قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

خلاف دائم واحباط متواصل
احمد عبد الرحمن
منذ تشكيل الحكومة بعد مخاضات عسيرة امتدت تسعة شهور، وحتى الان، من السهل جدا ان يلمس المتابع للمشهد العراقي العام ومن اية زاوية كانت ان مجمل المشاكل والازمات، ومختلف القضايا الخلافية العالقة لم تجد طريقها الى الحل او حتى الى الحلحلة، وبدلا من ذلك فأن الملاحظ طيلة الشهور التسعة المنصرمة ان مساحات التشنج والاحتقان وتزعزع الثقة بين الشركاء السياسيين كانت تتسع على حساب مساحات التفاهم والتوافق والانسجام التي راحت تتقلص وتنحسر شيئا فشيئا.
في داخل مفاصل السلطة التنفيذية تبرز التناقضات والتقاطعات في المواقف والتوجهات حول قضايا محورية ومهمة وخطيرة، وفي داخل السلطة التشريعية –الرقابية تتجاوز الخلافات والاختلافات المستويات والحدود الطبيعية في بعض الاحيان لتؤدي الى تعطيل الدور الحقيقي المطلوب للبرلمان، وبين السلطتين وان كانت هناك ادوار ومهام مختلفة وفي ذات الوقت مكملة لبعضها البعض وفق الدستور، فأن التجاذبات غالبا ما نحت منحى حزبيا ضيقا. ولاتختلف الاجواء والمناخات في اطر الحكومات المحلية بالمحافظات وفي علاقاتها مع المركز، ناهيك عن التأزم والتصعيد المتواصل بين بعض الكتل السياسية الرئيسية.وازاء كل ذلك وما ينتج عنه من تبعات واثار ونتائج سلبية على الاصعدة الامنية والخدمية والحياتية والاقتصادية والنفسية والمعنوية، يقف المواطن العراقي متحيرا ومحبطا ومستاء لانه في النهاية الطرف الخاسر ، او الطرف الاكثر خسارة مما يجري.
وفي وقت مبكر اكد العقلاء والحكماء واصحاب النظرة الموضوعية والافق الواسع، ان الحل ممكن ومتاح ومتيسر.. ويتمثل بالحوار البناء والايجابي والصريح، على اسس وطنية. ومثل هذا الحوار الذي لم يتحقق حتى الان يمكن من خلاله تشخيص نقاط ومواضع الضعف والقصور والخلل، والفصل والتمييز بين المصالح الوطنية العامة والمصالح الحزبية والفئوية الخاصة. ومن ثم تحديد الاولويات على ضوء واقع البلد واحتياجات ومتطلبات ابنائه لا وفق اجندات وحسابات هذا الطرف او ذاك.والعمل في هذا الاطار من الطبيعي ان يوفر الارضيات المناسبة لتفعيل وتكريس مفهوم الشراكة الوطنية الحقيقية واخراجه من دائرة الشعارات والمزايدات الى ميدان الفعل الحقيقي المنتج.ولعل التجربة- او التجارب-السابقة اثبتت ان منهج الاقصاء والتهميش والتزاحم والتدافع والتنصل من الاتفاقيات، والالتفاف على الدستور يعود على الجميع بأسوأ النتائج، ومن الخطأ افتراض انه فيه طرفا رابحا والاخر خاسرا.
اذا لم يعاد النظر في منهج التعاطي مع القضايا الخطيرة والمهمة موضع البحث والنقاش، والاحتكام الى الثوابت والمباديء الوطنية وتغليب مصلحة الشعب على مصلحة الحزب والمكون والكتلة، فأن حلولا ومعالجات جذرية وحقيقية لن تبصر النور ابدا.