قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

إنسان صالح.. فقط في رمضان؟!
محسن الحسيني
هاهو شهر رمضان المبارك قد انصرمت لياليه وايامه، وها نستعد لوداعه (ربما بعد ثلاثة ليال و ايام). هذا الضيف الكريم المحمل بالهدايا والعطاي و الحسنات التي لا حد لها، وكانت فيه ليلة بألف شهر، تفتحت فيه الجنان واغلق النيران وصفدت الشياطين، أوله رحمه وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.
في هذا الشهر داوم الكثير منا على ارتياد المساجد، و زيارة المراقد المقدسة، وواضب على الصلاة والدعاء وقراءة القرآن، والبعض قام بزيادة التصدق، وغير ذلك من اعمال البر والاحسان.. وفيه صفيت قلوبنا من الغل وغضت ابصارنا واسماعنا عن المنكر .. وفيه ابتعد اكثرنا عن اماكن اللهو واللغو والجدال، وماتنفثه الفضائيات من برامج الميوعة واغاني ومُتع الجسد والسمع ومسلسلات الثقافة القشرية و الجنس والمخدرات.. وفيه قد يكون اغلبنا قد عرف قيمة الوقت وقضائه في طاعة الله ومنفعة الناس.. وابتعدنا عن أكل لحوم الناس بالغيبة والنميمة وهما من الكبائر.. و... الخ.
ولكن وعشية حلول عيد الفطر المبارك، يحق لنا ان نتساءل : هل أننا ياترى سنواصل هذه المسيرة الجميلة، ونتمسك بما زرعناه ونتعهده بالمواصلة.. أم أننا نترك ما تعودنا عليه في رمضان الكريم ونعود إلى ما تركناه في هذا الشهر الفضيل، ونخسر ما اكتسبناه من حسنات؟!، وهل أننا بمجرد أن يذهب هذا الضيف، عدنا عما كنا تعودنا عليه من طاعة ورجعنا إلى ما تعودنا عليه من معاص وذنوب ؟!
عندما نقترب من نهاية شهر رمضان المبارك، وبعد مرورنا ببرنامج حافل من التزكية وبناء الذات، لابد أن نطرح على أنفسنا هذا السؤال المهم: كيف نكرس مفاهيم وقيم الايمان وروح التقوى التي حصلنا عليها في هذا الشهر الفضيل في أنفسنا دائماً وأبداً؟ .
وسبب هذا التساؤل هو أننا نرى -وللأسف الشديد- إن البعض، تراه خلال شهر رمضان ولغاية يوم العيد ملتزما اخلاقيا وعباديا، ومن ثم تراه مع حلو العيد :يعود" في هذا اليوم إلى موبقاته، وخطاياه، وآثامه، وكأن من الواجب عليه أن لا يكون إنساناً صالحاً إلاّ في شهر رمضان!!
أن على كل منا أن يعمل جاهدا أن لايكون ضمن هذه الفئة من الناس، وأنه مثلا حينما الزم نفسه الامتناع في شهر رمضان عن سوء الخلق، وعن ارتكاب المعاصي والفواحش، وصامت جوارحه، عينه واذنه ولسانه ويده ورجله، وليس فقط "بطنه"، واجتنب الغيبة، والتهمة وسوء الظن بالآخرين، وسائر الصفات السيئة، عليه ان يجاهد نفسه ومايصب عليه من اغراءات و ضغوط نفسية واجتماعية تحيط به ـ لكي يستمر على هذه الحالة حتى بعد شهر رمضان.
اللهم ارزقنا دوام الاتصال بخدمتك وتوفيق الطاعة واعنا على انفسنا بما اعنت وتعين به الصالحين على انفسهم.