قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
من الهدى
بين حدّين
*المحرر الثقافي
من السهل أن نأتي على بعض المفردات ونوصمها بما يناسبها لسهولة التعامل معها في معترك الحياة، فنقول عن المال إنه سلاح ذو حدّين، وكذلك الاعلام والتكنولوجيا وما أشبه من الوسائل المتاحة في السجالات المختلفة، لكن ليس الأمر كذلك مع مفردات لها جذور وأصول تتجاوز حدودها وأطرها الظاهرية الضيقة، لاسيما اذا كانت على صلة بالعقيدة والايمان، فأي وصمة لها إنما تنسحب بالضرورة على تلكم الجذور.
مثالٌ على ذلك، المبنر الحسيني... فهو وسيلة اعلامية لقضية مقدسة ومعروفة للقاصي والداني، فان كان يُسمى اليوم (سلاحاً) فانه يواجه حالة وظاهرة اجتماعية – سياسية مشتركة لابد وأن تكون مشابهة لظروف واقعة كربلاء وكل ما أحاطت بها من طغيان وانحراف أموي وخذلان كوفي، إذن، فالقضية لها حدّ واحد باتجاه الباطل والانحراف، وهذه نعمة إلهية لنا وفضل من الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث باتت القضية الحسينية عصيّة على التأويل والتحوير على مر العصور.
لكن الذي يتمخض من هذه الوسيلة أو تلك الشعيرة الحسينية، هو الذي يكون (سلاحاً ذا حدّين)، لأن هذا يعود للأداء الانساني والتعبير الذاتي عن القضية الكبيرة، فالجميع يحاولون جاهدين اللحاق بسفينة الحسين، وإن سألت أي شخص سواء أكان خطيباً أم معزياً أو موزعاً للماء والطعام أو لاطماً أو... لقال بكل ثقة وبكل فخر: إنما يقوم به في سبيل الامام الحسين (عليه السلام)، لكن ليست ثمة ضمانة بأن يكون لهذا العمل حدّ واحد أو اتجاه واحد، لذا نجد تعدد الآراء بتعدد المستويات الثقافية والفكرية في طريقة إقامة الشعائر الحسينية وأيضاً ما يطرح على المنبر الحسيني، هنا يجب أن نقيم الجدار أمام مشكلة الخطاب المنبري، فهو الذي يُعد سلاحاً ذا حدّين وليس المنبر الحسيني بذاته، أو اليراع الذي يسطر أفكار الكتاب وليس الكتاب نفسه سلاحاً ذا حدّين... لابد من الانتباه، ولابد من التمييز، حتى لا يحترق الأخضر بسعر اليابس!