وتلك الأيام نداولها بين الناس!
|
محمد الشيباني
لا يدوم مُلك في الأرض مهما كانت قوته، صولجانة، طول مدتة، لا بد أن ينتهي ويأفل نجمه وتحل محله أمة أخرى قد تكون أفضل، أسوأ، المهم أن الشعوب تميل إلى التغيير وتمل من نمط حكم واحد، لا سيما إذا كان هذا الحكم جباراً، طاغياً، دكتاتورياً، سلطة الفرد هي المسيطرة مع كثرة الوزراء، والمستشارين!
بين يدي خبر نشرته مجلة المصور المصرية بتاريخ 1959/5/29 عن الملك فاروق، عنونته "نهاية أحد ملوك الكوتشينة"، وهي التي كانت تمدحه وتطريه أيما إطراء في الأعداد التي كانت أيام ملكه، وكلها قد مررت عليها، حيث إنها موجودة ضمن مقتنيات مركزنا التراثي، وقد فهرست الكثير من موضوعاتها.عموماً من أهم ما ذكره الخبر هو الآتي: تحققت الأمنية الكبيرة.. التي كان فاروق يعلل النفس بها، فقد أصبح الملك الأسبق من رعايا أمير موناكو، ويحمل جنسية هذه الإمارة التي تعد عاصمتها "مونت كارلو" عاصمة القمار في العالم!
والمرسوم الذي أعطي فاروق بموجبه الجنسية "الموناكية" صدر في 3 من أبريل 1959 موقعاً عليه الأمير رينيه الثالث وهذا نص المرسوم: "نحن رينيه الثالث بنعمة الله أمير وصاحب السيادة لإمارة موناكو، بالنظر إلى الطلب المقدم إلينا من صاحب السمو الملكي الأمير فاروق فؤاد المولد بالقاهرة (مصر) في 11 فبراير 1920، لقبوله بين رعايانا، أمرنا ونأمر بما يلي: "يمنح صاحب السمو الملكي الأمير فارق فؤاد جنسية موناكو وسيعرف من الآن فصاعدا بهذه الصفة وسيتمتع بجميع الحقوق والالتزامات الناتجة عن ذلك بموجب الشروط التي نصت عليها المادة 21 من القانون المدني".
بعدما طرد الملك فاروق من مصر في عام 1956 جال دول أوروبا لعله يجد المأوى والملاذ لتمضية بقية عمره حتى حطت رجلاه في إمارة موناكو.. وسبحان الله، هذه هي حال ونهايات الملوك الطغاة والدكتاتوريات منذ القدم، إما الموت الغريب مثل حكام العراق، وآخرهم الطاغية صدام، وإما الأشد من الموت وهو التشرد بعد العزة والكبر مثل شاه ايران الذي جال العالم حتى ووفق له بعد ذلك على السكنى ثم الموت في مصر! ولكن لا احد من الحكام يتعظ بغيره! ويحسن خاتمته بالأفعال والأقوال والمنافع الطيبة التي يكون لها أثرها في حياة الناس فترفض تغييره والاستغناء عنه بغيره، صيت حسن في حياته ومماته، ولكن أكررها: من يتعظ بغيره! فالموجودون من الحكام على هذه البسيطة ليسوا بأحسن ممن مضى وهلك! فبعض الماضين عرّفوا الشعوب بأنفسهم بالخير أو بالشر في حياتهم، ولكن كثيرا من الحاليين ظاهرهم الرحمة وباطنهم العذاب، يسومون شعوبهم الويل والهلاك تحت رايات الجمهوريات، الحريات، الديموقراطيات...! وهي غش وخداع، الملكيات التي كانت قد تكون أرحم، أشفق عليهم منا!. إن الموت ليس فقط للماضين كما يعتقد من لصق بالكرسي !، وانما من يستعد له برصيد أعمال لا الأموال؟! والله المستعان.
|
|