الشعائر الحسينية.. طواف حول المبادئ والقيم
|
يفتخر المسلمون بأداء مراسم الحج وطقوسه العبادية كل عام ليس فقط لأنه فريضة لابد لكل مسلم من أدائها كالصلاة والصوم، وإنما للإجتماع المليوني الذي يتميز به في العالم أجمع حيث يجتمع المسلمون من مختلف بقاع العالم حول بيت الله الحرام وذلك لمدة يومين فقط من اليوم الثامن من شهر ذي الحجة وحتى ليلة العاشر وهي ليلة عيد الأضحى المبارك. فيقف الأسود والأبيض والأصفر ومن مختلف القوميات والأعراق.
إلى جانب هذا الإجتماع المليوني الذي نعدّه من أروع صور الوحدة بين المسلمين وأنه بحق مؤتمر الحج، هناك مؤتمر آخر يعقد كل عام أيضا لكنه يستمر أياما عديدة يتمحور فيه الناس ليس حول مكان معين فقط، وإنما حول القيم والمبادئ التي من أجلها ضحى الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه بأنفسهم في صحراء كربلاء.
وعندما تكون للحج طقوسه العبادية الخاصة فإن لإحياء ذكرى تلك الواقعة التاريخية طقوسا خاصة أيضا تسمى (الشعائر الحسينية) ولعل كلمة الشعائر مشتقة من الآية القرآنية في سورة الحج (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).
وإذا كان للحج أعمال عبادية واجبة يفترض على الحجيج أداءها، فإن في أيام عاشوراء أعمال وممارسات غير واجبة غير أن ملايين من المؤمنين ليس في مكان واحد وإنما في مختلف بقاع العالم يؤدون تلك الأعمال والشعائر، تخليدا لهذه الواقعة الإنسانية-الإلهية، وتقربا للمولى تعالى عبر القيم التي جاءت بها نهضة عاشوراء.
إن الشعائر الحسينية مثل البكاء واللطم على الصدور وسقي الماء وإستماع المحاضرات الدينية و.. كلها تشكل دروسا غنية بالمفاهيم والعبر قادرة على تربية أجيال على مر العصور. فالمواقف التي شهدتها صحراء كربلاء يوم العاشر من محرم مثل التوبة والإيثار والتضحية في سبيل الله، وفي مقابلها مواقف مثل الخيانة والإنحراف والقسوة، كلها تدعو أي إنسان -ليس فقط المسلم- إلى التدبر والتفكير في سبب حدوث تلك الواقعة.
من هنا نجد الإصرار الشديد على القيام بأعمال تدل على نقيضها مثل سقي الماء التي تدل على وجود القسوة والإيثار مقابل الحرص البالغ على ملذات الدنيا والمشاركة الواسعة والسير على الأقدام للتذكير بالخيانة ونقض الوعد والتأكيد على التلبية للنداء الخالد: (ألا من ناصر ينصرنا).
|
|