المهدوية.. تجسيد للخلاص الذي تتطلع اليه البشرية
|
*يونس الموسوي
لابد أن نرفع من مستوياتنا الفكرية والثقافية حتى نستطيع أن ندرك حقيقة المهدوية ونكون دعاتها إلى أقصى الأرض، فقضية الإمام المهدي (عج) هي من الوسعة والكبر بحيث يتطلب الأمر منا أن نرفع مستوانا إليها حتى ندرك آفاقها، ثم إن الإمام الحجة المنتظر (عجل الله فرجه) ليس خاصاً بالشيعة فقط، بل هو سيأتي للعالم كله، وهو يحمل مضامين وقيماً وأهدافاً للبشرية كافة، فماذا عملنا لنشر هذه الرسالة العظيمة؟ ومالذي قمنا به للتبليغ لقضية الإمام (عجل الله فرجه)؟ وكيف نعد أنفسنا جنوداً له؟ أو ندعو الله بأن نكون من جنوده وأصحابه، ونحن لم نعمل شيئاً.
العلم الحديث أتاح لنا مخاطبة البشرية كافة عن طريق البث عبر الأقمار الصناعية، وعبر الشبكة العالمية للإتصالات (انترنت) وغير ذلك من وسائل الاتصالات الحديثة التي قربت المسافات بين البشر.
ولابد أن نشيد هنا بجهود ذلك المؤمن الفلسطيني الذي استطاع عن طريق الاتصال عبر الانترنيت والمحاولات التي أجراها مع ذلك الشاب اليهودي، أن يكسبه إلى مسيرة الإسلام وأهل البيت صلوات الله عليهم بعد أن عرض عليه قضية الإمام الحسين عليه السلام.
وإذ كنا حقاً من عشاق الامام المهدي(عجل الله فرجه) وأن يكون ظهوره المبارك في عصرنا هذا، فإنه يتطلب منا أن نعمل لتحقيق ذلك، فلا يكفي أن نقول باللسان نحن أنصار المهدي ولانعمل شيئاً إزاء هذا التعهد.
فعلى أقل التقادير يجب أن نبلغ لقضية الإمام المهدي (عجل الله فرجه) في العالم كله وبكل اللغات ولكل القوميات ولجميع الأديان، لأن قضية الإمام تتفوق على جميع التمايزات اللسانية والقومية وحتى الدينية، فأنت تستطيع أن تتحدث مع المسيحي وتكلمه عن المنقذ، وتتكلم مع اليهودي وتحدثه عن المآسي التي تحدث في العالم، وتتكلم مع الروسي وتحدثه عن الفساد الذي يقع في العالم والظلم والحروب والمجاعة والايدز.
أمراض العصر التي على الرغم من التقدم العلمي والتكنلوجي إلا إنها ما زالت تفتك بالبشرية، هذه الأمراض التي بحاجة إلى الدواء السريع لأنها لاتحتمل التأخير، وحضارة اليوم هي عاجزة عن تقديم هذا العلاج، وفي الوقت الذي يجب أن تكون القوى الكبرى الحامية للبشرية نجدها تعمل على اشعال الحروب وقتل الملايين، في مناطق مختلفة من العالم، وهؤلاء ضحايا القوى الكبرى التي بدلاً من أن تعمل على منح الحياة والسعادة للبشرية تزرع القتل والارهاب والعذاب للناس، وهذا هو ما يحصل في فلسطين وأفغانستان والصومال والسودان واليمن، وما شهدناه في سنوات القرن الماضي الذي شهد عقود دامية من الحروب وعمليات الإبادة والتشريد والمعاناة لملايين الناس، طبعاً كان للمسلمين النصيب الأوفر من هذه المعاناة والمآسي، من البوسنة في أوربا وحتى الشرق الاوسط وقضاياه المعقدة، والى الهند وباكستان وافغانستان وكشمير وحتى آسيا الوسطى والقوقاز، بل حتى وصولاً الى اقليم (سينغ يانغ) المضطهد في الصين.
إنك إذا تحدثت عن المنقذ في أية بقعة من بقاع العالم سيكون حديثك مفهوماً ومقبولاً، ذلك أن الجميع يشعر بالحاجة إلى التغيير وإزالة الكابوس الذي يتحكم بالعالم الذي حول حياتهم إلى حروب ونزاعات ومشاكل.
قضية الإمام المهدي(عجل الله فرجه) هي قضية عالمية وتهم البشرية كافة، وهو سيأتي لأنه يملك رسالة خلاص لجميع هؤلاء المعذبين، ويفك أسرهم من قيود الكفر والعبودية، فهذا الشيطان العالمي الذي يقبض على زمام أمور الكون لم يزرع في هذه البلاد غير الخوف والقتل والارهاب، ومن أجل أزاحته يجب أن تتظافر جهود البشرية كافة مسيحيين ومسلمين ويهود حتى يحصلوا على حريتهم ويحققوا العدالة.
لذا فان المهدوية هي النظرية الوحيدة التي يمكن أن تكون محل قبول البشرية كافة، والعقيدة الوحيدة التي يمكن أن تجمع البشرية كافة تحت ظلها، والنظرية الوحيدة التي تفكر بها الإنسانية جمعاء، فهذه العقيدة قد توحدهم في الإطار الإنساني، وتوحدهم في الإطار الفطري وفي إطار الحاجات الأساسية للبشرية كافة، لأن الحضارة المعاصرة ليست فقط لم تقدم لهم ما يحتاجونه لتحقيق حياة كريمة بل سلبتهم إنسانيتهم وكرامتهم.
ولم تميز هذه الحضارة بين إنسان وإنسان، بل جعلت الجميع خدماً وعبيداً لقوى رأس المال الذين يمتلكون المليارات، فالعبيد ليسوا فقط في الصين أو الهند أو الفلبين بل العبيد يقطنون حتى في الولايات المتحدة، هؤلاء المسخرون لخدمة أصحاب رؤوس الأموال الذين يهدرون كرامتهم وعزتهم وشرفهم من أجل الحصول على حفنة من المال من يد صاحب رأس المال.
هناك لغة مشتركة يمكن أن تجمعنا مع هؤلاء القوم، وتدفعنا للتضامن معهم ومشاركتهم أحزانهم ومآسيهم، لأن المسلم هو صاحب قضية إنقاذ للبشرية كافة، هي لاتقتصر على العرب فحسب بل إلى العالمين كافة.
وليس المقصود من ذلك هو بسط الهيمنة على شعوب العالم بل المراد هو مساعدتهم في استيفاء حقوقهم، وتحقيق أمنيتهم بالعيش الكريم والسعيد في الحياة الدنيا، وهو هدف الإسلام منذ البعثة وحتى اليوم هو نشر السعادة في بقاع العالم كافة، وكان هذا هو سر إنتصار الإسلام على مدى التاريخ، فهو عندما يذهب إلى بقية الشعوب يرسل لهم الخير والسعادة، بالعكس تماماً عما تفعله القوى العالمية اليوم حيث تزرع الحرب والقتل أينما حلّت، بدلاً من الخير والازدهار.
وإذا كان الخطاب المهدوي قريب من أذهان وعقليات البشرية أديانها وعقائدها السماوية والأرضية كافة فهي قبل ذلك لغة مفهومة من قبل إخواننا المسلمين، فمن جهة نجد أن قضية المهدي موجودة في المذاهب الإسلامية كافة وهي جزء من عقيدتهم، إذن.. يمكن اعتبارها لغة مشتركة يمكن التحدث بها بدلاً من لغة السباب والشتائم التي تضر بالإسلام قبل أي شيء آخر.
فهناك أحاديث كثيرة عن رسول الله(ص) موجودة في كتب المسلمين كافة، فليس من السهل إنكار هذه القضية ولذا ليس متعذراً على الشيعي أن يخاطب أخوه السني بقضية الإمام المهدي، والمخلص الذي سيأتي لخلاص البشرية والمسلمين بالذات من أيدي الظالمين.
|
|