قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
حكاية للعبرة:
الحظ العاثر أم الرضا بالقضاء والقدر؟
إعداد / خالد الانصاري
الرضا بالقضاء والقدر، من المفاهيم الدينية التي طالما أكد عليها القرآن الكريم والسنة الشريفة للرسول الاكرم والأئمة الاطهار صلوات الله عليهم، لكن في نفس الوقت هي من المفاهيم التي يتقاطع معها الكثير من الناس بسبب تصورات وقناعات تتحكم في عقولهم بانهم وما في ايديهم من قدرات وامكانات، يمكن ان يصنعوا أي شيء، لذا لا مجال للاخفاق والفشل، بمعنى تحقيق أي شيء بكل شيء، سواء كانت الوسيلة نبيلة وشريفة أم كانت دنيئة وخسيسة. بيد ان الاسلام يأتي ويسحب هذا الصاعق من نفوسنا ويعطينا (الرضا بالقضاء والقدر)، ليهبنا الاطمئنان النفسي بان نواصل العمل والنشاط في الحياة مهما كانت النتائج والظروف، لأن (الله من وراء القصد)، وليس شيء آخر. فالنجاح خير كما الفشل خير ايضاً.
وعن هذه القضية نسجت قصص وحكايات بصيغ عديدة، حول الرضا بالقضاء والقدر، وكيف ان الانسان المتفائل دائماً تكون الظروف له مؤاتية.
ومن تلكم الحكايات قصة ذلك الشيخ كان يعيش فوق تل من التلال، ويملك جواداً وحيداً محبباً إليه، ففر جواده، وجاء إليه جيرانه يواسونه لهذا (الحظ العاثر)، فأجابهم بلا حزن، وما أدراكم أنه حظٌ عاثر؟
وبعد أيام قليلة عاد إليه الجواد مصطحباً معه عدداً من الخيول البرية، فجاء إليه جيرانه يهنئونه على هذا الحظ السعيد، فأجابهم بلا تهلل...! وما أدراكم أنه حظٌ سعيد؟!
ولم تمض أيام حتى كان إبنه الشاب يدرب أحد هذه الخيول البرية، فسقط من فوق أحدها وكسرت ساقه، فجاءوا للشيخ يواسونه في هذا (الحظ العاثر)، فأجابهم بلا جزع: وما أدراكم أنه حظ عاثر؟!
وبعد أسابيع قليلة أُعلنت الحرب، وجندت الدولة شباب القرية والتلال، لكنها أعفت إبن الشيخ من القتال لكسر ساقه فمات في الحرب شبابٌ كثيرون.
وهكذا ظل الحظ العاثر يمهد لحظ سعيد، والحظ السعيد يمهد لحظ عاثر إلى ما لا نهاية في القصة، وليست في القصة فقط، بل وفي الحياة. فأهل الحكمة لا يغالون في الحزن على شيء فاتهم، لأنهم لا يعرفون على وجهة اليقين إن كان فواته شرا خالصا أم خيرا خفيا أراد الله به أن يجنبهم ضرراً أكبر
ولا يغالون أيضاً في الابتهاج لنفس السبب، ويشكرون الله دائماً على كل ما أعطاهم، ويفرحون بإعتدال
ويحزنون على مافاتهم بصبر وتجمل، وهؤلاء هم السعداء، فإن السعيد هو الشخص القادر على تطبيق مفهوم (الرضا بالقضاء والقدر)، ويتقبل الاقدار بمرونة وايمان، لايفرح الإنسان لمجرد أن حظه سعيد فقد تكون السعاده طريقًا للشقاء والعكس بالعكس.