوي في رد على دعوة سابقة للقائمة العراقية بتعديل الدستور خلال 3 اشهر « نحن ايضا نطالب بالتعديلات الدستورية، والجميع يعرف ان الدستور كتب على عجل، لا نستطيع ان نقول خلال ثلاثة اشهر ، هذه تعتمد على اتفاقات الكتل السياسية في هذه التعديلات والمسألة تحتاج الى وقت».فيما يقول النائب في ذات الائتلاف حيدر الجوراني إن مثل هذه الخطوة تحتاج إلى أشهر و سنوات ، الحكومة ما شكلت الا بعد مرور سنة فكيف يتم تعديل الدستور بهذا السقف الزمني». اما النائب عن العراقية محمد سلمان فيقول أن «التحالف الوطني و العراقية سيحددان السقف الزمني للتعجيل بإجراء التعديلات الدستورية»، ويشير في هذا السياق إلى أن «رئيس الوزراء يؤيد إجراء هذه التعديلات» حسب قوله. فيما قال مستشار القائمة هاني عاشور في بيان إن «جميع الكتل السياسية متفقة على أن الدستور ما زال يحمل بعض الثغرات مما يقتضي تعديله وفق ما نص عليه الدستور نفسه». ويقول النائب عن كتلة الوسط ، محمد اقبال، إن اعضاء اللجان السابقة في البرلمان ناقشوا العديد من النقاط الخلافية في فقرات الدستور، و وصلوا في بعضها إلى حسمها لكن الخلافات والتغيرات السياسية حالت دون ذلك ، مؤكداً أن الدعوة لتعديل الدستور خلال ثلاثة أشهر لا تكفي كون كل مفردة موجودة في الدستور عليها خلاف، سيما المفردات الواضحة أو المعقدة مثل المادة (140) وغيرها حيث أن هناك من يقدم لها فهما يختلف عن الآخرين وهناك مفردات عليها خلاف كبير جدا وهذا يحتاج إلى توافق وطني.
ويؤكد خبراء قانونيون ومحللون، على إن الخلافات التي تحدث بين الكتل السياسية من جهة أو بين مجلس الرئاسة ورئاسة الوزراء من جهة أخرى او بين السلطة التشريعية والتنفيذية، ما هو إلا دليل على إن التعديل على الدستور أمر ضروري، سيما وأن كل الإطراف تطلب الاحتكام إليه عند حدوث التعارض، وكل يؤوله حسب ما يشاء، وما ذلك إلا إن بعض فقراته ملغومة ومبهمة او متعارضة او تحتمل التأويل ، و هذا أساس المشكلة لان الدستور يجب إن يكون واضحا وغير مطاط في عباراته وان يكون الأساس في حل التعارض الذي يحدث . وختاماً، تجدر الاشارة الى انه وبحسب الفقرة رابعا من المادة 142 من الدستور ذاته ، فأن القرار النهائي للتعديل يعود للشعب عبر الاستفتاء على التعديلات، ولكن المتابعين يرون أن قضية التعديل او الرفض قد تؤشر احيانا الى وجود اجندات او رغبات أطراف سياسية ورائها وبحسب مواقف ومفاصل واحداث تشهدها العملية السياسية ، حيث تشهد الدعوات والمواقف تلك تفاوتا وتبدلا كبيرا بين فترة واخرى مابين المطالبة بتعديل الدستور حينا ، وبين رفض ذلك حينا أخر، مع سوق الحجج للرفض او القبول عل حد سواء. كما إن طبيعة المكونات و الكتل والاطراف السياسية وخلافاتها ورغباتها، يصعب معها تعديل الدستور بهدوء وسلاسة، فضلا عن أن فقرات بعض الدستور جامدة تنطوي على نصوص تسمح كثيرا ببروز الخلاف ، ومنها نفس المادة 142 في الفقرة رابعا التي تنص على انه « يكون الاستفتاء على المواد المعدلة ناجحاً، بموافقة أغلبية المصوتين، وإذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات أو أكثر». ما يعني إن أي تعديل يمكن أن يصطدم بسلطة النقض لثلاث محافظات، وهو مايعني بنظر بعض المحليين أن مسألة التعديل ستكون معقدة وغير ممكنة من دون التوافق بين الكتل، وهو الامر الذي دلت مجريات الاحداث والتطورات طوال السنوات الماضية ولغاية اللحظة، انه صعب المنال في الوقت الراهن .
|
|