المسؤول بين الواجب وحقوق المواطن
|
صادق الجابري
كثيرة هي التحديات التي تواجه الفرد العراقي وقليلة هي الميزات التي يتمتع بها. لكل منهم شأن أي فرد على هذه الأرض ,آماله , طموحاته وحاجاته الخاصة وجميع تلك تنطوي تحت قائمة واجبات السلطة في توفيرها له. فمن واجب الدولة توفير الحاجات الإنسانية الضرورية لمواطن يسكن ضمن حدود صلاحياتها الجغرافية , في حين أن عليه واجب المواطنة الصالحة وخدمة أبناء بلده وكل بحسب موقعه واختصاصه وبإخلاص وتفان (فمثلما تريد يراد منك) حيث ان سلسلة الخدمات تبدأ منك لتنتهي إليك.
تتعدد وتتلون الحقوق والواجبات على المواطن , لكن القادة تحكمهم طريق واحدة تتميز بعدة خصال يكون المسؤول مجبرا على اتخاذها ان كان هدفه خدمة المواطن. في مضامين أقوال الإمام علي عليه السلام : بان طالب الولاية لا يُولى. أي ان الرئاسة لا تعطى لمن يطلبها والتي يفهم من خلالها بأنها موقع للخدمة وليس للتشريف.
من أهم صفات المسؤول هي التحلي بأخلاق عالية يحترم جميع الفئات والأديان والمعتقدات ولا يميل إلى جهة دون الأخرى تاركا مصالحه الشخصية وحاجاته الفئوية فضلاً هن ضرورة الالتزام العالي بالنزاهة والعمل بشفافية وتحت الأضواء. كما من الواجب على المسؤول أن يمارس القيادة بمواقع أدنى المستويات في العمل والتي لا تتحقق إلا بالنزول إلى الميدان والعمل المباشر والإشراف على سير الأعمال وفك عقد المشكلات وتذليلها بالأساليب الحضارية ولبس بدلة العمل والتفتيش عن مواقع الحرمان لوضع الخطط في رفع الحيف والظلم عن أهلها ولعل الاستمرار في متابعة تنفيذها من أهم الخطوات المؤدية إلى النجاح.
ولكل ما تقدم لا بد من وجود دقة عالية في تقسيم الوقت بين مختلف النشاطات والواجبات ومنح المناسب منها والعمل بالأولويات دون إهمال صغائرها , والاستماع إلى آراء المواطنين مهما كانت مستوياتهم الاجتماعية والثقافية والعلمية ومحاولة الوصول معهم إلى أقصى درجات الفهم وتبادل الآراء. حيث لابد من تحقيق مبدأ سلطة الشعب في تنفيذ رغباته وإشراكهم في حل المعضلات بغية خدمة جميع أفراده.
فرضت آليات تشكيل الحكومة المركزية والحكومات المحلية ونوعيتها على تكليف بعض من المسؤولين الذين عملوا سلفا بالجانب السياسي وأبدعوا فيه لكن هنالك قصوراً في خبرات الجانب الخدمي والتقني. ونتيجة للمحاصصات الحزبية والفئوية في تقسيم السلطة فان استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة في الاستشارات ووضع آلية خاصة في رسم السياسات الخدمية وتنفيذها ضمن ضوابط علمية وخبرات مهنية أصبحت من أهم الأسس التي يجب اتخاذها وتفعيلها والاستعانة بها. حيث ان جميع الدول المتقدمة التي حدثت فيها تغيرات في نظام الحكم مرت بظروف مشابهة لكنها اعتمدت المهنية في معالجة إدارتها واستعانت بالاستشارات التخصصية في تنفيذ الخطط والبرامج المعدة لرفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطن. يقابل ذلك العمل على بناء مؤسسات لا تعتمد مبدأ الفئوية بل اعتماد الكفاءة والخبرة والنزاهة وتنمية قابليات أفرادها بالدورات التخصصية وتقديم الدعم اللوجستي بغية تطوير تلك المؤسسات لتقدم أفضل الخدمات للمواطن.
وأخيراً فان على المسؤول واجب كبير في تذليل كل العقبات التي تؤدي إلى بعده عن المواطن والفرد المستضعف وضرورة إشعاره بأنه جزء منهم إنما استلم المسؤولية وكلف بها لأجلهم ولتحقيق طموحاتهم المشروعة وهذا لا يتحقق بوضع الحواجز من الحواجب وآليات الحمايات الشخصية فإن لتلك الآليات اثراً بالغ السلبية على نجاح المسؤول وفشله حيث إن المحيطون بالمسؤول ربما يحددون درجة النجاح او الفشل , فضلاً عن إن مظاهر التسلح والقوة لا يرغب فيها شعبنا الذي طالما ظلم بتلك الأساليب. ولتكن الكلمة الطيبة والحكمة والأخلاق العالية هي الحاجب والحماية من أي سوء قد يهدده.
ــــــ
|
|