هذا المنبر
|
مما لا شك فيه أن المنابر الإعلامية في عصرنا الراهن أصبحت الأداة الرئيسة في صياغة وتشكيل الرأي العام والذوق العام ومنظومة القيم الأخلاقية والثقافية والسياسية، وبات بإمكانها أن تدفع بشخص أو قضية أو رأي أو قيمة ما إلى أضواء الواجهة أو تطمسها وتدخلها في ظلام النسيان.. ولذا فإننا نشهد في كل لحظة تغيرا اجتماعيا يتبدى في شكل ظواهر هنا وهناك ثم لا يلبث أن يثبت نفسه بعد أن تنهار أمامه شيئا فشيئا أسوار المقاومة والممانعة. لقد أحدث الإعلام تغييرات جذرية في بنية التفكير الاجتماعي في المجتمعات الإسلامية كافة، وتمظهر ذلك فيما يلي:
1ـ سيادة ثقافة الاستهلاك في مناحي الحياة، وما ترتب على ذلك من مشاكل اجتماعية واضطرابات أسرية، فلم يعد بإمكان الفرد أن يعيش حياة مستقرة ينعم فيها بالهدوء النفسي، فهو مطارد بإلحاح حاجات انتقلت من خانة الكماليات إلى الضروريات، حتى كادت خانة الكماليات تختفي تماما.
2ـ إعلاء القيم المادية على حساب المعنويات: ذلك إن ثقافة الغرب هي ثقافة مادية تركز على المحسوس وتعلي من شأنه، وتهمل الجانب الروحي والغيبي ولا تقيم له اعتبارا. إنها تتعامل مع النصف الأدنى من الإنسان، ومن هنا تصبح قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها من القيم الإنسانية مسخرة لخدمة هذا الأدنى، بدل أن يكون هو في خدمتها. ويصبح الحب ملهاة عبثية تركز على إشباع الغرائز الحيوانية ولا دخل للروح والقلب والعفة فيه.
3ـ احتلال الجسد محلا مركزيا في تفكير الفتى والفتاة: فلم يعد الرجل المثالي هو صاحب الدين والخلق الرفيع، ولم تعد المرأة المثالية كذلك، فالمقاييس والمواصفات أصبحت جسدية بحتة من وسامة ونضارة ولون وشكل جذاب مطابق لمعايير عارضي وعارضات الأزياء.
إن مواجهة هذه المنابر يمكن أن يتم عن طريق هذا المنبر الذي نمتلكه، و أعني المنبر الحسيني، إذا أحسنا استثماره، وامتلكنا الوعي بقدراته الخارقة التي تشبه حجر الفلاسفة في تحويل كل معدن إلى ذهب. ربما يشكك البعض في تلك القدرات باعتبار المنبر وسيلة تقليدية كالسيف في مواجهة أسلحة التدمير الشامل!، ولكن هذا الوصف غير دقيق، فالمنبر يستطيع أن يصنع الإنسان الذي فجر الثورة في إيران، وهزم الصهاينة في جنوب لبنان، وقارع طاغوت البعث وسجونه ومشانقه واحواض تيزابه وكل وسائل قمعه وارهابه في العراق. إن هذا المنبر يستطيع أن يفعل الكثير لأنه ينتمي للإمام الحسين عليه السلام. ولكن بشرط.. أن يرقى أعواده الحسينيون ..
|
|