قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

فإنـّا نسخر منكم كما تسخرون!؟..
كل الشوائب التي علقت بالتراث الإسلامي قد زالت، وكل مشاكل المسلمين حلت، وجميع القضايا الفقهية العالقة باتت محسومة، ولم تبق بدعة في الدين إلا أبطلت، وعاد الإسلام نقيا كما كان، إلاّ فيما يرتبط بالشعائر الحسينية، تلك الممارسات التي ترمز إلى التخلف والرجعية في عالم متقدم، وتثير سخرية المتحضرين وإشمئزاز المثقفين، لذلك ودفاعا عن الوجه الحضاري للإسلام لابد من الوقوف في وجه هذه الطقوس بكل الوسائل الممكنة بالهجوم الإعلامي، وطرح المفاهيم البديلة التي تتناسب مع أذواق التقدميين، الذين يهمنا رأيهم فينا، ومواقفهم منا !؟؟؟.
بإختصار تلك هي الحيثيات التي يتكئ عليها المعارضون للشعائر الحسينية المذكورة، فإنهم يذوبون حياء عندما تتناقل وسائل الإعلام العالمية والمحلية في المحرم من كل عام صورا حزينة لجماهير الشيعة في كل مكان، ويتأوهون أسفا كلما رأوا من يصفونهم بـ"غير المتدينين !" من الشباب يحتشدون في الحسينيات والساحات العامة مع العلماء والمتدينين للمشاركة في مراسم العزاء بمختلف اشكالها، عادّين ذلك دليلا على عدم جدية الشعائر والذين يؤدونها.
والسؤال هو: ما هي الدوافع الحقيقية التي تدعو هؤلاء إلى الوقوف في الإتجاه المعاكس للشعائر الحسينية؟ أهو الحرص على الدين ونقائه، والرغبة في نفي التهمة عنه، أم الخوف من سخرية وشماتة المخالفين؟.قد يكون دافع البعض هو الأول، أي الحرص على الدين ونقائه، بعد أن تكونت لديه فكرة خاطئة عن الشعائر الحسينية، وهذا تهون مشكلته، اذ بشيء من التوعية والتوجيه وتوضيح الحقائق وتصحيح المعلومات، يمكن أن يتغير موقفه من الشعائر، ويعرف حقيقتها.
أما المشلكة الحقيقية فهي في أولئك الذين إستشعروا الهزيمة في أنفسهم، وحسبوا للمخالفين والمناوئين ألف حساب، وحرصوا على صورتهم (الحضارية) في أعين (التقدميين)، ومن ثم تنكروا لأقوى العوامل التي ربطت الشيعة عبر العصور بأئمة الإسلام وحفظت وقائع التاريخ حية في النفوس، رغم محاولات الطمس والتزييف التي سخرت لها إمكانيات الأمة قديما وحديثا، تنكروا لأقوى وسائل التثقيف والتوعية والتربية فاعلية، وأكثرها تأثيرا وإنتشارا، تنكروا لها لا لشيء إلا لأن أتباع الجاهليات الحديثة، المعروفين بالتقدمية والإستنارة كذبا وإدعاء، سخروا منها!.
ونحن أحق منهم بالسخرية، نسخر من جهلهم، من مجونهم وإنحطاطهم الأخلاقي؛ (قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون). وإن كنا تاركين شعائرنا من أجل سخرية الساخرين وإستنكار الجاهلين، فلنترك الصلاة ووضع الوجوه على التراب، ونترك الحج والطواف حول الأحجار، ونترك السعي والهرولة بين الصفا والمروة، ونترك رمي الجمرات، وننزع الحجاب عن نسائنا، و...و... إلى أن لا يبقى من ديننا شيء وهنالك يفرح اصدقاؤنا المحترمون من (التقدميين) و(العصريين).. (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، قل إن هدى الله هو الهدى..).