الاصغاء لمطالب الجمهور قبل استفحال الامور
|
ابراهيم احمد الغانمي
يعترض بعض السياسيين على المظاهرات الجماهيرية التي خرجت وتخرج في عدد من المحافظات مطالبة بتحسين الواقع الخدمي وتخفيف معاناة الناس والايفاء بالوعود والعهود التي قطعتها الحكومة على نفسها في اوقات سابقة.
مرد اعتراض هؤلاء السياسيين هو ان الحكومة الجديدة مازالت في بداية الطريق ومن غير الصحيح تحميلها اكثر من المعقول قياسا الى الفترة الزمنية القصيرة لبدء عملها. وكذلك فأن هؤلاء السياسيين يعدون ان وراء تلك التظاهرات مؤامرات تهدف الى تكرار السيناريو التونسي والسيناريو المصري في العراق.وهناك اعتراضات ومؤاخذات اخرى على التظاهرات، اغلبها، بل جميعها غير واقعية.
ولكن اليس من الاجدر التساؤل اولا عن المغزى والدوافع الحقيقية للتظاهرات؟.
هذا ما يجيب عليه عدد من البرلمانيين العراقيين. فالنائب عن كتلة التحالف الكردستاني محمود عثمان حمل الحكومة والبرلمان والكتل السياسية مسؤولية انعدام الخدمات والبطالة وعدم توزيع مفردات البطاقة التموينية وتوفير الامن ونهب الثروات.اما النائب المستقل صباح الساعدي فيقول ان على الحكومة ان تعي ان من يكبت الشعب العراقي ويقيد حرياته في المطالبة بحقوقه سوف يكون مصيره مصير الحكام الذين اطاحتهم شعوبهم رغم رجودهم في السلطة لاكثر من ثلاثين عاما، وان الذي يجعل الشعب ينتفض هو عدم تقديم الخدمات وعدم حصول المواطن على حقوقه.
وتجدر الاشارة الى ان عناصر عسكرية وامنية كانت قد تصدت للمتظاهرين في قضاء الحمزة الشرقي بمحافظة الديوانية ومناطق اخرى بالاسلحة وتسببت بأستشهاد واصابة عدد منهم، وهذا ما عمق مشاعر الغضب والاستياء وتصاعد الاصوات الداعية الى احترام حقوق المواطن في التعبير عن ارائه وطرح مطالبه من خلال التظاهرات والاحتجاجات السلمية.
وبنفس السياق تقول النائبة ميسون الدملوجي انه لاتوجد في البلد سياسات استراتيجية او حتى اولويات فضلا عن انعدام الرقابة على المسؤولين، وان الوزارات والمؤسسات الحكومية لم تقدم حسابات ختامية منذ عام 2004، وهذه اشارة الى استشراء الفساد الاداري والمالي في مختلف مؤسسات الدولة، وبالتالي انعكاسه على واقع الخدمات المقدمة الى المواطن.
اما النائب عن التحالف الوطني العراقي السيد محمد الصيهود فيقول ان مليارات الدولارات في موازنات النفقات الاستثمارية منذ عام 2003 وحتى الان كانت في ايد غير امينة ولم تعالج التركة الثقيلة من انعدام البنى التحتية وسوء الخدمات وتفشي البطالة والفساد. في ذات الوقت يشير الصيهود الى ان التظاهر حق مكفول دستوريا ولكن المطالبة بأسقاط الحكومة شيء والاحتجاج على تردي الخدمات شيء اخر.
وبنظرة سريعة تبدو اراء ووجهات نظر السادة النواب الذين استعرضنا بأقتضاب جانبا منها اكثر واقعية من اعتراضات زملاء ورفاق لهم اما تحت قبة البرلمان في ضمن التشكيلة الحكومية او في أي مكان اخر.
لاينبغي الدفاع عن اخيك ظالما او مظلوما مثلما يقولون، وكذلك لاينبغي ان تفهم كل صيحة احتجاج او تذمر واستياء على واقع خاطئ بأنه استهداف للدولة ومؤامرة عليها.
|
|