قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

النموذج المتحضّر غاية الشباب وأملهم
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة *علي حسين عبيد
الانسان منذ أن يولد، يفتح عينيه على محيطه، ويحاول أن يتعرّف عليه، ويصغي بسمعه الى الاصوات التي تدور حوله؛ فيحاول أن يعرف مصدرها ويفهم معناها، أما الحركات التي تحدث أمام بصره، فإنه سرعان ما يحاول تقليدها، جُبل الانسان كهذه على التقليد البصري والسمعي، ليكتسب مهاراته وخبرته؛ كي يتواصل مع متطلبات الحياة، ويلبّي حاجاته الفردية، أو العائلية، او المجتمعية بصورة عامة.
وبهذا المعنى فإن الانسان، لاسيما في مراحل الطفولة والشباب، يبقى بحاجة ماسة الى النموذج الحسن؛ مقابل النموذج السيئ الذي يمكن أن يتواجد في محيطه، فالشباب بحاجة الى النموذج الراقي الذي يؤثر فيه ويصقل أفكاره وسلكوه، ويجعله مؤمناً بالقيم والمبادئ السامية، ومتحلّياً بالسلوك المتحضّر، حتى في أكثر المواقف حرجا وصعوبة.
ونخصّ الشباب في أهمية حضور النموذج، كونهم غالبا ما يشكلون الشريحة الاوسع في مجتمعاتهم، فضلاً عن حيويتهم وسرعة استجابتهم لتنفيذ المتغيرات الحاسمة في حياة الشعوب، وقد أثبتت الوقائع الاخيرة التي حدثت في معظم الدول العربية والاسلامية، أهمية الدور الذي يلعبه الشباب في حياة شعوبهم.
وحديثنا هنا عن النموذج، لابد أن يذكرنا بالشباب المصريين، والتونسيين، فهؤلاء إستطاعوا أن يوظفوا أدوات العصر لصالحهم ولصالح شعوبهم، كما جعلوا من وسائل الاتصال الحديثة (الانترنيت، والنقال) و وسائل الاتصال الاخرى تعمل لصالحهم، فقد قامت حركة التغيير في كل من تونس و مصر – مثلاً- من خلال موقع (فيس بوك) المعروف، ولا يزال هذا الموقع ومواقع اخرى على (النت) يشكل فرصة ونافذة لشريحة الشباب المسلم لأن يتواصل فيما بينهم ويبلورون رؤاهم الشبابية نحو آفاق المستقبل. هذه الرؤى هي التي اجبرت زعماء من ذوي الادعاء الكبير والعريض امثال (حسني مبارك) و (بن علي) على التخلّي عن السلطة، فيما ينتظر آخرون دورهم...!
وقد شكّلت ثورة التغيير في مصر، نموذجاً رائعاً للشعوب الاخرى، التي تحتاج التغيير والتخلص من قادتها وحكوماتها القمعية الفاسدة، التي غالبا من تترك شعوبها تعاني الجوع الجهل والحرمان، في الوقت الذي تكتنز فيه الذهب والاموال والارصدة على حساب الفقراء والجيل الصاعد، الذين طالما حلموا بحياة حرة كريمة تحفظ لهم حقوقهم وتحترم مشاعرهم وقدراتهم الذهنية.
والعالم كله تابع بإعجاب كبير - ولا يزال - ما يقدمه الشباب في مصر وتونس، وأيضاً في البحرين وليبيا واليمن، مما أثار الاعجاب والاحترام حقاً، ذلك الاصرار الكبير على تحقيق المطالب المشروعة للشباب المنتفضين، فهم في الوقت الذي يطالبون بالتغيير السياسي، لا ينسون الجانب الاجتماعي ومكانة الشباب في المجتمع، لذا نرى الشباب المصري وبعد سيل من الاحتجاجات في الشوارع، بدأ الشباب المصري بحملة تنظيف لما خلفته التظاهرات والاحتجاجات من بقايا عصي وحجارة وزجاج مهشم وغيره من النفايات في الشوارع لتعود الحياة طبيعية وتستعيد المدن نظارتها وحيويتها. وهو ما نرجوه لجميع شبابنا في البلاد الاخرى بأن لايصبّوا اهتمامهم على المطالبة والاحتجاج حتى وإن كلّف ذلك ملء الشوارع بالحجارة والاشياء المحترقة والمتحفمة والزجاجات وغيرها.
وعامل النجاح في هذا المسعى هو تشكيل اللجان الشبابية الخاصة بتنظيم التظاهرات في الشارع، وهذا ما شهدناه في بغداد والمنامة بعد القاهرة، حيث بادر بعض الشباب الواعي الى تنظيم سير التظاهرة، فيما الآخر يكون حلقة الوصل مع رجال الشرطة والجيش للحؤول دون حصول مشاحنات واستفزازات لاتخدم قضية الشعب ومطالبه الحقّة، وآخرون يقومون بتفتيش المتظاهرين للتحقق من عدم حملهم اسلحة باردة أو آلات حادّة تأكيداً منهم على سلمية التظاهرات وبراءة مطالباتهم أمام الحكام.