صيدليات الرصيف .. بين مصادر تسرّب الأدوية والاجراءات الحكومية
|
الهدى / بغداد
إنها واحدة من المظاهر الصارخة على غياب الحكومة وهي السلطة التنفيذية في البلد، فقد باتت الأدوية تباع على قارعة الطريق والارصفة بدلاً من توفرها في الصيدليات والمستشفيات، والمشكلة الاساس في قضية انتشار الدواء في السوق السوداء هو ببساطة عدم توفرها في مراكز العلاج عندما يزورها المريض، وإلا من يبحث عن الدواء وهو حامل وصفته الطبية بين الباعة المتجولين وجوانب الأرصفة، كمن يبحث عن حاجة بسيطة لمطبخه أو لبعة لاطفاله على شاكلة السلع المتنوعة والمتناثرة على الأرصفة التي يعلن عنها بصوت عال (حاجة بربع)!
تحدث مراسل (وكالة الانباء الاعلام العراقي) في اروقة احدى الاسواق الشعبية لأحد باعة هذه الصيدليات (السفري) لمعرفة المستوى الدراسي وعلاقته ببيع الادوية، فكشف انه أساسا بائع خضروات! ففي فصل الشتاء توقف عملي فعملت في بيع الادوية لحين مجيء موسم بيع الرقي حيث واجهت بعض الصعوبة حيث كان يكتبون لي على كل علبة دواء أسمه باللغة العربية ولا اعرف حتى طريقة استخدامه فعندما ياتي شخص ويطلب مني دواء معينا فأني أبحث عن أسمه ( العربي ) وأعطيه له دون معرفتي بالدواء وبعد ان وجدت الربح الوفير في المهنة وخصوصا الادوية الممنوعة قررت البقاء على بيع الادوية والتخلي عن بيع الرقي وتعلمت الشي البسيط من القراءة والكتابة لانني كنت أمّي وان مصدر هذه الادوية التي أبيعها هو مذخر أهلي لااستطيع ذكر أسمه واغلبنا نبيع على التصريف، بمعنى اعادة المتبقي من الادوية الى اصحاب المذاخر وان اكثر انواع الادوية بيعا لدي حبوب (الفاليوم) وحبوب الهلوسة والمنشطات الجنسية.
أما اصحاب المذاخر فيدعون انهم لا يعطون الدواء الا للصيادلة المرخصين، أحدهم كان الصيدلي أيمن جمال صاحب مذخر يعسوب في بغداد الذي بدا حديثه قائلآ: ان سياسية المذاخر لاتحرر قائمة بأدوية الا باسم صيدلية أو مذخر مجاز من قبل وزارة الصحة أو نقابة الصيادلة أما السيد أبو مصطفى صاحب مذخر بور سعيد اضاف بقوله: نحن لانتعامل الا مع صيدلية أو صيادلة من الذين سبق وان تعاملوا معنا فأننا لانعطي أي نوع من الدواء الا الى الاشخاص الذين نعرفهم جيدا .
اما صاحب أحد المذاخر الذي طلب من وكالة انباء الاعلام العراقي) عدم الكشف عن اسم المذخر واسمه تجنبا ًللإحراج حسب قوله، فقد تحدث عن ان الأدوية التي تصل إلى أيادي هؤلاء الباعة وبهذه الكميات الكبيرة مصدرها غير المذاخر الا وهو طريق بعض ضعفاء النفوس في المستشفيات والذين هم من ضمن ملاك المستشفى فكثيرة هي الطرق الملتوية لسرقة تلك الأدوية ومن ابرز تلك الطرق حين يكتب الطبيب الوصفة لأحد المرضى فإن الصيدلي يصرف نصفها والنصف الآخر تأخذه أيادٍ ليعرض خارج المستشفى على الأرصفة أو من خلال بعض المضمدين الذين توجد لديهم طرق مختلفة في الحصول على الادوية وتوجد لديهم انواع من الادوية تعجز أقوى المذاخر وأكبرها من الحصول عليها
من جانب آخر تحدث الصيدلي محمود حسين عن أهم الأدوية التي يحتاجها المواطن عموماً بدون وصفة طبيب (الانتي بايتيك) أو المضادات الحيوية فإن الكثير من المواطنين يتناولونها بدون وصفة طبيب كذلك حبوب (الباراسيتول) التي الإقبال عليها شديد وإن بعض العوائل اعتاد على تناولها، تماماً كما يتناول قدح الشاي وحبوب الإنفلونزا (الفلو اوت) وحبوب آلام المعدة وسوء الهضم (لبراكس) فهذه كلها شائعة الاستعمال وحتى بدون الرجوع إلى الطبيب المعالج ومعظم تلك الادوية موجودة في صيدليات الرصيف. ومن السهل على المواطن الحصول عليها.
هذا جانب، وفي الجانب الآخر حيث المسؤولين في الاجهزة الامنية والقضائية، تقع عليهم المسؤولية الكبيرة لمكافحة هذا النوع من المتاجرة بارواح الناس، وقد قامت وزارة الصحة بحملة وطنية للسيطرة على تداول الادوية في القطاع الخاص بدا تنفيذها في النصف الاول من عام 2008 وشاركت فيها عدة وزارات واجهزة حكومية مساندة مثل وزارة الداخلية والدفاع والامن الوطني والمالية بهدف السيطرة على تداول الادوية في اروقة القطاع الخاص. واضاف نائب المفتش العام في وزارة الصحة انه في وقت كان انتشار الادوية كثيفاً جدا وغير مسيطر علية بسبب الوضع الامني حيث كانت هنالك مناطق خطرة يصعبا الوصول اليها لوجود افراد مسلحين، اما الان اصبح تداول الادوية في القطاع الخاص يسير ولم يبق منه الا شذرات الا وهو (صيدليات الرصيف) فقد وصلنا الى مرحلة متقدمة جدا حيث ان اكثر من 80%من الادوية الموجودة في الصيدليات خاضعة للفحص الطبي وناجحة فيها وفي حالة دخول الادوية بطرق غير رسمية وخضعت الى الفحص وفشلت فانها لن توزع على منافذ البيع واتلافها وفرض عقوبات على الجهة التي قامت بادخالها منها اتلاف الوجبة بكاملها وفرض غرامات مالية والاحالة الى القضاء حيث تم اغلاق (488) صيدلية وهمية و(17) مذخر طبي وهمي ومصادرة (134) بسطية للادوية.
|
|