التوسل بالأولياء والنظرة السوداء الى السماء
|
*يونس الموسوي
في حديث مروي عن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء سلام الله عليها تقول: (فاحمدوا الله الذي بنوره وعظمته ابتغى من في السماوات ومن في الأرض اليه الوسيلة، فنحن وسيلته في خلقه ونحن آل رسوله).
أن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نبتغي إليه الوسيلة، ودلنا عليها، وأخبرنا أن الطريق إلى الفلاح ليس بالإيمان والتقوى فحسب، بل وبإبتغاء الوسيلة اليه. ثم ان الله سبحانه وتعالى الذي جلّ عن ان تدركه الأبصار وتنزه عن مشابه الأغيار، خلق الخلق عبر اسباب ووسائط، فقد خلق الإنسان من ماء مهين يخرج من بين الصلب والترائب، وهو قادر على أن يخلقه بغير ذلك وهو الذي جعل الشفاء في الدواء، وخلق الاحياء من الماء، وهو القادر على خلق ذلك من غيره. وهو أيضاً الذي أوكل قبض الأرواح إلى ملك الموت، وأنزل المطر وتوزيع الأرزاق، بل انه يدير شؤون الكون عبر ملائكته وهو القادر على ان يفعل كل ذلك بدونهم، وانما خلقهم وأوكل لهم هذه المهام ليكونوا من مظاهر عظمته وجبروته.
وكما ان الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نأخذ بالاسباب في الأمور الطبيعية كذلك أمرنا باتخاذ الوسيلة للوصول إليه. فإذا كانت الفرائض والعبادات هي الوسائل إليه فإن إحدى هذه العبادات والفرائض وربما من أهمها هي مودة أهل البيت (ع) حيث قال تعالى: "قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى"، نعم ان نطلب من الله سبحانه وتعالى بشكل مباشر والانقطاع إليه شيء مطلوب ومرغوب، ولكن لقصورنا وتقصيرنا وإسرافنا على أنفسنا أبعدنا أنفسنا عن الله سبحانه وعن قربه، فحين ندعوه ونسأله فلماذا يستجيب لنا، وقد شرط إجابته بطاعته وعدم معصيته، ونحن الذين قصّرنا في طاعته وأسرفنا في معصيته. فالتقوى والعمل الصالح من أهم الوسائل لنيل رضاه، ولكن ماذا يفعل العاجزالمقصر، لاسيما إذا وقع في الإبتلاء وهو يحاول الخروج منه.
ان دعاء العبد المسيئ لن يكون كدعاء العبد المطيع، ودعاء العبد المطيع لن يكون كدعاء النبي أو الوصي، بينما إذا اقترن دعاؤه بدعاء النبي (ص) سيكون أنجع وافضل. قال تعالى: "وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا" (النساء /64)، وقال سبحانه على لسان اولاد النبي يعقوب عليه السلام: "قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ" (يوسف /97). هذه الآية توضح ان استغفار الرسول لهم إذا اقترن باستغفارهم كان انجح واكثر مقبوليةً من استغفارهم شخصياً. وكذلك طلب الحاجة والشفاعة، فيكرم الله سبحانه وتعالى عباده اكراماً لنبيّه (ص).
ومن الشبهات التي يثيرها بعض الجهلاء والمدعين الايمان والاسلام، في خصوص التوسل بأئمة أهل البيت وانه نوع من الشرك وحجتهم الآية التالية: "إِنَّ الَّذِينَ تدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ" (الأعراف /194). "وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلآ أَنفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ" (الأعراف /197)، وغافلين عن أن هذه الآيات تخص اليهود والنصارى والذين كانوا يدعون رهبانهم أو المشركين الذين يدعون الجن مع الإعتقاد بانهم يملكون القدرة المستقلّة عن قدرة الله سبحانه وتعالى، ولا تعني النهي عن التوسل إلى الله بأنبيائه وأوليائه.
فلو كان مطلق الخضوع شركاً وعبادة للغير لكان خضوع العبيد للموالى والرعايا للرؤساء والملوك، والزوجات للأزواج والتلميذ للمعلّم، كلها خضوعاً لغير الله وشركا به وعبادة لغيره. ولو كان ذلك شركاً في عبادته، ولكان تقبيل الحجر الأسود واستلامه عبادة له. ولكان النبي يعقوب وولده بسجودهم ليوسف مشركين.
ان التوجه إلى الله سبحانه وتعالى باوليائه فيه بيان لفضل وعظمة شأن المتوسل بهم وهو تعريف علمي بمقامهم ومكانتهم، وهو سبيل إلى حب وطاعة المتوسل به، واعتباره الباب الذي يؤتى منه والطريق الذي يسلك به إلى الله. حيث يقول الإمام الصادق(ع): (بنا يعبد الله، وبنا يطاع الله، فمن أطاعنا فقد أطاع الله، ومن عصانا فقد عصى الله). (دعائم الإسلام ج1/75).
|
|