قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
صيحة حُسينيي الأناضول تنادي: حسين.. يا مظلوم
تركيا.. تاريخ حسيني انطلق من جامع يوسف باشا ولم يتمكن من ايقافه أتاتورك
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة يستعد شيعة اهل البيت (ع) في مختلف مدن تركيا، والذين يبلغ عدد نفوسهم اكثر من 3 ملايين، لاحياء شهر محرم الحرام، كما في كل عام، بإقامة الشعائر الحسينية الضخمة والمميزة، ويشاركهم في ذلك طائفة العلويّون الذين يبلغ تعدادهم 25 مليونا. وتقام المراسم في ساحات عامة، فضلا عن عدد من المساجد والمؤسسات والجمعيات، مثل "مسجد الإمام عليّ بن أبي طالب" عليه السلام، و"جامع الزينبيّة"، في العاصمة اسطنبول، ومؤسّسة الإمام الحسين (ع)، ومسجد المهديّة، و "مؤسّسة آل البيت"، والجمعيّة الجعفريّة في اسطنبول.
و انتشرت الشعائر الحسينية في العديد من المدن التركية وخاصة على الساحل الغربي من بحر قزوين وقد وصلت هذه الشعائر إلى قمة تطورها وازدهارها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حيث بقيت الشعائر الحسينية مقتصرة على المداح و(القصخان)، أي الراوي للمقتل الحسيني، اللذين ينشدان المراثي على الإمام الحسين عليه السلام. وإلى جانب هذين فهناك مراسيم أخرى يتم التعبير بموجبها عن الحزن والأسى على مأساة الحسين (ع) وهي على شكل حوارات ومراث ولطم على الصدور، وفي عام 1877 للميلاد أقيمت في اسطنبول مراسيم عاشورية ضخمة تضمنت الضرب بالسلاسل وغيرها وتقام في عدد من المدن التركية وبصورة خاصة في حارة الشيعة باسطنبول، حيث تقرأ القصة المؤلمة لواقعة الطف من قبل قارئ المجلس، ثم يأخذون بعد ذلك بالضرب بأيديهم على الجانب الأيسر من صدورهم وهم يرددون "حسين.. مظلوم"، في حين يضرب البعض منهم ظهورهم العارية بسلاسل من حديد تعبيرا عن الحزن.
وفي العاشر من محرم عام 1886 للميلاد أقيمت مواكب في جامع يوسف باشا الذي مُنح إلى الشيعة الأتراك كجامع خاص بهم خلال الاحتلال الروسي لتركيا حيث كان الملا فضولي يتولى قراءة العزاء من كتاب المراثي المعروف "بحديقة الشهداء". وقد منعت جميع هذه الشعائر في عهد مصطفى كمال أتاتورك عام 1926 للميلاد، وكانت مجموعات من الشيعة تنتشر في قرى أراليك وتوزلكا وأغدير، وقد هاجرت أغلبية تلك القرى إلى إيران والعراق ما بين الأعوام 1934 - 1950. أما في الأناضول فان الشعائر الحسينية تختلف عن باقي المدن التركية، حيث ينتشر أتباع الطريقة البكداشية الذين يؤدون مراسيم العزاء على الإمام الحسين عليه السلام ببكاء صامت، كما أنهم يعبرون عن حزنهم ومواساتهم للإمام الحسين بالزهد والتقشف فلا يأكلون ولا يشربون يوم عاشوراء من مطلع الشمس إلى غروبها وكذلك في الأيام العشرة الأولى من شهر محرم من كل عام ويُعد الإمساك عن الطعام والشراب عندهم من أهم وأكثر وسائل التعبير عن الحزن والأسى. وفي مناطق أخرى يمسك البكتاشيون اثني عشر يوما حيث يخصص كل يوم لإمام من الأئمة الإثني عشر، ولا يقيم الأتراك الأناضوليون مسارح شعبية لتمثيل واقعة الطف غير أن لديهم نصوصا تاريخية وشعرية كثيرة حول مأساة الإمام الحسين في كربلاء تتضمن كتب المقاتل التي تصف واقعة الطف وكتب الأشعار والمراثي التي تقرأ أو تنشد في شهر محرم من كل عام ومن اشهر كتب المقاتل عندهم كتاب "سعدي مداح" الذي يحتوي على عشر قصص تتحدث عن عشر وقائع من معركة الطف. أما أشهر شعراء المراثي الحسينية في الأناضول فهم روحي بغدادي وملا عزت وشيخ مشتاق مصطفى ولبيب محمد الذي كتب تسعة مجلدات في رثاء الحسين وعثمان شمس الذي ألف كتابه "مرثية سيد الشهداء" ومعلم فيضي صاحب كتاب مأتم نامه، وإضافة إلى هؤلاء الشعراء فهناك شاعرتان مشهورتان في الأناضول هما ليلى خانم وشريفة خانم ولهما ديوانان يحتويان على مراثي الحسين وأهل بيته عليهم السلام.