يوم الندم .. أم يوم العِبرة؟
|
محمد حسن الموسوي
في السابع من هذا الشهر (يوم الاثنين من الاسبوع الفائت) مضى عام على إجراء الانتخابات البرلمانية، فقبل عام وبمثل هذا اليوم تهافت العراقيون من كل حدب وصوب على صناديق الانتخابات التي شهدت تنافسا حادا بين القوائم المتنافسة والتي حاولت بشكل عام أن تظهر بمظهر وطني وان تتخذ من الانتماء إلى العراق عنوانا رئيساً لها وان كان بعضها لم يفارق كليا انتمائه الطائفي او العرقي ولكن وللأمانة كانت هذه الانتخابات أفضل من سابقتها ...
ذهب الناخبون في يوم السابع من آذار السنة الماضية وهم يملكون أكثر من خيار لكن اختياراتهم لم تكن بعيدة عن الدافع الطائفي او العرقي وان كانت اقل حدة مما كانت عليه في المرة السابقة ورغم هذا التقدم النسبي بقيت الخيارات محدودة بالنسبة إليهم. وبعقيدتي أن السابع من آذار مثل بداية طيبة لمغادرة التخندقات الطائفية_ وان لم تكن بشكل نهائي_ على الأقل داخل الأغلبية العربية التي عانت من التشرذم بسبب الصراع الطائفي. مؤخرا تعالت بعض الصيحات التي تطالب باعتبار يوم السابع من آذار يوما للندم !؟. الندم على المشاركة في انتخاب مجلس النواب الحالي.
أتفهم حالة الإحباط التي أصابت اغلبنا بسبب أداء النخب السياسية والبرلمانية على وجه التحديد وفشلها في إنقاذ البلد مما هو فيه او تحسين حالته ، لكنني اختلف مع من يصف يوم الانتخابات بيوم الندم وأقترح أن اسميه بدلا عن ذلك بيوم العبرة والاتعاظ. الندم لن يغير واقعنا المرير، ولن ينفعنا بشيء، بل الذي يغير من الواقع هو الاتعاظ واتخاذ العبرة من تجربة الانتخابات السابقة وذلك لا يكون الا بالتوقف طويلا عند اختياراتنا ومراجعتها.
إن الدول الديمقراطية لم تصل لما هي عليه الآن من رقي وتطور في أداء حكوماتها ونظمها السياسية بين ليلة وضحاها بل مرت بالعديد من التجارب والانتكاسات ووقفت عند تجاربها بعين المتعظ والمعتبر واستفادت كثيرا من أخطائها وتعلمت الدرس جيدا وفهمته, والدرس هو أن الناخب مسؤول أولا وأخيرا عن اختياره لمن سيمثله في البرلمان وعليه أن يختار بوعي لا خضوعا للعاطفة او نزولا عند رغبة الآخرين او وقوعا تحت تأثير الإيحاءات المتنوعة. وإذا كان القانون كما هو شائع لا يحمي المغفلين فان السياسة هي الأخرى لا ترحم العاطفيين في اختيارهم. إن الخطأ عند الاختيار نتيجته ضياع صوت الناخب بل أكثر من ذلك ضياع حقوقه ولا يمكن عند ذلك معالجة هذا الخطأ الا بانتخابات أخرى.
ومن هنا أدعو لجعل السابع من آذار يوما وطنيا للعبرة, فلتكتب الأقلام تحليلا وتمحيصاً واستلهاماً للدروس من هذا اليوم لنخرج بحصيلة من العبر التي تنفعنا في غدنا القادم, لنتخذ منه يوما للمراجعة الشاملة والاتعاظ من تجربة الانتخابات. علينا أن نقف وقفة المدقق المتفحص لا النادم الآسف. فالشعوب الحية هي التي تنتفع من أخطائها وإخفاقاتها وتحولها إلى نجاحات. والعراقيون مدعون اليوم أكثر من أي وقت مضى لمراجعة تجربة السنوات الماضية وبخاصة تجاربنا الانتخابية لنتعلم منها ونتخذ العبرة للأيام القادمة. فعض الإصبع ندما لن يحل المشاكل ولن يوفر لنا الخدمات التي نفتقر إليها ولن يرفع من إنتاج الكهرباء ولن يأتي لنا بمواد البطاقة التموينية ولن يوقف الفساد ولن يزحزح الفاسدين من أماكنهم , الندم لن يفعل أي شيء من هذا , وحده التعلم واتخاذ العبرة هو من يجنبنا تكرار الأخطاء بخاصة وان خيار الانتخابات المبكرة بات هو الأقرب مع تعالي الصيحات المطالبة بها و(المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين) .
|
|