مابعد الأربعين
|
خادم الحسين(ع)
البعض منّا ـ وللاسف الشديد ـ يعرفون الإمام الحسين (ع) عبارة عن مراسم وطقوس دينية فحسب، تبدأ في أول محرم وتنتهي في العشرين من صفر .. فهل أن هذا الفهم وهذه المعرفة لوحدها ـ على اهميتها وضرورة الحفاظ عليها وتنميتها ـ تتناسب وأهداف النهضة الحسينيـــة ؟
إنّ الأساس في المسيرة الحسينية هو الاقتداء بما يقدمه الإمام وبما يقوله الإمام من أجل بناء الذات ومن أجل بناء الواقع، بوصفه إماماً مفترض الطاعة وواجبنا الاقتداء به، وهو الذي قال "ولكم فيّ أسوة"، فهذا هو الأساس، وإننا عندما نقول بأن حراكنا الحسيني وإحياءنا لموسم وشعائر الإمام الحسين (ع)، ينبغي أن يكون عبر جانبين، هما "الاهتمام بالشعائر" و "الاهمتام بالقيم" أو كما يقول سماحة آية الله السيد هادي المدرسي "قضية الحق المضيع، وقضية الجسد المقطّع". إنما نقول ذلك لكي يخدم كلا الاتجاهين الهدف الأساس من تحقيق فكرة الإمامة والإيمان بالإمامة في واقعنا المعاصر، فالجانب القيمي و المعرفي يجب أن يتركز أيضا ليكون محورا اساسا الى جانب الشعائر، فإن الشعائر هي أطر مهمة تحمل المحتوى الأهم. فأهمية الشعائر هي تعميق المعنى والمحتوى، فلابد من استحضار القيم والمعاني على الدوام، ليكون تعاطينا تعاطياً معتدلاً متوازناً ومثمراً بالعطاء الدائم .
وها قد انتهت زيارة الاربعين ومن قبلها زيارة عاشوراء.. وعادت الملايين الى مدنها وبيوتها وبلدانها.. بعد أن ضربت اروع الامثلة والنماذج في الولاء والايثار والعطاء والكرم والتواضع والتعاون والالفة و...، خلال ايام الزيارة، فماذا علينا أن نعمل بعد أداء الزيارة، هل نعود من نهر التوبة والطهر والمعرفة والقيم، الى حياتنا الاعتيادية اليومية في بيوتنا ودوائرنا وشوارعنا، ومختلف علاقاتنا الاجتماعية، نمارس ونعيش ازمات وتشجنات وعلاقات تفتقد في ظروف وأحيان كثيرة الى الكثير من هذه القيم والاخلاق التي سادت بيننا خلال ايام الزيارة !؟، أم أننا نحافظ على هذه الروح السامية، روح الولاء والآباء والتعاون والتكافل والتفهم وطيب الاخلاق والمعشر، والابتعاد عن الغيبة والنميمة والتسقيط والاشاعات والحسد والجري وراء الخلافات لتعميقها والانانيات والتحزبات..
ما احوجنا الى أهمية الشعور بتحمل المسؤولية، و روح وارادة الاصلاح والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي كانت محور وشعار نهضة الامام الحسين(ع). مااحوجنا كأفراد واحوج مجتمعنا الى أن ننشر هذه الروح والاجواء الايمانية التي اشعناها وعشنا في ظلها خلال ايام الزيارة، ونحملها معنا ونعممها على باقي ايام حايتنا طوال العام، على علاقاتنا وسلوكياتنا، وفي دوائرنا وعشائرنا ومؤسساتنا وبيوتنا، ولرأينا كيف تتبدل حياتنا الى حياة طيبة ملؤها العطاء والود والاطمئنان، نسأل الله تعالى أن يوفقنا الى ذلك إنه خير معين.
|
|