سماحة المرجع المُدرّسي(دام ظله) خلال استقباله جموعا من خطباء المنبر الحسيني:
تحدثوا الى الناس والعالم بمنطق يفهمه ويحتاجه الجميع وبما يزيد في وعيهم وعما يوحد ولايفرق
|
تتحدثون بأسم إمام الصلاح والإصلاح فيجب أن لا نحصر نهضة الحسين (ع) في اطار ضيق فهي نهضة لكل البشرية
الهدى /كربلاء المقدسة:
استقبل سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي (دام ظله) في جامع الامام الكاظم عليه السلام بمدينة كربلاء المقدسة، حشدا من العلماء وخطباء المنبر الحسيني. والقى سماحته خلال اللقاء كلمة توجيهية حول التبليغ ودور خطباء المنبر بمناسبة حلول شهر محرم الحرام، واحياء ذكرى شهادة الامام الحسين عليه السلام ونهضته المباركة في واقعة كربلاء الخالدة.
وفي جانب من كلمته قال سماحته، « نحن حينما ندرس قصة كربلاء وملحمة عاشوراء ونتحدث عن نهصة الحسين(ع) للناس وللعالم اجمع يجب ان لا نصورها او نضعها في اطار زمني ضيق، ومكاني محدود، و كأنها صراع بين الحق والباطل في فترة معينة وجيزة وانتهت، بل لابد ان نقرأ هذه القضية ونتحدث عنها ضمن اطارها الكوني وضمن السنن الالهية .. » موضحا أن فضية الامام الحسين (ع) ونهضته ورسالته « تخاطب العقل والضمير اينما كان، عقل وضمير كل إنسان، كفرد، وعقل وضمير كل شعب وكل امة .. »، واضاف سماحته بالقول أن الامام الحسين (ع) « يجسد امتدادا لرسول الله (ص) ورسالته.. والذي قال الله سبحانه (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين) فنعرف ايضا أن الحسين (ع) ايضا جاء رحمة للعالمين، و رحمة الله عنده (ع) تتمثل في شخصه ونهضته و شهادته». واوضح «من هنا اقول، اخواني: ونحن على ابواب شهر محرم الحرام، وعاشوراء الامام الحسين عليه السلام، وانتم خطباء وعلماء وتتحدثون باسم النهضة الحسينية الكبرى، تتحدثون باسم هذا العظيم الذي قال (والله اني لا ارى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما) و(ما خرجت اشرا ولا بطرا ولا ظالماً ولا مفسدا وانما خرجت لطلب الاصلاح)، تتحدثون باسم إمام الصلاح والاصلاح في العالم، باسم من اشترى الشهادة والقتل في سبيل الله والدين واحيائه، وقيم العدل والحرية، انتم تتشرفون وتتحدثون باسمه فلابد ان تعرفوا وتعوا جيدا وعميقا حجم ومدى مسؤولياتكم و دوركم.. ».
واضاف « ان الدور الذي يجب أن يقوم به خطباء المنبر الحسيني اليوم، وسائر المؤسسات والاجهزة التي تقوم بنفس الدور، ممن يحمل ويقيم شعائر الحسين(ع)، ممن يؤسس المواكب، وممن يمشي الى حرم الامام الحسين (ع) ويحيي هذه الشعائر الالهية، كلهم اليوم يجب ان يدركوا انهم يقومون بدور عظيم وحساس، ويجب ان يكونوا على قدر المسؤولية والوعي لحمل ونشر راية و ثقافة ورسالة الامام الحسين ونهضته الربانية الى العالم .. » مشيرا الى أن هذا الدور وهذه المسؤولية تزداد اهميتها وضرورتها اليوم بالذات .. حيث ان « المجتمعات والعالم اليوم بات يئن من التخبط والتدهور والفساد على شتى الاصعدة، من الفساد السياسي والمالي والاداري، والاخلاقي، من خراب البيئة، والارهاب، والجريمة المنظمة ،مثلما يعاني العالم من الفقر والمرض والجوع، ومن ميزانيات الدول الفقيرة التي انهارت، كما يعيش تحت وطئة الديون والازمات المالية والاقتصادية.. بل طال الفساد حتى الطبيعة والبيئة، وكما يقول تعالى: ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس». ومضى سماحته الى القول، «اذن نحن وامام هذه التحديات والمشاكل، يجب علينا عندما نتحدث في خطاباتنا حول قضايا مجتمعاتنا واحتياجاتها، أن لا نغوص وننشغل كثيرا في قضايا سطحية بسيطة واُطر ضيقة، بل نتحدث في العمق وبأفق مفتوح ورصين، كما يجب ايضا أن نتحدث عن مشاكل العالم، لأن هذه المشاكل متداخلة وتشمل الجميع.. »، وفي هذا السياق اوضح سماحته في جانب من كلمته أن « مشاكل العالم تُعالج بأبي عبد الله الحسين (ع)، بنهضته واخلاقه ومشروعه الانساني الحضاري الرباني، لو عرفنا الحسين عليه السلام حقا، وعرفنا كيف نستلهم منه لننهض.. ».
كما اوضح سماحته بالقول: « لا تكلموا الناس على اكثر من قدر عقولهم وحاجتهم، وكما يقول الحديث الشريف: نحن معاشر الانبياء نخاطب الناس على قدر عقولهم، وروايات اخرى بهذا المعنى، لماذا؟ لان النبي (ص) يقدر عقول الناس، يتحدث عما يفهمه الناس، و اليوم الفضائيات تنشر افكارنا وكلامنا، فعلينا ان نتحدث في منابرنا، و الى هذه الفضائيات، بما يستفيد منه كل الناس.. لنتحدث بمنطق يفهمه ويحتاجه الجميع.. فتحدثوا عما يوحد الناس وليس ما يفرقهم، عما يزيد في وعيهم للمسؤوليات والادوار، تحدثوا عن كيف ان الامام الحسين سلام الله عليه قام بنهضة ربانية عالمية من اجل كل العالم، لحل ازمته ومشاكله، من اجل ايقاظ الضمائر واحياء النفوس وعودتها لانسانيتها، لربها تعالى، ودينه وتعاليمه السمحاء.. ».
وبيّن سماحته أن «هذه الشعائر التي تقيمونها انتم وبالذات اخواني في العراق، اليوم الفضائيات تنقل هذه الشعائر، وقد ترى في العالم من يجلس ويشاهد و يتساءل ويندهش من هذه الشعائر وهؤلاء المقيمون لها، ومايبذلونه من عطاء ومايتحملونه من اعباء عن طيب خاطر، ومايظهرون من الحزن والتفاعل مع القضية الحسينية واحيائها رغم هذه القرون المتمادية.. فأنتم الان ايها الاخوة مع باقي ابناء المجتمع تضربون المثل في الايمان والعطاء والضيافة و الكرم، المثل في التعاون و المحبة والولاء، المثل في الاندماج والالتصاق مع القيم والمبادىء، تحيون ذكر ابي عبد الله الحسين عليه السلام، وهو ذكر واقامة الدين والصلاة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة للاصلاح والعدل وكل الفضائل.. و هذا ليس شيئا بسيطا، هذه الشعائر بدأت تتموج في العالم.. ». وفي ختام كلمته اكد سماحته « ولذا نحن اليوم نطالب اخواننا واخوتنا، الكرام، خصوصا الذين يتحدثون وتنقل كلماتهم في الفضائيات ان يتحدثوا بمنطق واسلوب يفهمه وينجذب اليه العالم اليوم، يتحدثوا بمنطق العقل وتبيان اسس ومفاتيح حل مشاكل وازمات البشرية في العالم اجمع، ونقول له هذا هو الامام الحسين عليه السلام وهذه رايته ودعوته، هذا هو الاسلام، وانا اقول للعالم شرقا وغربا شمالا وجنوبا، تعالوا الى هذه الراية احملوها وافهموها واعملوا بنهجها وحياتكم ان شاء الله تصبح سعيدة وامنة .. ».
مع صورة حسينية مناسبة من صور محرم او الاربعين:
|
|