قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
الغش الصناعي في الاسواق بين الابتزاز والغياب القانوني ..
مع غياب للتثقيف والتشريعات الرادعة .. مَن يحمي المستهلك العراقي من الغش والتضليل
تيسير الاسدي/ الهدى/ كربلاء المقدسة:
المواد المغشوشة وخاصة الصناعية، منها نراها تنتشر في الاسواق العراقية عامة والكربلائية بوجه الخصوص، وذلك بسبب غياب الدور الحقيقي للاجهزة الرقابية، وجهاز التقييس والسيطرة النوعية، الذي ادى بدوره الى فسح المجال امام ضعاف النفوس لابتكار طرق مختلفة في الغش الصناعي.
المواطن العراقي يلجأ الى شراء البضائع الرديئة (والتي قد تسوق بشكل جذاب أيضا !) لرخص اسعارها ولكنها غير عملية، فقلة الوعي التثقيفي وتقصير وسائل الاعلام في التصدي لظاهرة الغش سبب من اسباب انتشارها في المجتمع. كما أن مكافحة الغش الصناعي تتطلب تشريع قانون وطني واجراءات رقابية رادعة حفاظا على اموال المواطن، وحياته أيضا في الكثير من الاحيان.
ايمان كاظم (موظفة) في احدى دوائر الدولة قالت: "انا لا اشتري أي بضاعة او منتج رديء عراقيا كان او غير عراقي وان كان واطئ الكلفة بل اقتني دائما البضاعة ذات المواصفات الجيدة وان كانت اسعارها مرتفعة تطبيقا للمثل العراقي: اشتري الزين ولو كان غالي" حسب تعبيرها. واضافت " وكل ما اريد ان اقوله للأخوة الصناعيين والتجار الحرفيين ان تتقوا الله رأفة بحال المواطن البسيط ويبتعدوا عن الغش لان المال الذي سيأتي منه سحت حرام".
أمّا المواطن حسين علي حسين (مصور فوتغرافي) فتحدث عن تعرضه للخداع عندما اقتنى كاميرا ماركة "سوني" اليابانية بسعر 400 دولار ليكتشف بعد فترة إنها "صينية المنشأ" فضلاً عن كونها رديئة الجودة. و يقول " عندما حاججت صاحب المتجر جاوبني مستهزأًًً: كل شيء في العراق أصبح صيني وحتى البشر سيكون صينيا عن قريب !؟"..
فيما قال المواطن نهاد عبد الله، أن "عوامل كثيرة وراء تفشي ظاهرة الغش الصناعي التي بدأت تأخذ مناحي متشعبة منها مثلا لتغيير الماركات للسلع ولصق علامات اخرى قد لا تحمل مدة صلاحية المادة وغير ذلك من اساليب الغش التي لم نكن نسمع بها من قبل"، وتابع " الغريب في الامر تقاعس الاجهزة الرقابية، وكالمعتاد تكون الاسباب معلقة على شماعة الظروف الامنية التي مر بها البلد ".
حماية المستهلك .. غياب للتثقيف والتشريعات الرادعة
الكيميائية اشراق طالب، اكدت من جانبها ان " ابرز حالات الغش الصناعي والتجاري في الاسواق العراقية تكون واضحة وجلية حيث يلمسها المواطن العراقي في المنتجات الكهربائية المستوردة او المنتجة محليا وكذلك المواد الغذائية و الصناعات النسيجية وحتى زيوت المحركات و البذور الزراعية ومستحضرات التجميل من خلال العطور المتوفرة في الاسواق المحلية والمواد البلاستيكية المعادة"، وتضيف" نرى ان معظم تلك العطور تخلو علبها من ذكر صنف المنتوج، وايضا عدم ذكر تاريخ انتهاء او نفاد صلاحية منتوج العطر اذ سرعان ما تتغير رائحته ويتحول الى منتوج رديء على الرغم من ان المثبت على العلبة انه من نوع أصلي ؟!"، وتابعت بالقول " اما صناعة البلاستيك فان هناك معامل كثيرة تعتاش على مسألة ما يسمى في الاسواق بـ(المعاد) .. وخصوصا ما يمس حياة المواطن اليومية، وذلك له تاثير كبير على صحته حيث تتسبب معظم هكذا صناعات بأمراض السرطان ".
وطالبت هذه الكيميائية الحكومة بالعمل جديا على "حماية المستهلك من الغش والتضليل والابتزاز التجاري الامر الذي يتطلب تثقيف المستهلك واصدار تشريعات ملزمة لحمايته بحيث يستطيع تحديد مصالحه والدفاع عن حقوقه واختيار السلع والخدمات بما يؤمن احتياجاته التي تنسجم مع رغباته وذوقه وبالسعر المناسب، فضلاً عن اقرار قانون وطني للتصدي لظاهرة الغش الصناعي وتفعيل دور الرقابة والأمن الصناعي حفاظا على حياة الانسان العراقي" معتبرة أن "الحد من ظاهرة الغش في الأغذية والسلع مسؤولية وطنية واجتماعية ينبغي فيها تفعيل كل الاجراءات من اجل بناء منظومة قانونية وطنية للوقاية مستقبلا من ظاهرة الغش الاقتصادي ومعالجة نتائجها بما يكفل النهوض باقتصادنا الوطني".
ثقافة "المقاطعة" لتجنب اضرار الغش
وعزى يعقوب الصفار، احد تجار بيع الجملة في كربلاء المقدسة، انتشار السلع الرديئة إلى جملة أسباب يتحمل المسؤولية عنها أكثر من طرف، حيث قال ان "سلبيات ما يحدث في السوق تتحملها الحكومة العراقية بالدرجة الأساس، والمستورد العراقي، الذي أصبح يهدف إلى الربح السريع دون أي اعتبار للمسائل الأخلاقية ونوع الأضرار المادية والمعنوية التي تلحق بالمواطن الذي يتعرض للخديعة، فضلاً عن مسؤولية المواطن في عدم مقاطعة السلع غير الأصلية أو غريبة المنشأ".
جهة واحدة تفحص المواد الغذائية و الصناعية في كربلاء
من جانبه عدّ مسؤول وحدة الاعلام في شعبة الرقابة الصحية بمحافظة كربلاء ،تكليف الجبوري، ان الشعبة
هي "الجهة الوحيدة في محافظة كربلاء التي تشرف على فحص المواد الغذائية والمواد الغذائية الصناعية " اما مايخص الامور المتعلقة بالغش الصناعي فانه "يتم فحص المواد الغذائية الداخلة الى المدينة من المنافذ الحدودية عن طريق إرسالها إلينا من قبل نقاط التفتيش الحدودية المنتشرة على حدود كربلاء والتحري عن سلامة المنتج الغذائي".
ويضيف "تقدر الكميات المفحوصة شهريا من قبلنا بآلاف الأطنان يتم فحصها فيزياويا بعد التأكد من الفحوصات المختبرية الحدودية التي جرت عليها وعند عدم وجود هذه الفحوصات على المواد الداخلة يتم حجز الكمية الداخلة ويسحب نموذج لغرض الفحص المختبري في مختبرات الصحة العامة في المحافظة وبعد خلو المادة من أي مضار تطلق الكمية المحجوزة وخلاف ذلك تتلف الكمية". واشار ايضا " نسعى الى تشكيل مجلس يوفر الحماية للمستهلك يمكن للمواطن الرجوع اليه وتقديم شكوى ومطالبته عن طريق القانون بالتعويض عن الضرر الذي لحق به".
اما عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب، النائبة عامرة البلداوي، فقد اكدت ان "قانون حماية المستهلك مهم جدا كونه سيوفر الحماية للمستهلك العراقي عن طريق مجلس سيتم تشكيله يمكن للمواطن الرجوع اليه وتقديم شكوى ومطالبته عن طريق القانون بالتعويض عن الضرر الذي لحق به "، مبدية إستغرابها من "نقض القانون" من قبل مجلس الرئاسة "على الرغم موافقة جميع الكتل النيابية في البرلمان على إقراره " .
وعلى ضوء ماتقدم، فأن الحكومة المركزية و مجالس المحافظات، مطالبة وبألحاح، ان تضع ضمن أولوياتها لمكافحة ظاهرة الغش الصناعي، تشديد الرقابة على المنافذ الحدودية والارتقاء بدور الأجهزة الرقابية والفنية وتوفير كافة الإمكانيات اللازمة لإنجاح مهامها في مكافحة هذه الظاهرة والتقليل من آثارها الصحية والبيئية والاقتصادية. أن تلك التدابير إنما تشكل جزءاً من منظومة متكاملة من التدابير والإجراءات المعززة للوضع الاقتصادي والامني في البلاد ومواجهة تحدياته قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد، ضمن برنامج عمل طموح من أبرز أولوياته حماية المستهلك وتأمين بيئة استهلاك آمنة، إلى جانب تأمين مناخٍ اقتصادي ملائم ومشجع على مزيد من الاستثمارات في مختلف قطاعاته وبالأخص الواعدة منها، فضلاً عن تحفيز النشاط الإنتاجي الصناعي والزراعي المعتمد على المصادر الطبيعية المحلية والمستوعب للمخرجات البشرية من الكفاءات والمهارات الوطنية .