المنبر الحسيني إعلام متميز
|
*باسل حسين
أن الذي يشرفه الله بالحديث عن ثاره وابن ثاره، عن السبط الشهيد وعن واقعة عظمت وجلت في السموات والأرض، وعن معركة لخصت كل صراع الرسالات ضد أعداء الدين، وعن يوم كأنه القيامة الصغرى حيث تمثلت فيه الشهادة بكل أبعادها، وعن روح الرسالات، وعن ميراث كل النبوات ينبغي أن يكون في مستوى استيعاب عاشوراء، روحاً لاهبة، ومسؤولية كاملة، وفكراً نيراً، وكلمة ثائرة، وعلماً غزيراً.
ليتحدث عن القرآن الكريم، وعن بصائره، وهداه لأنه يتحدث عن الإمام الحسين عليه السلام الذي ضحى من أجل القرآن.
إن المنبر الحسيني إعلام متناسب مع نهضة الإمام الحسين (عليه السلام)، ومع أهداف وقيم تلك النهضة المباركة، وعلينا أن نطور هذا المنبر في هذا الاتجاه، لأن الأمة المتخلفة قد تحرف كل الكلم المضيئة عن مواقعها وتحول حتى المنبر الحسيني إلى وسيلة لتمرير الواقع الفاسد، وتبرير الكسل والجمود، وتكريس حالة التمزق والنفاق.
من هنا كانت مسؤولية المفكرين الرساليين بالغة الخطورة إذ كان عليهم أن يضيئوا بأفكارهم السديدة طريق الخطباء ليطوروا أساليبهم في البيان والتعريف، ويذكروا أبناء الأمة بالتوجه إلى أولئك الخطباء الملتزمين علماً وعملا وثقافة ومسؤولية بنهج السبط الشهيد.
وعلى المعاهد الدينية أن تبرمج لتربية مثل هؤلاء الخطباء، وأبرز ما ينبغي أن يتذكره الخطباء ويذكّرون به البصائر التالية:
أولاً: أن السبط الشهيد كان شخصاً فأصبح اليوم منهجاً، وعاشوراء كانت معركة فغدت اليوم مسيرة. وكربلاء كانت ساحة، فأضحت اليوم راية مرفوعة فوق كل أرض، وعلينا اليوم وكل يوم أن نبحث عمن يمثل نهج الإمام الحسين عليه السلام، وعن وجهة سيرته، وحامل رايته. وأن أولى الناس به أقربهم إلى نهجه وقيمه وأهدافه.
ثانياً: و ولاية هذا النهج، وأتباع تلك المسيرة، والانضواء تحت تلك الراية، هي الغاية المثلى من وراء الشعائر الحسينية.
وحين يسلم المؤمن لمثل تلك القيادة الروحية التي تتصل بقيادة الأنبياء والأئمة، فإنه يكون في أعلى درجات الحرية، حيث يتجاوز شح نفسه، وجبن الشيطان، وطاغوت المال والسلطة، ويقف بكل اقتدار واستقامة أمام كل العوامل الضاغطة.
فالولاية تستثير عقل البشر لمواجهة شهواته، وتبلور إرادته في مواجهة ضعفه وعجزه، وتنمي سلطان الروح لمقاومة شهوات البدن. وهي روح نابضة بالتحدي.
والولاية التصاق بنهج الربانيين في منهجية التفكير، وفي اخلاقيات العمل وفي اختيار الأمثل من الوسائل.
ثالثا: وتتركز الولاية في الوحدة التي ترعاها قيم الوحي، وتنظمها شرائع الدين، وتقوم عليها القيادة الربانية.
إذن؛ لنبدأ من حيث بدأ الله تعالى، ومن حيث أمر سبحانه "واعتصموا بحبل الله جميعا". وهل حبل الله غير الولاية، تعالوا ننظر بعيون واسعة ونفكر بعقول كبيرة، حتى نتجاوز حواجز الدم واللغة الإقليم والمصالح الصغيرة.
تعالوا نذوب جميعاً في مسيرة الحسين عليه السلام، وننصهر في بوتقة الولاية، تعالوا نبشر العالم بدولة الحق التي لا ترفع الحدود، ولا تميز الناس على أساس الغنى والفقر والسواد البياض.
دعونا نسهم وبفاعلية في بناء المستقبل البشري على أساس الإيمان والعلم والعز الذي هتف به السبط الشهيد بكربلاء، حيث قال: (هيهات منا الذلة).
|
|