قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

التغيير من سنن الحياة
عمار كاظم
الحياة حركة والحركة حياة وانطلاق. وبالحركة تتكامل عوالم الطبيعة والفكر والمجتمع. ولكل شيء في هذا العالم ضده ونقيضه، والصراع بين الأضداد والنقائض قانون الهي كوني عام وسنة من سنن الوجود. ومظاهر الصراع تتجلى في كل عوالم الخليقة ومفرداتها. فالشجر يصارع ليقاوم العواصف والرياح العاتية، وتيار الماء يصارع ليشق طريقه في وجه الأرض، وعالم الحيوان مسرح مدهش من مسارح الصراع والتنازع من أجل البقاء.
وللصراع والتنازع نتائجه وآثاره في وجود الأطراف المتنازعة وبقائها. ويسجل لنا القرآن الكريم أول صراع شهدته الأرض {واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين} .
بدأت نوازع السيطرة على الآخرين تظهر، فبدأ الصراع على متطلبات الحياة وبدأت سيطرة الأقوياء على الضعفاء، فبعث الله النبيين لحل الخلاف وإيقاف النزاع والصراع وحل مشكلات الإنسان وتصحيح تفكيره. فكان صراع الطواغيت ضد الأنبياء، وبدأ الصراع بين الهدى والضلال. فالصراع ليس حالة طارئه في حياة البشرية، بل هو سنة من سنن الحياة وسبب من أسباب حركة التاريخ والتغيير والتنمية الحضارية والاجتماعية والنفسية والسلوكية لدى الفرد والجماعة.
يبين لنا القرآن حركة الصراع في المجتمع البشري، وتميز خط السير ومعسكر الهدى مقابل معسكر الغي والطاغوت ومنهج الضلال. ويتحدث عن الهدى كمنهج ترشيد للفكر والسلوك ونظام الحياة، وكقوة يكافح اتباعها للإطاحة بالطاغوت واستئصال جذوره الفكرية والسلوكية {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم} .
لقد جربت الشعوب قديما ان تغير واقعها فوصلت إلى ما أرادت إليه ولو بعد معاناة. وفي عصرنا الحديث تحركت الشعوب وما زالت تتحرك للتغيير والإصلاح لمقاومة المستبدين والمتسلطين على شعوبهم، والاستبدال جار لبناء فكر ينبض بالحياة والحركة والنور، ولقرار يحسم كل المشاكل والوقائع، ولرقيب يحكم السلوك. ولا بد من الإصرار على وقاية مجتمعاتنا وأجيالنا، ونتصلب في حماية ثرواتنا ومصالحنا وخيراتنا من العابثين فيها. وإن ربكم لبالمرصاد.