قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

ملحمة الأربعين: المشاة والمواكب.. صور ومشاهد معبرة وفريدة تجدد الولاء وتتحدى الإرهاب
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة حفلت مسيرة الاربعين الميلونية لهذا العام، وكما كل عام، بشتى صور الإباء والارادة والتعاون والكرم والجود، ومشاهد فريدة تستحق الوقوف عندها.. ففي ما يمكن وصفه بمعجزة لا تستطيع اي دولة او امبراطورية ان تصنعها او تتحمل اداراتها، أن تجمع هذا القدر من الناس وان توجههم بلا مشاكل، بل بتعاون فيما بينهم وحب وإيثار. كان هنالك نحو 15 مليون نسمة تحركوا نحو كربلاء الحسين(ع) من داخل العراق بينهم أيضا نحو 200 الف زائر من خارج البلاد، وقرابة 5000 موكب، منها اكثر من ثمانين موكباً من خارج العراق، وزوار من جميع قارات ودول العالم تقريبا جاءوا لزيارة مرقد ابي عبد الله الحسين (ع)، في جموع لا تستطيع دول بأكملها ان تستقبلها وتنظم امورها وتلبي احتياجاتها من طعام ومياه ومبيت وأمن، خلال نحو عشرة ايام متواصلة، فضلا عن مدينة لا تمتلك اي مقومات حقيقية من ناحية الخدمات والطرق والامكانيات اللازمة، وغيرها، الاّ أن نقول ونجزم أنها "معجزة السبط الشهيد " عليه السلام،التي صنعها ويصنعها، بنهضته وجاذبيته وشخصيته الربانية، بصدقه وكرمه وكرامته وإبائه وعرفانه، وتجسيده لجميع الفضائل والقيم.
وقد بدت معظم شوارع المدن لاسيما في الجنوب والوسط، والعاصمة بغداد شبه خالية، إلا من الزوار المتوجهين مشيا على الأقدام نحو كربلاء المقدسة، والتقى العراق جنوبه بشماله بوسطه، في رحاب كربلاء الحسين(ع) .. كردا وعرباً، مسلمين، ومسيحيين وكلداناً وصابئة وآشوريين وجموعاً من المستبصرين من العراق ومن مختلف انحاء العالم، وغيرهم من الفئات والانتماءات شاركت في العزاء والمواساة وتقديم الخدمات. مسيرات راجلة شارك فيها مختلف فئات الشعب ،،من الطفل الرضيع وكبار السن، والشباب والمرضى والعاجزين، رجالا ونساءً، في أرقام قياسية هي الأعلى في العالم على مستوى التجمعات البشرية على اختلاف أنواعها، مجددين عهد الولاء مع أهل البيت(ع) يجمعهم ويوحدهم حب الحسين(ع) تحت رايته الشامخة.
لافتات واشعار وهتافات الزارين المشاة والمواكب كانت تؤكد الميثاق والولاء مع السبط الشهيد(ع) من جانب، وتعبر من جانب آخر عن ارادة ومطالب الجماهير الحسينية في الاصلاح ومحاربة الفساد السياسي، كما تتحدى الارهاب والدول الداعمة له، والقتلة ومن يقف وراءهم من اصحاب الفتاوى التكفيرية، وأيتام البعث الصدامي، وتندد بالضغوط والتدخلات الامريكية والعربية ومحاولات إعادتهم مرة أخرى الى مراكز السلطة .
ومن بين المشاهد المعبرة والكثيرة التي يحار المرء ايها يختاره ويقف إمامه متأملا، وصول موكب ضم جمعا من زوار الامام الحسين عليه السلام، من الهند، مشيا على الاقدام، في رحلة استغرقت نحو 8 أشهر. فيما كان هناك موكب خاص نضمه الاخوة من "الصم والبكم" شارك في احياء مراسم الاربعين وقدم الخدمات للزائرين، في تقاطع (باب طويريج) وكانت مبادرات مماثلة من هذه الشريحة الاجتماعية قد تجسدت في زيارات عديدة في كربلاء المقدسة. كما قام موكب حسيني قادم من المنطقة الشرقية في السعودية بتقديم الخدمات والطعام هذا العام بعيدا عن مدينة كربلاء المقدسة، في الطريق بين النجف وكربلاء، حيث عبر اصحاب الموكب عن مدى فرحهم الذي صاحبته الدهشة من الاجواء والمشاهد التي عايشوها خلال ايام خدمتهم للزوار المشاة. فيما أكد زوار قادمون من بلدان عدة انهم مندهشون حيث لم يروا في حياتهم وفي جميع انحاء العالم ماشهدوه من الكرم والجود الذي لمسوه لدى الشعب العراقي، وكيف أن مقدمي الخدمات يلتمسون بشدة من الزوار ان يقبلوا منهم ضيافتهم وخدماتهم، وبشتى انواع واشكال الطعام وصوراً أخرى ومتنوعة من الخدمات المجانية.
وتأكيدا على تجسيد قيم التعاون والعيش المشترك، شارك موكب نساء كركوك، مواكب الزائرين لإحياء أربعينية الإمام الحسين عليه السلام بكربلاء المقدسة وسط حضور لافت، وتحت شعار كبير خط على لافتة الموكب تبين أنه يجمع ويمثل شيعة وسنة وكرداً وعرباً من كركوك وباقي مناطق شمال البلاد. وفي المحمودية، إنتقل احد خدمة الامام الحسين (ع) الى جوار ربّه تحت راية حب الحسين (ع) وخدمة زواره، متوفياً نتيجة الاجهاد والعمل المتواصل لمدة اسبوع في خدمة الزائرين المشاة المارين بمدينة المحمودية. وذكر مصدر طبي في مستشفى المحموية الاربعاء الماضي ان خادم زوار الامام الحسين(ع) محمد بنية، البالغ 47 عاما توفي نتيجة الاجهاد الشديد على خلفية عمله المتواصل لفترة اسبوع في تقديم الطعام والشراب والخدمات الى الزائرين، حيث تم نقله بعد تدهور حالته الصحية وعن طريق مفارز الاسعاف الفوري المنتشرة على طول الطريق الى مستشفى المحمودية حيث وافته المنية.