الفرق الضالة التي سيكون هلاك الأمة على يدها
|
*طاهر القزويني
لقد تنبأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهلاك الأمة الإسلامية على يد ثلاث فرق هي: القومية والقدرية والروائية، فقد جاء في (كنز العمال/ ج2- 4395)، بان (هلاك أمتي في ثلاث: في العصبية، والقدرية، والرواية من غير ثبت).
فأما القومية فهي التي تتعصب للعنصر العربي فتصبح عقيدتهم من دون الإسلام، وقد بدأت هذه الفترة من تاريخ العرب في زمن الدولة الأموية وانقطعت مع مجيء الدولة العباسية وعادت في فترات متفاوته من التاريخ السياسي الحديث، لتستولي على مقادير الأمور مرة أخرى مع مطلع القرن العشرين، وتحديداً بعد مغادرة الاستعمار البريطاني الأراضي العربية، وبعد هزيمة الدولة العثمانية، فظهر التيار الناصري ثم البعثي وغيرها، وقد لقيت الأمة أكبر هزائمها على يد هذه الفرقة، كان أكبرها عام 1967 في الحرب مع الكيان الصهيوني فيما عُرف بحرب الأيام الستة، وفي غضون هذه الايام تمكن الاسرائيليون من إلحاق الهزيمة بالجيوش العربية التي ترفع الشعار القومي، وتمكنت من احتلال القدس الشريف وما تزال.
والفرقة الثانية وفق نص الحديث هي (القدرية)، وهذه الفرقة قد ظهرت في فترات متفاوتة من تاريخ الأمة الإسلامية وهي تؤمن بالحتمية وترفض حرية الإنسان واختياره، وفي هذا الزمن قد لا توجد هناك فرقة منظمة تعلن عن مثل هذه الأفكار والمعتقدات، لكن أفكار القدرية منتشرة بين شعوب البلدان الإسلامية، فنجد تأثيرها على طوائف ومذاهب متعددة.
وأما الفئة الثالثة التي تسبب الهلاك للأمة الإسلامية فهي الفئة أو الفرقة التي تنتشر اليوم بشكل كبير في عالمنا الإسلامي، والتي تدعمها الوهابية وهي (الفرقة الروائية) فهذه الفرقة التي تعمل بالظاهر وفق النصوص الدينية، لكنها لاتأخذ من الدين إلا المعنى المحرّف منة، ولا تأخذ من الروايات إلا المزيفة والباطلة منها، واليوم نحن نشاهد العشرات من رجال الإفتاء الذين يظهرون على الفضائيات و يفتون الناس بحسب آرائهم وأهوائهم، لأنهم بعد أيام أو بعد أشهر يتراجعون عنها، وهؤلاء هم خريجو المدارس السعودية حيث لاتعتمد هذه المدارس على الأصول العلمية في دراسة الحديث والسنة، فيأخذون من الروايات ما هو ضعيف، ويتركون الصحيح السليم.
ويكفي أن نلقي نظرة على أوضاع بلاد المسلمين لنكتشف أحقية تنبؤ الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) حيث عدّ هؤلاء سبب هلاك الأمة، فالحروب التي وقعت في أفغانستان وباكستان والصومال واليمن والجزائر في وقت سابق هي من نتاجات ذلك الفكر الضال ولابد أن نتذكر إن أول من بدأ وأعلن الحرب الطائفية في العراق هو أحد ابناء هذا الفكر الضال المدعو (أبو مصعب الزرقاوي)، خريج المدرسة التكفيرية السعودية.
إن الدمار النفسي والفكري الذي تلحقه المدرسة التكفيرية بأمة الإسلام هي أشد وأعظم من الدمار الذي تحدثه الحروب التي يخلقها هذا الفكر المنحرف والضال في البلدان الإسلامية، ولاريب أن تنبؤ الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بهلاك الأمة الإسلامية على يد هذه الجماعة هو تنبؤ صادق ويكشف عن حقيقة هذه الفرقة الضالة.
إذن، ما العمل مع سيطرة هذه الفرق الثلاث على مقدرات الأمة؟
إما أن نستسلم أو نواجه الفكر المنحرف لهذه الفرق الثلاث بإرادة صلبة.
فإذا أردنا الحضارة والحياة الكريمة، فإن الطريق هو أن نعمل على بناء القيم الإيجابية في الأمة، وقبل أية حركة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، يجب أن نبدأ من ناحية ونبدأ بتصحيح المفاهيم المغلوطة التي أسستها الفرق الثلاث.
مثالاً على ذلك، كان الشعب العراقي يعيش بطمأنينة وسلام بين أطيافه وطوائفه المختلفة، ولكن بمجرد دخول مدرسة التكفير إلى العراق ماذا حلّ بالشعب العراقي؟
إذا تجاهلنا أعداد الضحايا والدمار الذي لحق بالبلد نتيجة الحرب الهمجية التي بدأها التكفيريون، نتساءل ما الذي سيردم الهوة التي حدثت بين الطائفتين السنية والشيعة نتيجة تلك الأحداث؟
قد يكون تحقيق المصالحة بين النفوس بعد الذي حدث هو شيء صعب لكنه ممكن الحدوث.
من المؤسف جداً أن تنقاد طائفتان كبيرتان مثل الشيعة والسنة إلى حرب هوجاء لم يخططوا لها وإنما إنجروا إليها نتيجة تدخل تلاميذ المدرسة السعودية التكفيرية الجاهلة، فهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على الضعف الذي لحق بنا حيث يستطيع أن يمزق رجل من المشرق أو المغرب أوضاعنا، لذا يجب أن نواجه الفكر التكفيري بكل بسالة لكي لانقع فريسة لهذا الفكر الضال.
وأما بالنسبة إلى الفرقتين الأخريين التي جرى الحديث عنهما في وقت سابق، وهما: القومية، والقدرية فنحن في هذا الزمن نشهد إنحسار الفكر القومي وذلك كنتيجة طبيعية لسلسلة الهزائم التي شهدتها الأمة في ظل تحكم وسيطرة هذا الفكر خلال القرن الماضي.
وأما أفكار القدرية فهي تسيطر على مخيلة الجماعات المنزوية والمنغلقة على نفسها، وترفض القيام بأي تحرك إيجابي لصالح الأمة لاعتقادها بعدم جدوائية ذلك. ولاشك أن هذه الفرقة وأفكارها هي التي تبرر وجود كل أنواع الفساد السياسي والاقتصادي في البلد.
وهذه الفرقة مبتعدة عن كل ما يمت إلى الحياة والتقدم بصلة وإنما صلتها بالماضي والخضوع لقوانين الحتمية التاريخية، وأن الإنسان عاجز عن فعل أي شيء امام التحولات التي تفرض نفسها عليه.
وفي الختام يجب أن نقول أن المشكلة ليست فقط في ظهور هذه الفرق الضالة والمنحرفة عن الإسلام ولكن المشكلة في بعض مثقفينا واعلاميينا الذين يصبحون بسهولة أداة لهذه الفرق كما لاحظنا ذلك في سقوط الكثير منهم ليصبح بوقاً لمن يريدون تقسيم البلد وتقطيع اوصال الأمة.
|
|