كثير من الفعاليات تمتد من عاشوراء حتى أربعين الحسين (ع)
الولاء الحسيني متجذر في البحرين .. ويستوطن صدور شعبها
|
يوسف جوهر
حين يتجول المرء في شوارع المنامة والمناطق البحرينية قبيل انطلاق مراسم عاشوراء يجد سيلا من التحضيرات والترتيبات حيث الشوارع بأكملها تتشح بالسواد حدادا على ذكرى الإمام الحسين(عليه السلام)،حتى واجهات محال الثياب لن تعرض إلا الملابس السوداء حيث يعرض بعضها القمصان السوداء المطبوع عليها الشعارات الحسينية خاصة تلك ذات القياسات الصغيرة، وتبدو الشوارع كخلايا النحل بحركتها فالجميع شبابا وكهولا وصغارا يجهزون المآتم الحسينية،حيث تتم التجمعات إحياء لذكرى الحسين عليه السلام. وتعتبر البحرين في صدارة الدول التي تولي اهتماما خاصا بإحياء مراسم عاشوراء، حيث يتم الإحياء على مدى الموسم الذي يستغرق شهري محرم وصفر، وتبدأ مع اول ليلة من شهر محرم، ويتصاعد تفاعل الجماهير مع الفعاليات حتى تبلغ ذروتها مع اليوم العاشر، كما تستمر وتمتد بعض الفعاليات حتى يوم العشرين من صفر ذكرى أربعين الامام الحسين (ع).
وعلى الرغم من انتشار الفعاليات في كل المناطق فان اكبر تجمع للمعزين يتم في المنامة العاصمة، حيث يقصدها أكثر من 200 ألف بحريني ومقيم للمشاركة في المآتم، والجدير بالذكر أن تلك الفعاليات في المنامة لا تهدأ، وتبدأ صباحا وتشهد الذروة بعد أذان المغرب حيث يتجول المصلون بعد الصلاة في الزوايا المختلفة التي تعكس خلفيات ثقافية متعددة ولكل منها طابع مختلف عن الآخر، وأواخر الليل يبدأ المعزون في التجمع استعدادا لمواكب العزاء التي تتجول في شوارع المنامة وتعد هذه المواكب من أبرز الفعاليات اليومية التي ينتظرها المعزون بفارغ الصبر.
ويبدأ الاستعداد لفعاليات عاشوراء قبل اشهر عدة، إذ أن أغلب قرى البحرين تتشح باللون الأسود وبالعبارات الدينية أو عبارات الأئمة، عليهم السلام، أو العلماء التي تتحدث فيها عن ثورة الإمام الحسين عليه السلام، وبات كثير من هذه العبارات تتكرر سنويا كعبارة "تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر" للمهاتما غاندي،وعبارة "إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني"، وكلمات أخرى كثيرا ما تنسب إلى المستشرقين والسيد المسيح، عليه السلام، غير أن العبارات المتجددة سنويا هي تلك العبارات أو الكلمات التي تؤخذ من العلماء و المراجع الدينية التي تتحدث فيها عن نهصة الإمام الحسين عليه السلام. كما يتوافد العشرات من الخطباء والرواديد على البحرين للمشاركة في احياء شهر محرم الحرام، لارتقاء منابر المجالس الحسينية، والقاء الردات والقصائد. والحديث عن عاشوراء البحرين تاريخيا يرتبط بما يمتلكه شعب البحرين من ثقافة ولائية عميقة ومترسخة، وتتجمع الجموع الغفيرة على شكل مواكب تسير في الطرق الضيقة، نساء وأطفالا وشيوخا يراقبون المواكب وهي تتحرك في كل الشوارع، بعض المواكب تنقسم طابورين متوازيين يتقدمها شباب حملة الرايات الخضر والحمر والبيض والسود، بالاضافة الى مواكب (الزنجيل) وعلى صوت الردات الحسينية تلطم الجموع على الصدور. وتشارك المحال التجارية في العزاء حيث يُعلق القماش الأسود على واجهات المحال والتجار يقفلون الأبواب ليلا تاركين الرصيف المقابل لمحالهم لجلوس العوائل، كما تعلق المصابيح في كل مكان، والناس يتوافدون من كل حدب وصوب للمشاركة في هذه المناسبة. ولم تكن مواكب العزاء البحرينية في الماضي بهذا الشكل الذي نراه عليها اليوم، ولكن بفعل عناصر التجديد والتطوير تميزت مواكب العزاء البحريني بأشكال متعددة تختلف من قرية لأخرى ومن منطقة لأخرى بل ومن مأتم لآخر كما هو شأن مواكب العزاء في المنامة، إلا أن ما يميز هذه المواكب هو القصيدة والرادود، إذ تسعى المواكب لاستقطاب أهم الرواديد المشهورين في البحرين كالشيخ حسين الأكرف وجعفر الدرازي وغازي العابد وفاضل البلادي وغيرهم.
|
|