قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

أي دعم أميركي يريده العراق؟
سالم مشكور
في واشنطن حركة نشيطة لدفع المزيد من الموظفين والمتعاقدين إلى السفارة الاميركية في بغداد فيما تجري التحضيرات لتنفيذ برامج دعم متعددة الجوانب تقدمها وكالات اميركية متخصصة، كبديل عن تلك التي كان ينفذها الجيش الاميركي المنسحب.يقولون إنهم يريدون التأكيد للعراقيين بان واشنطن لن تتخلى عن العراق كما يشاع وان الانسحاب العسكري لا يعني التخلي عن رسالتهم في العراق. السؤال هنا هو: هل ان مشاريع الخدمات ستقدم بالطريقة نفسها التي تمت حتى الآن، فتنفق المليارات ( كثير منها من أموال العراق) لكن لا شيء منها يرى على الأرض.مشاريع تتحول الى عقود ضخمة تمنح لمقاولين أميركيين، ثم تبدأ هذه العقود مسيرة البيع من مقاول إلى آخر ومعها يتضاءل المبلغ المرصود حتى تقترب من اللاشيء .
إليكم مثالين فقط:الأول : في إحدى محافظات الفرات الأوسط منحت مقاولة لترميم عشرات المدارس الى احد المتعهدين بملايين عدة من الدولارات.دخل المشروع في دورة “الاستحالة” لينتهي بمقاولة قيمتها فقط مليوني دولار مع شرط على المقاول الاخير بان يوقع على المبلغ كاملا لكنه لا يتسلم سوى 800 ألف دولار.المسؤول المعني قال للمقاول : “اكتف بترميمات سطحية وصبغ خارجي “.الثاني: بعد إخلاء القوات الأميركية لأحد الفنادق الكبيرة المحاذية للمنطقة الخضراء قبل سنوات، أعطى الجانب الأميركي مقاولة بكلفة ثلاثين مليون دولار لإعادة تأهيل هذا الفندق، وهو مبلغ يكفي لانشاء فندق ضخم جديد، لكن المقاول المنفذ تسلّم اقل من مليونين فقط ليكتفي بتغيير ورق الجدران والموكيت ومقابض الابواب فيما بقيت الاسرّة المهترئة والفراش الرث المليء بالبقع والاوساخ.
ترى أين ذهبت بقية الثلاثين مليوناً؟!. المصيبة هي ان لجنة التحقيق التي شكلها رئيس الوزراء حينها، علمت ان المبلغ المرصود ليس مالاَ اميركيا انما من الارصدة العراقية المجمدة في الولايات المتحدة التي كانت تتصرف بها الادارة الاميركية السابقة دون علم او مساءلة من الجانب العراقي.هاتان الحالتان هما فقط عيّنة لطبيعة المشاريع التي يتحدث الاميركيون عن تنفيذها بعشرات مليارات الدولارات خلال السنوات السبع الماضية، فيما الناس يقولون انهم لم يروا شيئا بني سوى السفارة الاميركية في المنطقة الخضراء.
أحدهم كان يقول لي وبحرقة: كنت اتمنى ان يحلّوا لنا مشكلة الكهرباء او ان يبنوا مستشفى متطورا يقدم العلاج المتطور للناس، عندها كنا سنقول اميركا قدمت لنا شيئا ملموسا الى جانب اسقاطها للنظام المقبور.اليوم تبدو الادارة الديمقراطية في واشنطن مختلفة عن سلفها ،على الاقل في النوايا المعلنة .تتحدث عن “فجر جديد “ لدورها في العراق يقوم على تقديم الدعم المدني الشامل للعراق للوقوف على قدميه، فهل قامت بمراجعة ألاداء السابق، وهل ستتلافى في الاداء القادم أخطاء وسلبيات السابق؟.
من مصلحة واشنطن المباشرة ان تدعمه وتساعده في بناء ديمقراطيته مقترنة بالتنمية والبناء، فذلك سيصب في صالح سمعتها في المنطقة والتي تتلخص في الحروب والتخريب، شرط ان يكون الدعم مشاريع حقيقة على الارض، لا مجرد اموال تنفق على شركات أمنية واستشارات ودراسات وعقود وهمية.