الزيارة.. تظاهرة إعلامية
|
محمود الموسوي
الإعلام يُظهر الحقائق ويبرز الحدث للآخر، وله أثر كبير في إلفات النظر العالمي لذلك الحدث، فكما يكون الاهتمام الإعلامي يكون الأثر بحجمه وسعته، وإننا كم شاهدنا من أحداث بسيطة لا أهمية لها، تتضخم بأداة الإعلام، خصوصاً مع التقدم الذي أحرزته وسائل النقل الإعلامي لكافة الناس (*)، وقد شعرنا في أحيان كثيرة أن هنالك من الأحداث ما يستوجب الاهتمام، ولكنه يوأد ويقبر، بسبب التعتيم الإعلامي. ولهذا السبب يحاول أعداء الدين وأعداء أهل البيت(ع) بذل كافة جهودهم من أجل طمس الحقائق عن أعين الناس.
ومن الملاحظ أن أهل البيت (ع) أعطوا زيارة الإمام الحسين (ع) أهمية بالغة، وحثوا شيعتهم على الإقبال عليها، بل صرحت بعض الروايات على الوجوب وبعضها على (الفرض) مما يشعر بأهميتها البالغة في حركة المجتمع الشيعي، ولم يسقط ذلك التكليف والتوجيه بسبب الخوف من المكاره أو الموت، حيث عبّرت الرويات أن على كل ذلك فضلاً أقله الجنة.فهذا ابن بُكير يقول للإمام الصادق (ع): إنّي أنزل الأرَّجان وقلبي ينازِعُني إلى قبرِ أبيك، فإذا خرجت فقلبي وَجِلٌ مشفقٌ حتّى أرجع خَوفاً من السّلطان والسُّعاة وأصحاب المَسالِح، فقال له الإمام (ع):" يا ابن بُكير أما تحبّ أن يَراك الله فينا خائفاً؟ أما تعلم أنّه مَن خاف لخوفنا أظلَّه الله في ظلِّ عرشه، وكان محدِّثه الحسين عليه السلام تحت العرش، وآمنه الله مِن أفزاع يوم القيامة، يفزع النّاس ولا يفزع، فإن فزع وَقّرَته الملائكة وسَكنتْ قلبه بالبِشارة ".
فبعد هذا التوجيه وغيره من أهل بيت العصمة والطهارة، أصبحت زيارة الإمام الحسين (ع) تظاهرة مليونية، حيث تهوي إليها القلوب من كل البلاد، وتأتي مرقده الطاهر شلالات هادرة في مواسم متعددة كل عام، كما هي في زيارة الاربعين و العاشر من محرم وليلته، وليلة النصف من رجب وشعبان وعرفة وغيرها.فكما أن الزيارة تسهم في تربية الإنسان في نصوصها ومن خلال آدابها، كذلك هذه التظاهرات الحاشدة، يمكنها أن تسهم في الإعلام للفكر الإسلامي والحسيني، فيطلع العالم على هذا الحدث المهم، ويتساءلون عن سر هذا الانجذاب وهذا الحب الكبير، ففعل الزيارة والإقبال عليها هو أرضية الحدث الكبير الذي ينبغي أن يستثمر فكرياً وتربوياً، وذلك من خلال الاستفادة من وسائل الإعلام والتثقيف في إيصال رسالة الإمام الحسين (ع) وتعاليمه في كافة المجالات إلى العالم، والتي هي التعبير الصادق عن رسالة الدين ورسالة القرآن الكريم، وهذه من أعظم الفرص التي ينبغي أن تستثمر، أليس الإمام الحسين (ع) "مصباح هدى وسفينة نجاة".
ـ ـ ـ
(*) تنقل التقارير أن الميزانية الإعلامية هي الأعلى في الإعلام الغربي، مقارنة بالجوانب الأخرى، كالمواصلات والكمبيوتر والتسلح، وقد أنتج خلال فترة عشر سنوات 150 فيلماً يشوه صورة الإسلام، وقد دفع أحد مواقع الإنترنت الشهيرة مبلغ مليار و600 مليون دولار للسيطرة الإعلامية على موقع انترنت آخر.
|
|