بصائر... قبسات من رؤى ومحاضرات سَمَاحَة المَرجِعِ الدّيني آيةِ اللهِ العُظمى السّيد مُحَمّد تَقِي المُدَرّسِي
(الفلاح) .. قمة السعادة للأمة المجاهدة في سبيل الله
|
*إعداد / بشير عباس
أودع الله سبحانه وتعالى في ضمير الانسان، منظومة من التطلعات المثلى هي بمنزلة الدوافع التي تدعوه الى التقدم دوماً والانطلاق أبداً، وهذه الدوافع بحاجة الى بلورة والى أن تتحول من القوة الى الفعل.
وحينما بعث الله سبحانه وتعالى أنبياءه الكرام كان من أهداف رسالاتهم بعث هذه الدوافع في نفس الانسان حتى لا يقيس نفسه بقرد! ولا بدواب الأرض او نباتاتها، إنما يحاول أن يسمو بنفسه الى مرتبة الملائكة، بل ويسبقهم، ويحاول أن يكون كما قال الإمام أمير المؤمنين (ع): (أتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر)؛ يحاول أن يكون كما قال ربنا سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم: "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ"؛ يحاول أن يكون ممن قال ربنا سبحانه وتعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ"، أي أن يحاول وضع نفسه في الموضع المناسب، وهذا شيء طبيعي وهذه أمنية شائقة مزروعة في قلب كل أنسان، بل هي فطرة إلهية قد فطر الله الناس عليها ولا تبديل لخلق الله منذ أن خلقهم في عالم الذر وقبلئذ في عالم الاشباح، إلا أن تراكمات الزمان والغفلة التي يعيشها الانسان وضغوط الحياة التي تحتوشه ربما تكون سبباً في تراجع هذه الفطرة أو يأس الانسان من تحقيقها، لربما لا يتمكن من تحقيق هذه الطموحات.
*القرآن الكريم رصيدنا
في ختام سورة (الحج) وبعد أن يبين لنا الله سبحانه وتعالى ملامح الامة الاسلامية وهويتها السامية، يقدم (وصفة) ليست مما يُعطى للمرضى، وإنما هي وصفة حضارية أي برنامج متكامل لو أن اتبعه الناس أو المسلمون لأصبحوا سادة الأرض، وهذا ما يبينه القرآن الكريم؛ تعالوا نقرأ هذه الآيات ونتدبر في أبعادها وآفاقها، لكن قبل ذلك لابد من القول؛ إن الانسان حينما يصاب بصدمة أو يواجه مشكلة أو حينما يعيش أزمة معينة، نراه يرجع الانسان الى رصيده، كمن يريد شراء بيتاً، فيرى ويفتش ما لديه من مال في البنوك ؟ بمعنى إن كل انسان في حالة الأزمة يستنبط داخله ويستخرج كوامن ذاته، ويبحث عما يساعده للخروج من هذه الأزمة، إذن؛ نحن كمسلمين بشكل عام وكعراقيين بشكل خاص، وبالذات في هذه الظروف الصعبة التي نعيشها وهذه التحديات الكبيرة لا بد أن نرجع الى رصيدنا، فما هو رصيدنا؟ هل هو مقدار النفط المدفون في أرض العراق؟ أم الرافدان اللذان يغذيان العراق بكل خير؟ أم الشعب ؟ بلى... كل ذلك يُعد رصيدنا ولكن أهم من كل ذلك، هو القرآن الكريم، فهو رصيدنا الأكبر، فهو يضم رسالات الله والبرامج الإلهية التي سنّها الله تعالى، كما إن رصيدنا أيضاً أولئك الرجال الذين سبقونا في هذا الطريق، إنهم محمد وآل بيت محمد (ع)، هذا الرصيد يحفظنا من التراجع في حال تعرضنا لحالات اليأس أو الإحباط، فنحن نقف أمام من سبقنا من قادتنا وساداتنا وأئمتنا ومن النبي وأصحابه ومن أهل بيته وأنصارهم، وهؤلاء هم الذين علمونا كيف ندير الأزمات ونتحدى المشاكل وكيف نصبح رجالاً ابطال في اللحظات الحاسمة ولا نتراجع.
*الفلاح .. السعادة في كل الأبعاد
يتحدث القرآن الكريم في الآية ما قبل الأخيرة من سورة (الحج) عن الفلاح حيث يقول تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، لنتوقف قليلاً عند كلمة (لعلكم تفلحون)، فماذا تعني كلمة الفلاح؟
إنها السعادة الشاملة، فالانسان ربما يكون سعيداً بأبنائه أو سعيدا ببيته أو ماله أو بأصدقائه وزملائه، أو قد يكون سعيداً بجانب واحد من حياته، فإذا ألمّت به مشكلة من جهة فإنه يقول في نفسه: نعم؛ هذه مشكلة موجودة، ولكني والحمد لله لدي أولاد صالحون وفرصة عمل جيدة وغير ذلك؛ هذا في الجانب المادي في الحياة، ولكن الفلاح أوسع معنىً وأبعد مدىً مما ذُكر، فهي تعني أن يكون الانسان سعيداً في كل أبعاد وجوانب حياته، أي سعيداً في ماله وفي ابنائه وفي عشيرته و في وطنه وفي زملائه وفي حياته وفي موته، لذا يدعونا القرآن الكريم للدعاء: "وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً"، و هذه هي السعادة الحقيقية، إنها سعادة الانبياء وسعادة الدين، وهذه السعادة هي التي يعبر عنها الإمام الحسين (ع) عندما يقول: (إني لا أرى الموت إلا سعادة و الحياة مع الظالمين إلا برما)، فهو (ع) شاهد الرؤيا الايجابية والانفتاح على الآخرة، لذا يرى الموت مجرد جسر أو قنطرة يعبر من خلالها الى الجنة والرضوان و لقاء جده رسول الله وأبيه أمير المؤمنين وأمه الصديقة الزهراء والحسن والأنبياء والصديقين (صلوات الله عليهم).
لذا نقف هنا ونتساءل: أيهما أسعد وأفلح الحسين (ع) أم خصومه الذين حاربوه وما يزالون؟ إنهم ملعونون عبر التاريخ ويلعنهم اللاعنون؟ إذن؛ الفلاح في كلمة واحدة هي تحقيق كل طموحات الانسان وتطلعاته.
وفضلاً عن أن يكون الانسان بنفسه مفلحاً ومنجحاً في الدنيا والآخرة، فان بامكانه أن يكون سبباً في فلاح الآخرين من أخوانه، لذا نجد القرآن الكريم يتحدث في سورة (الحج) ويقول: "لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ" فشهادة الرسول (ص) بالنسبة إلينا هي القيادة والإمامة والطاعة، لأن الله تعالى ما أرسل نبياً إلا ليطاع بإذن الله، إذن؛ فالنبي بمعنى قدوة الخير وأسوة الفلاح والشفيع لأمته، كذلك أي انسان بامكانه أن يكون النسبة لسائر الناس قدوة وأسوة وحتى شفيعاً لهم، لكن بشرط اتباع الدين ونهج الرسول الأكرم وأهل بيته (صلوات الله عليهم)، وهنا أيضاً تتجسد القمة في الفلاح الذي يقصده القرآن الكريم.
*الركوع لله وتحدي أشياء أخرى
إن الانسان لن يرحل عن دار الدنيا إلا وقد استنفذ رزقه المعلوم، فهو يعيش بأجل ويموت بأجل، وكل شيء مكتوب عند الله سبحانه وتعالى، وبامكان الانسان أن يكون في هذه الدنيا من ضمن الرابحين الأعزاء، وليس الخاسرين الأذلاء، وخير من يصف الدنيا أمير المؤمنين (ع) حيث يقول: (الدنيا سوق ...)، فهنالك من يدخل السوق في الصباح ويخرج من الجانب الآخر وقد ملأ جيبه بالمال، أما الآخر فيدخل ثم يخرج وقد أنفق كل ما يملك دون أن يحصل شيئاً. فاذا كان في الدنيا (خط رجعة) أو فرة للتعويض فان في الدار الآخرة لا رجعة ولا فرصة أخرى، آنئذ يقول الانسان: "رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ".
من هنا علينا أن نلتزم بالقرآن الكريم كوسيلة ونصبغ حياتنا بصبغة هذا الكتاب المجيد، ثم نبحث عن (الوصفة) التي أعطانا إياها وهي الوصفة الحضارية، وحينما يخاطبنا القرآن الكريم بصفة: "يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا" فهو بمعنى إن الكلام للمؤمنين فقط، وأولئك الذين وصلوا الى مستوى رفيع والقرآن الكريم يريد أن يدفع بالانسان الى مستوى أرفع وأسمى، وهذا الخطاب المباشر يتطلب الاستجابة السريعة من قبل الانسان، فما أن يسمع كلمة "يا أيها الذين آمنوا" عليه أن يهبّ واقفاً ويقول: (لبيك اللهم لبيك)! حتى ينفتح قلبه وينزل النور من الله تعالى على قلبه مباشرة، ثم يدعوه ويأمره بأن يركع...! وهل منّا من لا يركع؟! الى جانب ركوعنا في صلوات الفريضة، هناك من يركع أحياناً للسلطان وهناك من يركع للدينار وأخر للدولار و...! بمعنى أن علينا أن نركع لله تعالى ونتحدى شيئاً آخر، فمن يخضع لله حقاً فإنه يتحدى الدنيا، أما إذا خضع الانسان للدنيا، فأن نتيجته ستكون الطغيان على ربه!
زينب الكبرى (ع) جالسة عند أبيها الإمام أمير المؤمنين (ع) ذات اليمين والعباس (ع) جالس على شماله، فتوجه الإمام (ع) الى ولده العباس وقال: بني عباس، قل (واحد)، فقال العباس (ع): (واحد)، وهو في ذلك اليوم صغير السن، ثم قال له (ع): قل (أثنان)، فقال: (أثنان)، قل (ثلاثة)، فيقول ثلاثة وهكذا... ثم توجه الى ابنته زينب (ع)، وهو بذلك يعدّها ليوم الطف لتوجه العباس، فقال لها (ع): يا بنية، قولي (واحد)، فقالت (واحد)، ثم قال لها: يابنية قولي (اثنان)، فقالت: يا أبتاه، إن اللسان الذي يقول واحد لا يقول إثنان! فالله واحد لا شريك له، قال الإمام علي (ع): يا زينب إني احبك فقالت: أبتاه أو تحب الله؟ فقال: بلى، فقالت: يا أبتاه قلب واحد لا يجتمع فيه حبّين! فأنت قد استوى واستوعب حب الله على قلبك، وليس هناك مجال آخر، فقال: كيف يابنية؟ فقالت: فإن كان، فان الحب لله والشفقة علينا، فقبلها أمير المؤمنين.
*العطاء على نطاق أوسع
إن الانسان المؤمن يجب أن يكون مقياسة ربّ العزّة والجلالة، وبعبارة أخرى؛ العبودية المطلقة لله تعالى لا لشيء غيره، وهذا ما تدعو اليه سياق الآية: "واعبدو ربكم"، ومن ثم "وافعلوا الخيرات"، هنا الأمر الإلهي واضح بالمبادرة في فعل الخيرات، لا أن يكون الانسان دائم الأخذ، علماً إن الانسان عبارة عن طاقات لا تُحد وامكانات لا تنتهي وينبوع ثر، فهو مملكة الرب، وهذا الانسان الجامع لكل هذه الطاقات الهائلة سيواجه المساءلة بعد الموت، و قد يرى أنه استفاد فقط من واحد بالمليون من طاقاته، لكن أين ذهبت البقية؟
من هنا على المؤمن أن يفجر طاقاته ولا يدع طاقة في طاقاته الداخلية معطلة، بل يكد في طاعة الله، فالاسلام لايدعونا الى عيش الكسل و الخمول والإتكالية بل والموت، فهنالك من تراه حيّا يمشي لكن روحه ميّتة، وكذلك قلبه، وفي الحديث الشريف: (لا تجوز قدم ابن ادم حتى يسأل عن خمس: عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه، وماله من أين حصل عليه، وبأي شيء أنفقه، وعن ولاية محمد وآل محمد)، فالانسان في هكذا ظروف مدعوٌ لأن يفكر أكثر من أي وقت آخر بغيره، ويخرج من إطار ذاته، وإن كان أمامه خير أو نعمة فليرجها للآخرين، وإن كان هناك عطاء، لتكن يده أعلى وأطول بالعطاء، فهنالك من يفكر بعائلته المكونة من خسمة أشخاص فإنه يعمل من الصباح وحتى المساء ليوفر لهم لقمة العيش، لكن اذا فكّر باليتامى والأرامل و المعدمين والذين يرقدون في المستشفيات ولا يملكون نفقات العلاج، عندها ستكون مسؤوليته ومرتبه أعلى.
وهنالك ظاهرة مشهدة في العراق وهي مشكورة في الوقت نفسه، حيث يأتي البعض ليقدم حقوقاً شرعية، لكن في نفس الوقت يقول: إن أختى عندها أولاد أيتام وأخي عنده مشكلة معينة وهكذا، وهذا احساس جميل، وفي الحقيقة يُعد اعظم انجاز لهذا الانسان العراقي الذي يفكر بغيره مع كل الصعوبات والمشاكل التي يعيشها، لكننا لا نزال نحتاج الى المزيد، فهناك أيتام يبكون الليل وأمهم لا تملك شيئاً لتعطيهم، وهنالك أيتام بلا مأوى ومرضى بحاجة الى تكاليف العلاج، وهناك أرامل بل هنالك أناس منطوين على الجوع، الامر الذي يتعين علينا ان نوظف كل الطاقات لتسجيل حضورنا في هذه الساحة في عالم الدنيا، لتنفعنا في عالم الآخرة.
ينقل عن العلامة المجلسي (رضوان الله عليه) وهو صاحب تلك الموسوعة الضخمة من الاحاديث الشريفة، وضعوه في القبر - وهذه رؤيا صادقة إن شاء الله- فقال الله تعالى له: محمد باقر...! حيث هناك لا وجود للألقاب والكنيات كالسيد أو الشيخ أو آية الله العظمى...! الأسم وحسب، فقال المجلسي: نعم يا مولاي، فقال الله تعالى له: ماذا جلبت معك الليلة؟ فقال: جلبت معي كتاب (بحار الانوار)، فقال له الله تعالى: نِعمّ ما جلبت، لكن بدايته (حادّة) قليلاً! وفيه مدحٌ للسلاطين، ثم ذكر المجسلي كتب أخرى عديدة، ثم قال: كنت أسير ذات يوم في الشارع - وأنت أعرف يارب بي - وإذا بشخص أعرفه وكان تقياً ومظلوماً وكان مديوناً، وقد أنهال عليه الدائنون بالضرب بسبب عدم امتلاكه ما يعطيهم، فخلصته من أيديهم ومن ثم أقدمت على بيع ما أملك وأعطيت ثمنه للدائنين، يقول حينها: فسمعت كلمة كأنه الدنيا صاحت و دوّت في كل مكان: (قبلناه...)! وحالما سمعت هذه الكلمة، واذا بالقبر الضيق يصبح كأنه عرصه الجنة.
*المبادرة قبل الآخرين
يبين لنا ربنا ملامح الأمة الاسلامية و المجتمع الاسلامي، ويؤكد القرآن الكريم بان مفهوم الأمة ليس بالضرورة بالكثرة والعدد، أي ليس بالضرورة أن تكون الأمة الاسلامية مليار وخمسمئة مليون انسان، لأن في بعض الاحيان تكون ثلاثة، كما كان الرسول الأكرم (ص) في فجر الدعوة الاسلامية، حيث كان يقف يصلي وخلفه علي (ع) وخديجة تصلي وراءه، فهؤلاء كانوا أمة، وفي يوم من الأيام كان أبراهيم وحده أمة، تقول الآية الكريمة: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (النحل /120)، لذا لا يجب على الانسان أن ينتظر أن يكون الناس طيبين وجيدين حتى يكون مثلهم، بل يفكر بأن يكون هو الجيد والأحسن، وفي سياق الآيات الكريمة من سورة (الحج) يأمرنا تعالى: "وجاهدوا في الله حق جهاده"؛ هذه الآية فيها من الغرابة، ما لو أنها كانت وحدها في القرآن لكان من الصعب جداً على الانسان تطبيقها، فهل هناك من يجاهد حق جهاد رب العالمين؟ وهل هناك شخص في الدنيا يمكنه أن يعطي حق الله؟ إنه حقاً سؤال صعب، لكن بعد هذه الآية يأتي قوله تعالى: "هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج"، بمعنى ليكن هناك توازن بين جهادك وبين الحرج، فحدود الجهاد هو الحرج، فاذا وصلت الى الحرج، أي الى التعب الحقيقي فلك أن تتوقف.
لمن يريد الاجتباء والاصطفاء وبلوغ القمة عليه أن يجاهد في الله حق جهاده، "وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة ابيكم ابراهيم"، إنه طريق ابراهيم وخطه، فابراهيم النبي الذي يكرمه ويقدسه اليوم العالم المؤمن برمته، "هو سماكم المسلمين من قبل"، فمن ذلك الحين قال: إن هذه الأمة الاسلامية، لأنها أسلمت أمرها الى الله والى الرسول، وعلى هذا نحن في ذلك اليوم مسلمون واليوم مسلمون أ يضاً "ليكون الرسول شهيداً عليكم".
هنا القرآن الكريم يعطينا الهدف، والهدف هو الجهاد في الله حق جهاده حتى يكون الرسول شهيداً عليكم ونحن مسلمون له ومطاع فينا ونسمع كلامه "وتكونوا شهداء على الناس"، فيكون المؤمنون هنا بمنزلة القيادات الوسطى بين الرسول وبين ابناء الامة الاسلامية، "فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله"، فمرة يقول القرآن الكريم: "واعتصموا بالله" ومرة يقول: "واعتصموا بحبل الله"، ومرة اخرى يقول أيضاً: "واعتصموا بالله" ولكن ضمن سياق معين، فحينما يقول ربنا تعالى في سورة (آل عمران) "وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله قد هدي الى الصراط المستقيم"، فهنا القرآن الكريم يبين أن الاعتصام بالله هو معنى الاعتصام بالرسول والاعتصام بالقرآن الكريم "وكيف تكفرون وانتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي الى صراط مستقيم" ثم يقول: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون" ثم يقول: "واعتصموا بحبل الله جميعاً" هنا يقول تعالى: "واعتصموا بالله" فكيف نعتصم بالله؟ إنه بمعنى أمرين: الاعتصام بالقرآن الكريم والاعتصام بالرسول وأهل بيته (ع)، وقد قال رسول الله (ص): (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي).
|
|