المسؤولية على عاتق مجلس النواب..والحلّ هو:
تغيير القانون الذي يقول للناخب: (تريد ارنباً خُذ ارنبا.. تريد غزالاً خذ ارنباً) !
|
نزار حيدر
اعتقد بان مؤسسات الدولة الحالية، غير قادرة على التغيير، لاسباب كثيرة يعرفها القاصي والداني .. ولذلك فعندما يتحرك الشارع ويتظاهر المواطنون فان النتيجة النهائية التي يقصد تحقيقها الشارع العراقي هي تغيير حقيقي وملموس على ارض الواقع ، قد يتطور ويصل في مرحلة لاحقة الى تغيير الكثير من وجوه الطبقة السياسية الحاكمة والتي غرق الكثير منها في الفساد من قمة رأسها الى اخمص قدميها .. وكما هو معروف فان اسلم طريق لتحقيق مثل هذا المطلب الشعبي هو الدعوة الى انتخابات نيابية مبكرة، وهو مطلب منطقي وعقلي كفله الدستور بشكل واضح لا لبس فيه. الا ان الاشكال الذي سيرد على مثل هذا المطلب هو ان الانتخابات المبكرة اذا ما نظمت على اساس قانون الانتخابات الحالي فان صندوق الاقتراع سوف يحمل نفس الوجوه والتكتلات والاحزاب الى مجالس المحافظات او مجلس النواب ما يعني العودة الى المربع الاول. ومن اجل ان لا يحدث هذا، ومن اجل ان يكون مطلب الدعوة لانتخابات مبكرة ذا جدوى، وليس عبثيا او بلا معنى، من الضرورة بمكان الدعوة اولا الى تعديل قانون الانتخابات بما يضمن:
اولاً. صوت واحد لمواطن واحد. ثانيا: الغاء القاسم الانتخابي، اسوة بكل قوانين الانتخابات في العالم الحر منه والنامي. ثالثا: تقسيم العراق الى عدد من الدوائر الانتخابية يساوي عدد مقاعد البرلمان.رابعا: الغاء نظام طريقة انتقال الاصوات سيء الصيت، من اجل ان لا يحجز مقعده تحت قبة البرلمان من لم يحصل الا على عدد اصابع اليد من اصوات الناخبين فيما يخسر مقعده من حصل على الآلاف من الاصوات لمجرد ان قائمته لم تحصل على القاسم الانتخابي، كما حصل في المرة الماضية. خامسا: سيسهم هذا في كسر احتكار الوجوه والطبقة الحاكمة للعملية السياسية والسلطة، ما يسهل من عملية التغيير المرجو. ان ذلك سيمكن غير المتحزبين، وهم ربما غالبية المجتمع العراقي، من حجز مقاعدهم تحت قبة البرلمان، ما سيساهم في تغيير موازين القوى، الامر الذي سيساعد على تحقيق التغيير المرجو.
ان التغيير في ظل النظام الديمقراطي يتحقق باحد طريقتين: فاما الانتظار الى ان يحين الاستحقاق الانتخابي ليقف المواطن امام صندوق الاقتراع ليعاقب ويثيب. او ان يلجأ الشارع الى الحل الشعبي الدستوري من خلال التظاهر والاعتصام وما اشبه.. بالنسبة للحل الاول فهو لا ينفع ابدا في ظل قانون الانتخابات الحالي، لانه كتب بطريقة تضمن لمن هو في السلطة السؤال من الناخب (تريد ارنبا خذ ارنبا، تريد غزالا خذ ارنبا).
اما بالنسبة الى الحل الثاني، فهو الاخر لا يمكنه دستوريا ان يغير شيئا، لانه طريق عاجز عن تعديل قانون الانتخابات. واذا تذكرنا بان المؤسسة الوحيدة التي خولها الدستور العراقي حق تشريع القوانين ومنها قانون الانتخابات هو مجلس النواب العراقي حصرا، فسنعرف ان المطالبة بانتخابات مبكرة قبل ان يعدل المجلس قانون الانتخابات، هو عبث لا طائل من ورائه. من هنا على المجلس ان يتحمل مسؤوليته التاريخية ليفتح المجال امام مثل هذا التغيير، من خلال البدء فورا بتعديل قانون الانتخابات، لنضمن عملية تغيير مرتقبة دستورية وسليمة وسلمية، والا فلو ان مطاليب الشارع العراقي اتسعت لتصل الى مدى التغيير الجذري لما هو موجود، قبل تعديل قانون الانتخابات فان ذلك يعني ان البلد سيدخل في فوضى لها اول وليس لها آخر، وان مثل هذه الفوضى قد تجر الى الزلزال لا محالة. يجب ان يكون مجلس النواب بمستوى المسؤولية التاريخية، كما ان عليه ان يظهر مدى حرصه على العراق وعلى تضحيات شعبه وعلى الجهود العظيمة التي بذلها العراقيون من اجل بناء النظام الديمقراطي. عليه ان يعمل على افساح المجال امام التغيير الايجابي و السلمي من خلال البدء فورا باتخاذ الاجراءات الدستورية والقانونية اللازمة للبدء بعملية تعديل قانون الانتخابات، وان عليه ان لا يشغل نفسه بالتوافه من الامور، فالى متى يظل مجلس النواب العتيد مشغولا بتقاسم الكعكة؟.
ان التغيير المرجو في العراق لا يمكن ان يتحقق بقرارات فردية يتخذها هذا المسؤول او ذاك، كاعادة نصف الراتب الشهري الى خزينة الدولة، او بتوزيع ثلاث حصص تموينية على المعوزين من العوائل ، بدلا عن الحصتين، فالعراقيون لا يستجدون احدا مهما كان موقعه في الدولة العراقية، فكل من يتسنم منصبا اليوم في العراق انما هو بمنزلةالاجير عند العراقيين، وهو ليس في موقعه ليمن على الشعب او يتكرم عليه، ابدا، بل ان العراقيين هم الذين تكرموا عليه عندما حملوه الى سدة الحكم والمسؤولية سواء في السلطة التنفيذية ام التشريعية ام في مجالس المحافظات.
لسنا بحاجة الى منة من احد او مكرمة من مسؤول، كما اننا لسنا بحاجة الى قرارات يصدرها مسؤول ليتراجع عنها غدا او بعد غد، انما نحن بحاجة الى قوانين تنظم كل شيء،وفق اسس من العدالة والحق والانصاف والنزاهة.. لقد مل العراقيون من المزايدات السياسية بين الفرقاء على حساب معاناتهم، كما انهم ملوا من الوعود المعسولة التي لم يحقق منها المسؤولون شيئا يذكر، فضلاً عنانهم ملوا القرارات الترقيعية التي يسعى بعض المسؤولين بها لذر الرماد في العيون. ان الوعود الفارغة لا تشبع جائعا، وان المزايدات الرخيصة لا تكسو عريانا، وان الشعارات البراقة لا تطفئ ضمأ كبد حرى..
|
|