الإبتسامة ودورها الإيجابي
|
* هشام ماجد آل شرف
إن الابتسامة ربيعاً يسر من يراه و هي أفضل وأسمى رسالة ٌ من رسائل الحُب والصدق والإخلاص وهي عكس العُبوس والتجهّم والتقطيب ولغة ٌ لا تحتاج إلى ترجمة وتعتبر حركة ٌ قصيرة ُ الزمن تظهر فيها الأسنان وتبُسط المَشافر والشفاه، وأفضل الحلول للقضاء على المشاكل والمنازعات بين الفرد والمجتمع. قالوا في الأمثال: (أبتسم... ربما غداً يكون أسوأ من اليوم).
وهي أيضاً لغة ٌ تسمو بالرقة والزهاء فبدورها تقوم بالدخول إلى القلوب بشكل ٍ سريع ويبدأ تأثيرها السحري حيث أنها تجعل الإنسان في العالم الآخر وتجعل كل من حوله سعيداً وُتعتبر كالتحية ُ الصامتة قال الإمام علي عليه السلام: (وجه ٌ مُستبشرٌ خيرٌ من قطوبٌ مؤثر)، وهي أيضاً سببٌ للتهدئة والترويض وامتصاص الغضب والهيجان، حيث أنك بابتسامةٍ واحدة من الذي أغضبك سوف تسامحه على كل خطأ لأن الابتسامة سوف تكفي عن الاعتذار وهي دليل ٌ على التربية الأدبية السليمة، وهي أيضاً سببٌ للبُعد عن الهُموم والأحزان وتخفيف المُعاناة وإنارة ٌ للشفاه لأن بريق الابتسامة حتماً سوف يطغى على الزعل بل أنها أيضاً سوف تحوّل الخريف والشتاء إلى ربيع وأنهار و ورود حمراء يملؤها الحُب وهي حركة ٌ تنفسية توّلد السعادة وتحسّن المزاج وعكسها الاكتئاب وتعتبر كصمام أمان تحقق السلام النفسي وتجعلك أكثر شباباً وهي وسيلة من وسائل التطهير العقلي وتعبيرٌ مريح وترجمة ٌ صادقة، هي أيضاً سببٌ لتنشيط الدورة الدموية وهي من الأدلة والبراهين لإثبات الشخصيات السوية والمتواضعة لأن الشخص المتواضع و كثير الابتسامة مع الغير هو عكس المُتكبر المُتغطرس والذي دائماً في حالة عُبوس.
إن الابتسامة هي كالحديقة الغناء وهي ظاهرة ٌ حضارية ومن أسرار التجاذب وهي كالكلمة الجميلة التي لا تحتوي على أحرف تملأ الصدر بالانشراح وفي بعض الوجوه تتكون حفرة صغيرة في وسط الخدود تعطي الوجه جمالا ً لا يوصف وهي سببٌ للاستقرار النفسي وخفض التوتر الشرياني وسببٌ لإنعاش أعضاء الجسم واسترخائها وهي سببٌ لمُحاربة الأمراض وتدغدغ الروح بالفكاهة وإحساس بالنشوة وتزيل الوحشة ودلالة على شفافة الشخصية وتبعد الإنسان عن التقرحات وسببٌ من أسباب التجدّد ويقال بأنها تحسّن القدرة الجنسية!
إن البسمة يا أعزائي... تعلمنا القناعة فيجب أن لا نبخل بها وتعلمنا أيضاً بأن كل ما يُصيبنا هو قضاءٌ من المولى تعالى وهي سببٌ من أسباب الابتعاد عن الكآبة المُزعجة وسببٌ في جفاء وجفاف الدموع الحزينة والخروج من المواقف الحرجة وسببٌ للهدوء والراحة للمُبتسم حيث أنها تساعد في شفاء الأمراض لأن الإنسان المهموم بأمراض مُزمنة عندما تبتسم في وجهه سوف تهوّن عليه بابتسامتك له، قال الإمام علي عليه السلام: (أصحب الناس بأي خلق شئت يصحبونك بمثله)، إن الابتسامة هي نوع من أنواع الضحك اللطيف وهي علاج ٌ وقائي ومراعاة للأدب وممارسة لتحسين العلاقات و هي كالدواء الشافي من العلل العقيمة والجروح العميقة وهي السلوى للقلوب المُفجعة لأن الابتسامة تطوّل العمر وهي سببٌ في تنمية العلاقات وجعلها مُتقاربة لأنها سلوك إنساني رائع ومعاملة ٌ فاضلة وجميلة لا تكلف الإنسان شيء بل هي من أبسط الطرق لكسب الصداقات وربما أن مدتها برهة ً من الزمن ولاتكلف العناء لكن لها تأثيراً لا يوصف، فكم من الشعوب والقبائل تصافحت وتسامحت مع بعضها بابتسامة ٌ واحدة، وكم من زوجةٍ سامحت زوجها والعكس كذلك بابتسامة صادقة، وكم من صداقات كونت من ابتسامة. وهي أيضاً سببٌ للبعد عن العداوة والتحلّي بروح الدعابة والمزح والنفس المَرحة وسببٌ لنشر الارتياح والبُعد عن ما تسمى بالتكشيرة فنحن نجد الإنسان المُبتسم يملك الناس بابتسامته ويكون محبوباً منهم وعكس المُكفهر دائم الغضب الذي لا يطاق ولا تطاق مُجالسته.
ان الابتسامة سببٌ من أسباب نجاح الفرد وكسب المُجتمع بأكمله وإشعار الآخرين بالدفء الإنساني، ولها رونقٌ جميل ولا يوصف قد يجهله البعض فهي شق الطريق المليء بالمسرات وهي شعورٌ بالأمان والبُعد عن الوضع المُزري. فلابد أن نبتسم لهذه الحياة القصيرة التي مصيرها الفناء والمليئة بالواجبات، والابتسامة من أوجب الواجبات علينا، فتبسّم كي تكون أجمل وأنقى ولأن الابتسامة ينبوع ٌ غزيرٌ فيضه واسع وأنها تحوّل اللون الأسود المُعتم المليء بالأحزان إلى اللون الوردي المليء بالفرح وتزيد الوجهَ بهاءاً وحلاوة.
وقد أثبت العلماء أن الابتسامة تؤخر الشيخوخة والكهولة وتجاعيد الوجه وتطيل العمر عكس الإنسان العبوس الذي يملؤه الغضب المُستمر وبسبب غضبه تتراكم عليه الأمراض المُزمنة. قال العالم (روبرت أنجر سول): الغضب ريح ٌ تهب فتطفئ مصباح العقل، وقد أثبت العلماء أيضاً بأنها تنشيط ٌ للغدد الليمفاوية وهي طريقة بريئة لامتلاك القلوب فمثلا ً النظر لوجه الطفل الوليد عندما يبتسم فيدخل الفرح والسرور إلى قلوبنا فبراءته تكمن في ابتسامته الجميلة والدليل عندما قيل عنها أنها هي السحر المُحلل ورسالة من رسائل الود.
وليس كل الابتسامات جيدة ومثمرة ، فهنالك الابتسامة الخجلة والابتسامة الزائفة والابتسامة الساخرة والابتسامة المنافقة والابتسامة الغامضة والابتسامة اليائسة والابتسامة المُجاملة والابتسامة الصفراء ابتسامة التعجّب وغيرها، لكن هذه الانماط لا يجب ان تدفعنا لأن نكون سلبيين من الابتسامة بشكل عام، فيمكن التمييز الى حدٍ ما بين الابتسامة الحقيقية عن غيرها، لكن لا يمكن تعويض الابتسامة بالعبوسية وتقطيب الجبين والجدية المستمرة في التعامل فيما بيننا، فالحياة ستكون آنئذ لا تطاق حقاً.
|
|