كربلاء حياة لكل العصور
|
*علي عبد الخالق
مأساة كربلاء كانت مأساة عميقة وواسعة وفي كل بعد، ومن هنا نلاحظ انه حينما يتحدث الخطباء عن أي شيء عن التاريخ... عن الماضي، او الحاضر..فباستطاعته المتحدث أن يتحدث عن أي شيء لكن كربلاء يكون لها علاقة بكل شيء في الحياة.
واذا ما أردنا أن نتحدث عن المرأة أو الرجل أو الطفل أو الصغير أو الكبير أو الوفاء أو البطولة أو الشجاعة أو الارهاب أو عن أي صفة حسنة، وعن أي صفة رذيلة. فاننا سنجد الصفات الحسنة متمثلة في أصحاب الامام الحسين (ع) في أروع صورها. فالوفاء يتمثل في أبي الفضل العباس خاصة في تلك اللحظات المريرة قبيل الشهادة، حينما رمى من كفه ولم يشرب حتى جرعة واحدة بعدما تذكر عطش الامام الحسين (ع). رغم ان هذا ليس حقاً من حقوق الامام الحسين (ع) ولكن هنا تتوضح بجلاء رفرفة الروح في سماء الرفعة والوفاء، هذا مشهد من أرض كربلاء ملهم للانسانية، وهذا أيضاً درس من دروس النهضة الحسينية.
وهنالك وفاء القاسم (ع)، فقد كان باستطاعة القاسم أن ينسحب من الميدان، ومن المعركة بأسرها، فالقاسم لم يكن قد بلغ الحلم والقتال ساقط عنه، ولكن أمامنا روحاً زكية.
و روح زينب الرفيعة تشبثت بالسماء وقدمت مع أخيها الى كربلاء، من أجل أن يبقى دين الله تعالى، ولكن أي شجاعة تلك! انها الشجاعة في طريق الحق... شجاعة تجللها روح التضحية من أجل الله تعالى. وسمو النفس وهكذا شجاعة سائرالاصحاب (ع).
من هنا كانت كربلاء صيحة في ضمير الانسان الذي سوف يتدرج في الانحراف فجاءت هذه الصيحة وهزت الامة الاسلامية، ولا أستطيع أن أتخيل لو لم تكن واقعة عاشوراء في الثقافة الاسلامية وفي ضمير الانسان المسلم، ما كان حال العقيدة والايمان في النفوس؟ وهل كان هناك مسلم حقيقي او مجتمع اسلامي؟
ان المرءَ لا يستطيع أن يتصور اسلاماً كان يبقى من دون هذه الملحمة الانسانية والرسالية المدوية التي صنعها الامام الحسين عليه الصلاة والسلام بدمه الزكي، وبدماء أصحابه وبسبي نسائه. إنها التضحية في سبيل الله، أحد ابرز معالم الايمان الحقيقي بالله تعالى، يقول تعالى في كتابه: "إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (التوبة /111).
|
|