قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

هل يـعـود الـبـعـث إلى الـعـراق ؟!
منصور الانصاري
ان الجدل الدائر اليوم في العراق حول إمكانية عودة أعضاء حزب البعث المنحل الى المشاركة مرة اخرى والانخراط بالعملية السياسية فيما بات يسمى بالعراق الجديد، وما يثار حول تلك القضية من قلق ومخاوف .. مشروعة لدى معظم أبناء الشعب العراقي وبعض الدول المجاورة للعراق، يستحق الوقوف عندها والنظر فيها جيدا ومعرفة كل أبعادها ومن يقف وراءها، حيث ان للبعثيين تجارب سابقة مازال العراقيون يعيشون آلامها ويتـذكرونها جيدا، وتجارب حالية – بالتحالف مع القاعدة – لإسقاط النظام الديمقراطي في البلاد وخلق حالة من الفوضى في صفوف الشعب العراقي عن طريق الارهاب و إثارة الفتن، وكما عُرف عن البعثيين أنهم لا يؤمنون بالعملية الديمقراطية كمنهج وأسلوب للحكم وإدارة الدولة، وهم الذين استطاعوا ان يصلوا الى السلطة في العراق فقط بطرق خبيثة ودموية يجعل معه من الصعـوبة بمكان ان يقفز الشعب العراقي على الماضي المرير ويسمح لهم بالعودة لتكرار التجربة.
ان العراق اليوم – كما أفهم – هو يختلف تماما عن عـراق البعث الذي طغى وتكبّر ولم يسلم منه لا شعبه ولا جيرانه، فاليوم وفي ظل نظام ديمقراطي حقيقي تتنافس فيه مختلف الأحزاب العراقية التي تمثل أطياف الشعب العراقي كافة، ويمارس فيه العراقيون حريتهم في التعبير عن آرائهم واختيار من يمثلونهم في البرلمان ومجالس المحافظات، وانتشار القنوات الفضائية والصحف والمجلات والتي بعضها ينتقد وبطريقة ربما تتجاوز في أسلوبها ما هو متبع حتى في أعتى الديمقراطيات في العالم، أقول في وضع كهذا وصل إليه الشعب العراقي بعد مسيرة طويلة من التضحيات والكفاح والنضال ضد الأنظمة الفاسدة، فإنه من الصعب – هكذا يبدو لي – أن يتخلون أو يتنازلون عن تلك المكتسبات مهما كلفهم الأمـر!.
ربما هناك بعض القوى السياسية التي تدفع باتجاه إشراك البعثيين وتسهيل عودتهم مرة أخرى الى الحياة السياسية في العراق، وبما انها قوى .. تمارس دورها من داخل العراق وتحت مظلة الديمقراطية الجديدة، فإن الرد – وأيا كان ذلك الرد – على مطالبهم تلك يكون حقا مقتصرا على الشعب العراقي دون غيره، لكن أن تتدخل قوى إقليمية ودولية للتأثير على رأي الناخب العراقي أو محاولة التأثير على نتائج الانتخابات القادمة هو أمـر خطير جدا سوف تكون له عواقبه على أمن واستقرار العراق الذي هو جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار المنطقة.
إنني أعتقد أن أي محاولة لافشال الديمقراطية في العراق هي ليست بالمهمة السهلة كما انها في المقابل ليست بالمستحيلة، وكما أعتقد أيضا أن البعثيين ومن يقف وراءهم لن يدخروا جهدا في سبيل عودتهم الى العراق مجددا، إلاّ أن كل الشواهد تدل على أن الـعراق ومهما حصل، فلن يعود.. بـعـثـي !..