مهنة باركها الله وخذلها المسؤولون ... النجارة في كربلاء الى أين ؟؟
|
الهدى/صفاء السعدي/ كربلاء المقدسة:
تعد المهن الشعبية القديمة التي مازال كثير من الحرفيين في العراق يمارسونها حلقة من حلقات التواصل بين ماضي الأجداد العريق والحاضر المعاش، ومهنة النجارة تعد من المهن الصناعية التي قام بها الانسان منذ القدم، وهي استخدام أخشاب الأشجار في صناعة المنازل و الاثاث والأدوات التي يحتاجها في حياته اليومية ولعل أقدم النجارين كان نبي الله نوح (عليه السلام) الذي تتفق الأديان السماوية على أنه قد صنع الفلك بإلهام من الله تعالى ولم يكن له سابق معرفة بهذه الصنعة.
مدينة كربلاء المقدسة تشتهر بصناعة الاخشاب للاثاث المنزلي على مستوى منطقة الفرات الاوسط ولمعرفة تفاصيل ومشاق هذه المهنة التي باركها الله تعالى حسب ماورد في الحديث المتواتر: (بارك الله بالنجارة والتجارة وقلاب الحجارة) التقينا باحد النجارين وهو (الاسطة) (احمد ابو خمرة) الذي قال ان النجارة مهنة مباركة وقد تعلمت هذه المهنة منذ الصغر وامارسها منذ ما يقارب عشرين عاما.
واكد ان مهنة النجارة تأثرت بالظروف السياسية للعراق ففي زمن الحصار الدولي على العراق ابان النظام البائد كانت هناك قلة وشحة في الاخشاب ومادة المعاكس فقام اكثر النجارين في كربلاء وباقي مدن العراق باستخدام الاشجار المختلفة كالسدر والصفصاف والسرو والصنوبر وقوغ وحتى شجر التوث بانواعه المختلفة من اجل الاستمرار في العمل المهني وكان صاحب محل النجارة يلاقي صعوبات كثيرة في الحصول على المادة الاولية في العمل وبعد سقوط النظام الصدامي دخل الاثاث المستورد الى العراق واصبح المواطن المستهلك يرغب بشراء الاثاث المستورد على الاثاث الذي يصنع محليا، بسبب سعره المنخفض رغم جودته القليلة، و أوضح محدثنا (أحمد أبو خمرة) بان الاثاث المستورد يستخدم خشب المعاكس المضغوط والمعروف بـ (التبدور) والمضغوط بواسطة مكائن خاصة، اما الصناعة المحلية عندنا فنستخدم الصاج والخشب الجام فضلاً عن مادة الغراء اللاصقة للاخشاب، وعزا أن جميع هذه الامور قد اثرت سلبا على صناعة الاثاث في كربلاء.
من جانبه قال صاحب محل النجارة (الاسطة) (حميد الصافي) ان مشكلة الكهرباء الازلية أسهمت في التأثير السلبي على مهنة النجارة واصبحنا نعمل على قدر ما تتكرم به وزارة الكهرباء علينا من ساعات كهربائية مبينا ان مكائن معمله تحتاج الى كهرباء من نوع (ثري فيز) مما يتعذر علينا الاعتماد على خطوط الكهرباء التي توفرها المولدات الأهلية ذات الفولتية الواطئة والطافة الضعيفة.
واضاف: ان عدم دعم الحكومة للانتاج المحلي و وضع حدٍ للاستيراد، يجعل المهن والصناعات في العراق بائسة ومهددة بالانقراض، فصناعة الاثاث أحد أهم مجالات عمل النجارة وتشتهر بعض البلدان والمدن عن غيرها في صناعته فمدينة كربلاء المقدسة تعد من اشهر المدن في منطقة الفرات الاوسط بصناعة الاثاث وتصديره لمناطق خارج المحافظة.
وعدّ (الاسطة) (حميد الصافي) ان مهنة النجارة في الريف تختلف عنها في المدن ففي الريف تكون النجارة مقتصرة على صناعة الأدوات الزراعية مثل أنواع من المحاريث لحرث الأرض والسواقي (النواعير) لرفع المياة من الآبار ومجاري المياه المنخفضة إلى الأراضي المرتفعة عن مستوى المجاري المائية وغيرها مما يناسب الحياة في البيئة الزراعية، فضلاً عن العربات التي تجرها الحيوانات و....
وتنقسم مهنة النجارة الى انواع مختلفة واستخدامات متغيرة ولكن العامل المشترك فيها هي مادة الخشب فهناك نجار خاص يعمل في مجال البناء يطلق عليه حسب المصطلح الفني (نجار مسلح ) أي هو الشخص الذي يتولى صناعة الهياكل لصب الخرسانة المسلحة وهي مهنة شاقة، فضلاً عن فن (الأرابسك الشرقي) هو طراز معماري متفرد بذاته واستخدم (الأرابسك) في صناعة الأثاث في القصور والمشربيات والقاعات التي تبنى على الطراز الاسلامي وغيره وهو فن صعب يحتاج لتدريب طويل وإن دخلت عليه الماكنة الآن إلا أنه أصبح فن نادر.
وفي البلدان التي تتمتع بوفرة في الغابات والثروة الخشبية تستخدم الأخشاب في بناء البيوت والأكواخ، وعنذئذ يصبح النجار ذا شأن خاص جداً كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال لا الحصر.
ورغم كل الظروف الصعبة والتي تمر في بلادنا الا اننا نرى ان هناك اناساً يمارسون مهن متعددة كونها تمثل شخصياتهم وشخصيات عوائلهم، وفي كربلاء هناك عوائل اقترنت اسماؤها بالمهن التي يمارسونها كالنجار والصباغ والحداد والصائغ والعطار حرصا على المحافظة عليها ولا يمكن ان تندثر رغم التكنلوجيا الحديثة والثورات الصناعية التي تزداد يوما فآخر.
|
|