من يقف وراء تدني سعر الدينار،وهل فقد الدينار العراقي قدرته الشرائية ؟
|
الهدى/تيسير الاسدي/ كربلاء المقدسة:
في قلب مدينة كربلاء المقدسة وفي منطقة معروفة ونشيطة بالحركة التجارية، يصطف عدد من الباعة المتجولين على الرصيف ومعهم ما يعرف عراقياً بـ(البسطية) وهي تعرض نماذج من مختلف أنواع العملات الصعبة وعملات الدول المجاورة، فيما يخفون الكميات الأخرى والكبيرة من الأوراق النقدية في أماكن بعيدة عن أنظار الفضوليين..
وقد حلّت هذه (البسطيات) التي تُعد بالحقيقة واجهة لما يُعرف حالياً في المدينة بـ (البورصة)، بديلاً بحكم الظروف القاهرة عن البنوك والمصارف الحكومية التي يفترض أن تقوم بمهمة تحويل العملة العراقية الى سائر العملات أو بالعكس بما يخدم المواطنين ويمنحهم الاطمئنان من ناحية السعر وأمور أخرى.
واليوم فان الحديث عن الدينار العراقي وتذبذب سعر صرفه في السوق أحد أبرز الاهتمامات التي تتصدر أحاديث العراقيين اليومية، وهم في هذا باتوا أقرب إلى الانشغال والشغف بصعود الأسعار وهبوطها بمستوى قلقهم من تدهور الأحوال الأمنية في بلادهم.
ويتساءل الكثير عن كيفية ارجاع قيمة العملة العراقية الى سابق عهدها فيعتقد البعض ان وراء هذا التدني لقيمة العملة العراقية اسباب سياسية ويعتقد اخرون ان الغاء الاصفار من العملة الحالية سيعيد قيمة الدينار العراقي الى سابق عهده.. ولمعرفة آراء المواطنين في هذا الشأن، فقد اجرينا هذا التحقيق الذي بين فيه بعضهم رأيه في هذا الشان..
شكاوى و تمنيات
يقول المواطن (عبد علي عباس) - 42 سنة- اعتقد ان الغاء الاصفار من قيمة العملات اجراء متبع في اغلب البنوك المركزية في البلدان التي عاشت فترات طويلة من التضخم الجامح وتولدت لديها كتلة نقدية كبيرة تقتضي الاحوال الاقتصادية ادارتها بشكل افضل في ظروف مواتية ومستقرة". مبينا انه لايعتقد ان الامر سؤدي الى ارجاع الدينار الى ماكان علية قبل ثلاثين سنة .
اما (رياض صالح) - موظف متقاعد- فقال ان ارتفاع قيمة الدينار العراقي في سبعينيات القرن الماضي وبداية الثمانينيات جعل ما يفيض من راتبه الشهري كافيا لشراء منزل بمساحة 300 متر مربع في حي الموظفين، واضاف صالح الذي كان موظفاً وتقاعد عام 1988 انه استطاع شراء بيته الحالي بعد سنة من ادخار جزء من الراتب مشيراً الى انه مشتاق جدا الى ذلك الزمن الجميل بكل عملاته النقدية الحديدية والورقية!
المواطن (ابومحمد) -72 سنة- اكد ان حذف ثلاثة اصفار من العملة الحالية اواضافتها، لا يشكل شيئاً ذا قيمة اذا ما تحسنت اصلا قيمة الدينار وقدرته الشرائية، واعرب عن اسفه لان الدينار العراقي كلما ارتفع مقابل الدولار ارتفعت الاسعار واشتعل السوق في ظل انعدام الرقابة الحكومية والدعم الرسمي و غياب التسعيرة متمنياً من دولة رئيس الوزراء العمل الجدي لانعاش القيمة الشرائية للدينار الذي هو كفيل بان ينقذ المواطن العراقي حالياً من لهيب الاسعار وجشع السوق.
(علاء السلامي) – 39 سنة- يقول ان حذف الاصفار لن يغيير من الامر شيئا وستبقى القيمة الحالية للدينار ثابتة ولكن التغيير سيكون بكميات النقد فبدلا من ان نشتري كيلوا الطماطم 1000 دينار سنشتريها بدينار فقط وبدلا من ان يكون راتبي الشهري 400000 دينار سيكون 400 دينار مبينا ان التغيير الايجابي في الوضع الاجتماعي للشعب العراقي يحتاج الى دعم حكومي في المحروقات والمواد الغذائية والانشائية ليتسنى للشخص من توفير جزء من راتبه يستطيع من خلاله ان يسافر ويبني دارا او يزوج ابنه كما كان سائداً في العقد السابع من القرن الماضي.
النظرية النقدية الحديثة
وبشأن النقد الذي وجه للسياسة النقدية في العراق في مجال رفع قيمة الدينار مقابل الدولار الاميركي قال الخبير المالي (عبد الحسين سرسم) لانتفق مع رأي البعض في مجال رفع قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار لكون العراق يتمتع بفائض في ميزان المدفوعات موضحا: ان النظرية النقدية الحديثة ترى في تحسن شروط التبادل التجاري سببا داعيا لمحاربة الاختلالات النقدية التي ورثها الاقتصاد العراقي عن طريق اعتماد مثبت اسمي لمواجهة التوقعات التضخمية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وعلى هذا الاساس ترتفع قيمة الدينار العراقي.
واضاف قوله: لوتصورنا العكس لكانت هنالك كارثة في الاقتصاد العراقي سببها سعر الصرف الذي يفضي انخفاضه الى ارتفاعات جديدة في الاسعار وهذا يتقاطع مع السياسة الاقتصادية للعراق في الوقت الراهن والتي تهدف الى تحقيق الرفاهية والاستقرار الاقتصادي.
وتابع القول: فضلا عما تقدم فان سياسة سعر الصرف تواجه متغيرات خارجية سببها ارتفاع اسعار المواد الغذائية والسلع الاخرى عالميا ما يؤدي الى تضخم مستورد لايمكن معالجته الا بتحسين قيمة الدينار العراقي على وفق شروط واسس التبادل التجاري التي مازالت تعمل لمصلحة الاقتصاد الوطني.
وتتراوح فئات الدينار العراقي حاليا بين250، 1000، 5000، 10000 إلى25000 دينار وتصاميمها مشابهة للتصاميم التي اصدرها البنك المركزي العراقي في السبعينيات وبداية الثمانينيات .
ومابين مد وجزر استقر الدولار الامريكي على 1170 دينار للدولار الأميركي الواحد ولاتوجد حتى الآن نسبة عالمية لتبديل الدينار العراقي مع العملات الأخرى ولهذا السبب لا تقوم البنوك العالمية بتبديل او بيع او شراء الدينار العراقي حيث يتم التبديل والبيع والشراء محليا على ارصفة بعض الشوارع في جميع المدن العراقية".
ويبقى العراقيون يتطلعون الآن الى مستقبل اكثر اشراقا بعد رفع العقوبات الدولية عن بلدهم والى حركة اعمار نشطة ستستمر سنوات طويلة وستصل تكاليفها الى مئات مليارات الدولارات لبناء عراق جديد يتمتع باقتصاد قوي ويعيش شعبه في ظل الرفاهية والامن والسلام
فالخروج من حلة الكساد الاقتصادي في البلاد أمر يتوقف على عوامل عدة، لعل أهمها عودة الأمن والاستقرارللبلاد.
|
|