الحسين .. نهضة مستمرة
|
*عدنان عبد الأمير
عاشت الأمة الإسلامية بعد غياب الرسول أزمات عدة جاءت كنتيجة لإبعاد المنهج الذي رسمه الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم).
فالسلطات التي تولت زمام الأمور بعده (صلى الله عليه وآله) ابتعدت كثيرا عن قيمه ومبادئه وعن منطلقاته وأهدافه، وهذا واضح وجلّي في تاريخ تلك السلطات إذ أن مراجعة سريعة للخطاب السياسي لأية سلطة من تلكم السلطات أو ممارساتها تكشف لنا وبعمق عن هذه الحقيقة، حتى عدّ البعض أن ما حصل كان نهاية لعهد سعيد حافل باحترام الحقوق والحريات وبداية عهد آخر يختلف عن سابقه في هذا المجال، وهذا ما أسهم وبشكل أساس في نشوء هوة بين الإسلام كعقيدة وممارسة وبين السلطات التي حكمت باسمه.
ومما يؤسف له أن هذا الابتعاد أصبح أمرا مألوفا حتى باتت الخلافة، وهي أعلى منصب ديني وسياسي في الأمة، ملكاً يتوارثه الأبناء عن الآباء كما في دولة بني أمية وبعدها دولة بني العباس، إلا أنها كانت فاقدة لشرعية الدين لذا استعيض بالقوة والسيف كما بان وظهر في (مؤتمر دمشق) الذي دعا إليه معاوية بن أبي سفيان لإقرار البيعة لابنه يزيد من بعده، حين قام يزيد بن المقفع وقال: أمير المؤمنين هذا - وأشار إلى معاوية، فـان هـلك فـهذا - وأشار إلى يزيد-، ومن أبى فهذا - وأشار إلى السيف-!!
فقال له معاوية: اجلس فأنت سيد الخطباء وأكرمهم!!
أمام هذا الواقع السيئ كان لابد من نهوض حضاري يعيد الأمة إلى ما كانت عليه، خصوصا بعد إحباط المحاولات التصحيحية التي قام بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في أيام إمامته، ومن بعده الإمام الحسن بجهاده الذي انتهى بالهدنة مع معاوية.
ومن الطبيعي أن الذي يخطط لهذا النهوض الحضاري الشامل ويقوده هو الإمام الحسين (عليه السلام) استمرارا لما بدأه النبي (صلى الله عليه وآله) وتتميما لما قاما به الإمامان من قبله (عليهما السلام). وقد أعلن الإمام الحسين (عليه السلام) عن أهداف نهضته بكل وضوح وهو في مدينة جدّه رسول الله بقوله: (إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي أمير المؤمنين).
وفي هذا البيان نفي للعبثية والتعدّي وتأكيد للنهوض نحو المبادئ والقيم التي أرساها النبي (صلى الله عليه وآله) بالوسائل التي أمر بها (صلى الله عليه وآله)، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
من هنا ينبغي أن تتوفر في عملية الإصلاح عناصر أهمها:
1- مشروعية الأهداف والوسائل، وذلك بالاعتماد على المنهج الرسالي الذي جاء به النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله).
2-شمولية النهوض والتغيير وذلك لأن الالتزام بالدين لا يقبل التجزئة وكذلك العودة إليه غير قابلة للتجزئة بل يجب أن تكون شاملة لجميع نواحي الحياة.
3-تجذّر الأهداف والتطلعات وذلك لأن عملية النهوض لا يمكن أن يكتب لها النجاح والاستمرار ما لم تتجذر فيها أسباب الخير ويقطع منها أسباب الشر من الجذور.
|
|